شركات النفط الأمريكية..الرابح الوحيد من حرب العراق محيط كريم فؤاد من المؤكد أن الحرب التي تقودها أمريكا على العراق منذ عام 2003 والتي أدت إلى مقتل مليون شخص واضطر ثلاثة ملايين للهجرة خارج البلاد، كان الرابح الوحيد فيها هو شركات النفط ومقاولو الدفاع وعلى رأسها شركة هاليبرتون التي كان يرأسها نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني. أعلن ذلك الاقتصادي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل للسلام جوزيف ستيغليتز في كتاب جديد له يفند أكاذيب الإدارة الأمريكية حول غزو العراق. وكشف الكتاب الذي حمل عنوان "حرب الثلاثة تريليون دولار" والذي حمل توقيع الأكاديمي الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز و الكاتبة ليندا بيلمز أن حرب العراق تكلف أمريكا 12 مليار دولار شهرياً. وقال ستيغليتز انه مع قرب حلول الذكرى الخامسة لغزو العراق بقيادة الولاياتالمتحدة فان واشنطن تكبدت إلى هذا التاريخ نحو ثلاثة تريليونات دولار إلى جانب ثلاثة تريليونات أخرى تكبدها اقتصاد دول أخرى حول العالم وهو مبلغ يوازي أضعاف ما أعلنت عنه إدارة بوش في البداية بان الحرب لن تكلف أكثر من خمسين مليار دولار في وقت أصبحت الولاياتالمتحدة تتكلف هذا المبلغ كل ثلاثة أشهر مع توقعات بارتفاع هذه التكاليف خلال الأشهر القادمة. وأشارت وكالة الأنباء السورية "سانا" إلى أن الكاتب أوضح أن الإدارة الأمريكية عمدت إلى تحميل الأجيال القادمة تبعات هذه الحرب من خلال الإنفاق بالاستدانة مرجحا ارتفاع الدين الأمريكي الوطني الداخلي الذي كان نحو 5.7 تريليونات دولار حين تولى بوش الرئاسة إلى 7.7 تريليونات في حرب تعدت تكاليف الحرب العالمية الثانية. كما أوضح أن الولاياتالمتحدة أغرقت الاقتصاد بالسيولة وأخذت الإجراءات التنظيمية تبحث عن طرق أخرى عندما كانت الديون الأمريكية تتجه نحو التصاعد بسرعة عالية حيث أضحى المواطن الأمريكي يعيش على النقود المقترضة والزمن المؤجل. ونوه أنه من شأن تنفيذ عملية انسحاب وخفض كبير مبكر لعديد القوات الأمريكية في العراق أن يخفض من هذه التكاليف إلا انه لن يحل مشاكل الولاياتالمتحدة الاقتصادية والمالية والسياسية التي غرقت فيها. ويحاول الكتاب الجديد يكشف أكاذيب الإدارة الأمريكية بشأن كل مجريات الحرب في العراق ابتداء من دوافعها وانتهاء بتكاليفها، موضحا أن فريق بوش كذب بشأن كل شيء فيما يخص الحرب على العراق ابتداء بأسلحة الدمار الشامل وانتهاء بارتباط العراق بتنظيم القاعدة وهما قضيتان لم يثبت منهما أي شيء للمتابع لهذا الشأن مؤكدا على أن العراق لم يتحول إلى ارض صالحة لرعاية الإرهاب إلا بعد غزو الأمريكي لهذا البلد في مارس من العام 2003. مؤشرات الانهيار من المعروف أن العراق يوصف بالجزيرة التي تقبع على بحيرة من النفط حيث يملك ثلث احتياطي النفط الخام في العالم، الشباب العراقي والمستقبل المجهول وقد أدى الغزو الأمريكي إلى انتكاسة للاقتصاد العراقي حيث انخفضت مستويات إنتاج النفط لتصل إلى مليوني برميل يوميا. وعلى صعيد الأرقام المعلنة فقد كشف تقرير اقتصادي أن مؤشر التضخم السنوي في العراق ارتفعت خلال الفترة من أكتوبر 2006 وحتى أكتوبر 2007 بنسبة 20.4%،وكان من الطبيعي أن ينعكس أثار ذلك التدهور الذي لحق باقتصاد العراق على حياة المواطن حيث ارتفعت نسبة البطالة بين أفراد الشعب العراقي إلى أكثر من 50%، ووصلت معدلات الفقر إلى مستويات قياسية تجاوزت نسبة ال 60%. وبعد سقوط بغداد كشفت هيئة النزاهة العامة في العراق أن قيمة أموال الهدر والفساد الإداري والمالي قد ازدادت لتصل زهاء الثمانية مليارات دولار، ليحتل العراق إلى جانب هايتي وبورما من بين أكثر الدول فسادا في العالم. ولإصلاح ما دمرته الحرب كشفت دراسة اقتصادية حديثة أن فاتورة أعمار العراق حتى عام 2010 تبلغ نحو 187 مليار دولار، وقدرت الدراسة التمويل المحلي الممكن بقيمة 42%، ما يعني أن الحصة المطلوبة من الاستثمار الأجنبي والقروض والمنح هي 58%. أولويات الإنفاق مما لا شك فيه أن الحروب التي تقودها أمريكا في العراق وأفغانستان قد أدت إلى إيقاف برامج اجتماعية مهمة في الولاياتالمتحدة، حيث أكدت منظمة خدمة الأصدقاء الأمريكيين (كويكرز)، أن واشنطن تنفق 500 ألف دولار في الدقيقة على الحرب في العراق بدلاً من الإنفاق على التعليم المبكر للأطفال، أو الرعاية الصحية، أو مشروعات الطاقة المتجددة". وقال "مايكل ماكونيل" مدير لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكيين في منطقة البحيرات العظمى (الواقعة بين أمريكا كندا): أن المعلومات التي صدرت مؤخرًا عن مكتب الإحصاء القومي الأمريكي جاء فيها أن 36.5 مليون شخص في الولاياتالمتحدة هم "فقراء" رسمياً، وأكثر من ثلث هؤلاء هم من الأطفال. وتقوم المنظمة المعنية بنشر السلام والعدالة الاجتماعية ومساعدة المدنيين من ضحايا الحروب بحملة كبرى على مستوى الولاياتالمتحدة لإلقاء الضوء على التأثيرات الاقتصادية للحرب ومطالبة الكونجرس بتحويل الإنفاق على الحرب إلى دعم الاحتياجات الإنسانية للأمريكيين، وخاصة في ظل تتصاعد الأصوات المطالبة بضرورة توجيه الولاياتالمتحدة الأموال المخصصة للعمليات العسكرية الخارجية إلى الإنفاق الداخلي على التعليم والصحة ومحاربة الفقر.