احتفت سلسلة الجوائز الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بصدور رواية "بريك لين" للكاتبة البنغالية مونيكا علي، ترجمة سها سامح. في البداية تحدثت د.سهير المصادفة رئيس تحرير السلسلة في ندوة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب قائلة: نحتفي اليوم بإصدار جديد من سلسلة الجوائز وهي شمعة تضئ الظلام الكبير الذي يرزح تحته العالم العربي . وأضافت: شهد العالم العربي حركتين كبيرتين لنهضة الترجمة، الأولى في العصر الأموي منذ آخر القرن السابع الميلادي وحتى القرن ال13 الميلادي. وهي الحركة التي وصلت ذروتها عندما كان يزن هارون الرشيد مقدار الكتاب ذهبا للمترجم. ثم اندثرت الترجمة واندثرت الحضارة حتى عشرينيات القرن التاسع عشر وتحديدا حين قرر محمد علي النهوض بالترجمة على يد رفاعة الطهطاوي. ثم تحدثت المصادفة عن رواية "بريك لين" قائلة: تعد هذه هي الرواية الأولى للكاتبة مونيكا علي، وهي من أم إنجليزية وأب بنغالي. تسببت الرواية في ثورة بالغة على الكاتبة من مجتمعها البنغالي نظرا لأنها تحدثت عن كثير من الموروثات المغلوطة والعادات والتقاليد البالية في هذا المجتمع، ولأنها تواجه الحقائق عارية دون زيف، وتواجه لحظة تخلفها بقسوة ورهافة الكاتبة. الرواية وفقا للمصادفة تتحدث عن موضوع قديم فهي تبحث عن سؤال الهوية مثل "عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم، "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح، و"قنديل أم هاشم" ليحيى حقي. ثم تحدثت المترجمة الشابة سها سامح مترجمة الرواية قائلة: الروائية مونيكا علي عاشت في لندن وهاجرت إليها وهي طفلة وتأثرت بالثقافة الإنجليزية وتنحاز إليها أكثر من البنغالية. الرواية تتحدث عن نازنين وهي عروس صغيرة تزوجت من رجل في الأربعينيات من عمره وسافرت معه إلى لندن. في بداية الرواية تنصح والدة البطلة ابنتها أن تستسلم للقدر ولا تواجهه وألا تتخذ أي قرارات بنفسها ولا تفعل مثل أختها التي عاندت قدرها وتزوجت ممن تحب. تقول: "وبينما كانت نازنين تكبر، سمعت عدة مرات قصة كيف تركت لقدرك. وبفضل قرار أمها الحكيم، عاشت نازنين لتصبح الفتاة ذات الوجه العريض، اليقظة، التي هي عليها الآن. مدافعة القدر من شأنها أن تستنزف القوى. وهي أحيانا، أو ربما في معظم الأحيان، يمكن أن تكون قاتلة. لم تسأل نازنين، ولو لمرة واحدة، عن مغزى قصة كيف تركت لقدرك". في لندن تكتب مونيكا علي عن تفاصيل حياة نازنين وماذا تفعل كل يوم، وتكشف لنا عن حياتها الكئيبة كمهاجرة تعيش بالعادات والتقاليد البنغالية في لندن. ثم تعرفنا أكثر المؤلفة على عائلة نازنين وصديقتها التي تمثل أهمية كبيرة في الرواية. ثم تتحدث المؤلفة مونيكا علي بإسهاب عن شخصية زوج نازلين شانو من خلال تفاصيل علاقته بزوجته وبناته، فهو يتمسك كثيرا بحضارته القديمة ويجبر بناته أن يحفظوا الأشعار البنغالية ويحلم أن يعود لبلدته الأصلية ويغادر هذه الحضارة الإنجليزية التي لا يستطيع التأقلم معها. من الرواية نقرأ: " مضت ستة أشهر الآن منذ قذف بها إلي لندن، كل صباح قبل أن تفتح عينيها كانت تفكر: لو كنت ممن تشغلهم الأمنيات، فإنني أعرف ما الذي كنت سأتمناه. ثم تفتح عينيها وترى وجه شانو المنتفخ علي الوسادة بجانبها، شفتاه منفرجتان بدهشة يخالطها الغضب حتي وهو نائم، رأت التسريحة وردية اللون بمرآتها ذات الحافة المتعرجة، وخزانة الملابس السوداء الضخمة التي تبتلع معظم الغرفة. أيكون خداعا؟ أو أعتقد أنني أعرف ما الذي كنت سأتمناه؟ ألا يشبه ما أنا فيه أمنية تحققت؟ لو كانت تعرف ما ستكون عليه الأمنية، إذن فقد تمنتها بالفعل من مكان ما في قلبها". وتوضح الرواية كيف تعترض ابنتيه على طريقة معاملته لهم، وكذلك تشعر نازنين أنها غير سعيدة بحنين زوجها إلى الماضي وتمسكه به إلى هذه الدرجة وتبدأ تواجه قدرها وتعانده. وتبرز المؤلفة هذا التحول في شخصية البطلة التي تصبح أكثر استقلالية وتتحول كليا من فتاة غادرت القرية إلى فتاة تقيم علاقة مع رجل آخر. وتبرز الرواية الصراعات الداخلية لكل مهاجر جذبته أضواء الحضارة الجديدة التي تنتزعه من ثقافته القديمة التي عايشها من قبل. وتوضح الرواية أن الابنتين لا يعانون من هذه الصراعات أو الازدواجية لأنهم نشأوا بلندن ولم يتأثروا سوى بالثقافة الإنجليزية. وتنتهي الرواية أن يعود الزوج لبلدته وحيدا لأن زوجته وابنتيه قررن البقاء، وتنتهي الرواية بعبارة لصديقة البطلة رازيا التي تخاطب نازلين قائلة: "أنت في لندن فاصنعي ما شئتي". وتختم المترجمة قائلة: تتميز الرواية بسهولة ألفاظها، والكاتبة في الرواية تواجه العادات والتقاليد البنغالية وتنتقدها على لسان صديقتها وبنات البطلة. وفي كلمته أشار المترجم طاهر البربري إلى أن الترجمة حديث ذو شجون، يُنظر إليه في مجتمعاتنا العربية على أنه ترف زائد عن الحاجة. إن الرواية هي كتاب الحياة الجديد، وهذه الرواية توفر المعرفة وتشرح بمزيد من العمق شارع بريك لين بلندن الذي يعيش حي بنغالي كامل بداخله.