صدر مؤخرا كتاب "الحرب الباردة الجديدة" لمؤلفه الصحفي بريطاني الخبير بالشؤون الروسية أدوارد لوكاس. ووفقا لنامق كامل بصحيفة "الشرق الاوسط" يخصص المؤلف نصف الكتاب للحديث عن التطورات التي طرأت على روسيا منذ سقوط الدولة السوفيتية، والنصف الآخر على موضوع اندلاع حرب باردة جديدة، تختلف هذه المرّة في مضامينها عن الحرب الباردة القديمة التي كانت قد شبت بين الإتحاد السوفيتي والغرب. يعتقد المؤلف بأن انتخابات بوتين الرئاسية عام 2000 و2004، وانتخاب ديمتري مدفيديف رئيساً في الآونة الأخيرة، لم تكن سوى "مسرحيات هزلية"، فالمرشحون الذين وقفوا أمام مرشحي الكرملن تمّ "تشويه سمعتهم بشكل روتيني، أو أن أسماءهم لم تكن توضع على لوائح الاقتراع السري. وعلى الصعيد الخارجي، نادراً ما كان بوتين يسعى إلى تجميل صورته المشوّهة لدى الغرب، حيث دائماً ما كان يهاجم الساسة الغربيين لتدخلهم في شؤون روسيا وشرق أوروبا. أسعار الطاقة فرضت على أوكرانيا ورفعت، حينما بدأت كييف تتحدى سيطرة الروس، كما وأن أغلب التكهنات تشير إلى أن روسيا ستستمر في استخدام مواردها الطبيعية كأداة لزيادة تأثيرها على الغرب". يؤكد المؤلف على مصطلح الحرب الباردة الجديدة على ضوء أحداث الماضي وازدياد التوترات في الوقت الراهن. ومن المعروف ان السلطات الروسية لها مصلحة حيوية في الحفاظ على اتفاق مقبول مع دول الاتحاد الأوروبي، فتصدير الغاز والبترول لهو شيء أساسي بالنسبة للقدرة الاقتصادية الروسية، والأوروبيون يعتبرون زبائن يعتمد عليهم الروس، إذ إنهم يدفعون في الوقت المحدد وبشكل كامل. وينبّه الكاتب على عدم إغفال سلطة الكرملن الآخذة بالتوسّع، فخلال السنوات القليلة المنصرمة استطاعت روسيا السيطرة على تجهيزات الطاقة المستقبلية في بريطانيا، وهذا لم يتم بسبب جلوس روسيا على احتياطي هائل من البترول والغاز، وإنما لاستغلالها هذه الهيمنة على التجهيزات من أجل تحقيق السيطرة على عملية التسويق في الأسواق البريطانية الحرّة وشراء الحصص من شركات الطاقة عبر أوروبا. ويتتبع المؤلف كيفية تمركز السلطة في يد بوتين من أجل احتكار سياسة الطاقة الروسية واستخدام هذه السلطة كسلاح قومي خطير ضد الجيران القريبين مثل جورجيا وأوكرانيا، وربما على المدى البعيد "يمكن استخدامه لابتزاز الاتحاد الأوروبي". ويعتبر المؤلف كل هذا "الاقتصاد اللصوصي" الروسي ما كان ينتعش لولا وجود قاعدة قانونية له وموقع فعّال لتنميته بعالم "يتضوّر جوعاً للطاقة" وصديق جديد هو الصين، وانفجار اقتصادي، تجد روسيا نفسها آمنة للاستمرار في حربها لفترة زمنية أخرى. إنها ليست حرب آيديولوجية، وإنما، ببساطة حرب هيمنة. ليست حرب أفكار، وإنما حرب مالية، حرب رأسمالية بحتة، يشعر الروس بالسعادة لانضمامهم إليها".