لندن: في خريف العام الماضي انطلقت شرارة الأزمة المالية العالمية, مع أزمة الرهن العقاري وتساهل البنوك الأمريكية في الإقراض.. ويبدو أن البنوك الدولية قد تعلمت الدرس, فقد أظهرت بيانات صادرة عن بنك التسويات الدولية أن معدلات الإقراض انخفضت في عام كامل بأكثر من ستة تريليونات دولار، وذلك خلال الفترة من نهاية مارس 2008 إلى نهاية مارس 2009. وجاء تشدد البنوك الدولية في الاقراض مع استمرار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, ومخاوف من إفلاس الشركات وانعدام ديونها. وأفاد بنك التسويات الدولية بأن الإقراض انكمش خلال العام الحالي بمقدار 1.5 تريليون دولار في الفترة من يناير حتى مارس بأسعار الصرف الحالية أو بأكثر من 4 %. ويعد هذا التراجع أفضل من التراجع الذي سجله الربع الأخير من العام الماضي 2008, والذي كان يعد الأسوأ من 30 عاما. وتظهر الإحصاءات, وهي الوحيدة التي ترسم خريطة بشأن الإقراض عبر الحدود في أنحاء العالم, أنه رغم الجهود التي بذلتها حكومات دول العالم من أجل فك جمود الائتمان في الأسواق إلا أن البنوك كانت تخفض التمويل للشركات ومقترضين آخرين. وأوضحت الأرقام التي نقلتها صحيفة الاقتصادية السعودية تراجع الإقراض عبر الحدود إلى 29.4 تريليون دولار في نهاية شهر مارس 2009 مقارنة ب35.8 تريليون دولار في نهاية مارس 2008 ليتأثر مجددا بقوة الدولار الأمريكي. وقال بنك التسويات الدولية, وهو الهيئة التنسيقية للبنوك المركزية في العالم, إنه بافتراض ثبات أسعار الصرف, وهو ما يلغي أثر التراجع في أسعار اليورو وغيره من العملات مقارنة بالدولار, يكون الإقراض قد تراجع بواقع 700 مليار دولار في الربع الأول وبنحو 3.3 تريليون دولار خلال الأشهر ال 12 الماضية. وتزايد الإقراض بشكل مطرد خلال العقود الثلاثة التي تابعها بنك التسويات الدولية مع نمو الاقتصاد العالمي لكن الإقراض تراجع من أعلى مستوى بلغه في شهر مارس 2008. وانكمش الإقراض بنحو 1.9 تريليون دولار في الربع الأخير من العام الماضي أو بنسبة 5.7 % بافتراض ثبات أسعار الصرف مسجلا أكبر انخفاض منذ بدأ البنك إصدار بيانات في 1977 مع تعمق الأزمة المالية العالمية عقب انهيار بنك الاستثمار الأمريكي "ليمان براذرز". وحسبما قال بنك التسويات الدولية, فأنه في الفترة من يناير حتى مارس انخفض الإقراض المقوم بالين الياباني بنسبة 15 %، وانخفضت القروض المقومة باليورو فيما بين البنوك بنسبة 3 % والقروض المقومة بالدولار بنسبة 2 %. وتأتي تلك التراجعات في معدلات الاقراض رغم تأكيدات قمة مجموعة العشرين, التي استضافتها لندن في أبريل الماضي، على ضرورة استئناف البنوك عمليات الإقراض حتى لا تزيد الأزمة المالية عمقا، غير أن البنوك ما زالت مترددة في إقراضها طويل الأجل.