يأتي قرار وزارة الخزانة الأمريكية بوضع خطة لإنقاذ عملاقي صناعة التمويل العقاري في الولاياتالمتحدة "فريدي ماك" و"فاني ماي" وذلك بعد أن تبين للخبراء من واقع عمليات التدقيق والمراجعة للدفاتر أن المصرفين وبشكل خاص "فريدى" قد انتهجا نظم محاسبية ورغم قانونيتها إلا أنها أدت لتضخيم مركزاهما المالية. ووفقا لمصادر مطلعة فقد تم تكليف مجموعة "مورجان ستانلي" من جانب وزارة الخزانة الأمريكية لفحص الأوضاع المالية لمؤسستي التمويل العقاري. وتشير المصادر، كما أوردت شبكة بلومبرج الإخبارية، إلي أن خطة الانقاذ تستهدف وضع الشركتين والتي وصلت حجم قروضهما في السوق العقاري الأمريكي لنحو 600 مليار دولار وذلك تحي الوصاية, علي أن يتم ضخ الأموال من جانب الحكومة الأمريكية بصورة دورية للشركتين عن طريق شراء الأسهم الممتازة القابلة للتحول. ويسعي وزير الخزانة الأمريكي من خلال خطة الإنقاذ التي سيعلن عن تفاصيلها في وقت لاحق إلي تجاوز مرحلة أزمة الثقة سواء علي المستويين الأمريكي والعالمي تجاه مؤسستي التمويل العقاري اللتين تواجهان شبح الانهيار في ظل الخسائر التي لحقت بهما نتيجة حالة الركود العقاري التي تشهدها الولاياتالمتحدة والتي تعتبر الأسوأ من نوعها منذ مرحلة الكساد الكبير التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي في ثلاثينات القرن الماضي. ومع تصاعد الخسائر المتعلقة بعمليات الإقراض العقاري منذ أواخر العام الماضي في الوقت الذي شهدت فيه أسعار المساكن تراجعا، بلغت صافي الخسائر المجمعة لشركتي "فريدي ماك" و"فاني ماي" إلى نحو 14.9 مليار دولار وهو ما كان له انعكاس سلبي على رأسمال الشركتين. وقد عملت شركة "فاني ماي" على رفع رأس المال بنحو 14.4 مليار دولار خلال الفترة منذ نوفمبر الماضي بينما قامت "فريدي ماك" ببيع ما قيمته 6 مليارات دولار من الأسهم المفضلة. ومن واقع عمليات التدقيق في الدفاتر، فقد تبين أن حجم رأس المال لدى "فاني ماي" بلغ 47 مليار دولار حتى نهاية يونيو، بينما يقدر حجم رأس المال المفترض من قبل الخبراء المكلفين بمتابعة الوضع المالي للشركة ب37.5 مليار دولار. كما أظهرت عمليات فحص الدفاتر لشركة "فريدي ماك" أن رأس المال يبلغ 37.1 مليار دولار، بينما يبلغ حجم رأس المال المفترض 34.5 مليار دولار. وتشير تقديرات أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز" عبر موقعها الإلكتروني إلى أن فاتورة خطة الإنقاذ الأمريكية قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، ومن المرجح أن تكون واحدة من أكثر خطط الإنقاذ تكلفة بالنسبة لدافعي الضرائب في الولاياتالمتحدة. وأشارت صحيفة "الحياة" اللندنية إلى أن الخطة المقترحة ترقبتها أسواق المال الأمريكية بتقلبات حادة، بدأت مع نجاح بولسن في إقناع الكونجرس بمنحه شيكاً مفتوحاً لإنقاذ القاطرة الرئيسية لتمويل الرهن العقاري في نهاية يوليو الماضي، وتسارعت بعد إعلان المؤسستين مؤخرا عن خسائر ضخمة ارتبطت بنشاطهما في مجال تمويل الرهون العقارية وضمانها. ونسبت صحف أمريكية إلى مسئولين في الحكومة وبعض الشركات، أن بولسون ورئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي) بن برنانكي أخبرا المديرين التنفيذيين ل "فاني ماي" و"فريدي ماك" دانيل مود وريتشارد سايرن، في اجتماعين منفصلين مساء الجمعة الماضي، أن الحكومة في صدد اتخاذ إجراءات لوضع المؤسستين في «عهدتها» بصفة موقتة، لكنها ستدعم حقوق حاملي سنداتهما وستسمح لهما باستئناف نشاطهما لاحقاً بعد تعديلات جذرية. وتضاربت التقارير الصحفية في شأن مصير أسهم المؤسستين، ففي حين أكد أحدها أن الحكومة التزمت حماية أسعار الأسهم العادية، وفي درجة أكبر الأسهم المفضلة التي تتركز ملكيتها لدى المصارف والمؤسسات الاستثمارية الكبرى، استبعدت تقارير أخرى مثل هذا الالتزام. لكن التقارير اتفقت على إبراز أهمية أن إدارة بوش لم تكتف بتحميل مديري البنكين مسئولية كاملة عن متاعب "فاني مي" و"فريدي ماك"، بإزاحتهما مع مجلسي إدارتهما، بل التزمت دعم مديونية المؤسستين.