الدولار في انتظار خفض جديد للفائدة الأمريكية محيط خاص بات من المؤكد أن شبح التراجع سيظل يلاحق الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة وما قد يحمله ذلك من تداعيات سلبية على العديد من اقتصاديات العالم سواء المتقدمة أو الناشئة.
ففي الوقت الراهن تعتبر العملة الخضراء أبرز ضحايا أزمة الرهن العقاري الأمريكية وذلك في ضوء المحاولات التي يبذلها حاليا بنك الاحتياط الفيدرالي لانتشال الاقتصاد الأمريكي من أثار تلك الأزمة وتحديدا مخاطر الركود التي ستلقي بالطبع بظلالها على أداء الاقتصاد العالمي الذي يواجه حاليا ضغوط الارتفاعات القياسية لأسعار الطاقة.
وفي إطار الإجراءات المتخذة لاحتواء أصعب أزمة عقارية تشهدها الولاياتالمتحدة منذ نحو ال 16 عاما، أصبح غير مستبعد إقدام الاحتياط الفيدرالي خلال اجتماعه المرتقب يومي الأربعاء والخميس المقلبين علي عملية خفض جديدة لأسعار الفائدة التي ستبلغ حاليا 4.75% في الوقت الذي من المنتظر فيه كما تشير تقديرات المحللين التي أظهرتها شبكة بلوم برج أن يبقي المركزي الأوروبي أسعار الفائدة عند مستواها الحالي البالغ 4% وذلك خلال اجتماعه في الثامن من الشهر المقبل.
وهناك توقعات أيضا بإقدام الاحتياط الاسترالي على إجراء رفع لأسعار الفائدة لديه الشهر المقبل بنحو الربع نقطة مئوية لتبلغ 6.7%.
وقد هبط اليوم سعر العملة الأمريكية لأدني مستوياته أمام نظيره الكندي منذ نحو ال 33 عاماً في الوقت الذي انخفض فيه أيضا الدولار لأدني مستوياته مقابل الدولار الاسترالي منذ ال 23 عاماً.
وقد شهد سعر الدولار في وقت سابق اليوم أدني مستوياته أمام اليورو وذلك منذ بدء إطلاق العملة الأوروبية في عام 1999 حيث وصل سعر العملة الأمريكية ل 1.4438 دولار لليورو قبل أن يرتفع خلال التعاملات الصباحية في لندن إلى 1.442 دولار.
وهناك توقعات بان يواصل الدولار الذي فقد حتى الآن نحو 8.5% من قيمته أمام العملة الأوروبية منذ بداية العام حيث قد يصل لمستوى ال 1.50 دولار قبل نهاية العام خاصة في ظل اتساع الفجوة بين مستويات العائد لصالح العملة الأوروبية.
وبالطبع فإن استمرار مسلسل خسائر الدولار سيكون له انعكاساته السلبية على اقتصاد الكتلة الأوروبية حيث حذر بالفعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من الإضرار التي قد تلحق بصادرات اقتصاد منطقة اليورو الذي يبلغ ناتجة الإجمالي نحو العشرة تريليونات دولار.
وتشير الآراء إلى أن السياسة الراهنة من جانب الاحتياط الفيدرالي والتي تفرض المزيد من ضغوط التراجع على العملة الأمريكية كان لها انعكاساتها الإيجابية على حركة الصادرات ومن ثم العجز الزمن للميزان التجاري الأمريكي الذي أحرز تراجعا في شهر أغسطس إلى 57.6 مليار دولار.
وهناك اعتبارات أخري وراء انخفاضات الدولار بخلاف السياسة النقدية الراهنة لبنك الاحتياط الفيدرالي أهمها القلق الراهن إزاء تداعيات الارتفاعات القياسية لأسعار النفط بالنسبة للاقتصاد الأمريكي الذي يعد أكبر مستهلك للطاقة على مستوى العالم.
فقد حلقت أسعار النفط اليوم فوق مستوى ال 93 دولار للبرميل معززة خطواتها صوب ال 100 دولار للبرميل كما تشير التقديرات في ظل عوامل قد تكون خارج نطاق سيطرة "أوبك" أي لا ترتبط بمعطيات العرض والطلب أهمها في المرحلة الراهنة العامل الجيوسياسي مع تصاعد حدة التوتر على الحدود العراقية التركية بشكل ينذر بحدوث عمليات عسكرية تركية ضد المتمردين الأكراد في الشمال العراقي المنفذ الأساسي لصادرات النفط العراقية. كما هناك تصعيد في حدة التوتر على صعيد ملف إيران النووي في ظل العقوبات الجديدة ضد إيران ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك.
ويمكن القول إن الانخفاضات الحادة لسعر الدولار منذ بداية العام أمام العملات الرئيسية تعكس بصورة مباشرة حالة القلق إزاء صحة الاقتصاد الأمريكي الذي يعد أداؤه العام الأكثر تأثيرا في اتجاهات النمو الخاص بالاقتصاد العالمي. وعلى الجانب الأخر نجد أن الانخفاضات القياسية الراهنة للعملة الأمريكية تلعب دورا في دعم أسعار السلع الاستراتيجية وفي مقدمتها النفط والذهب والتي أصبحت ملاذ آمن حقيقي لتقلبات أسواق المال.