جنود أمريكا يقرآون أدعية توراتية لاقتحام العراق غلاف الكتاب محيط - عبد الرحيم ريحان "الآثار العراقية تحت الاحتلال الأمريكى" كتاب جديد للباحث الأثرى عضو الاتحاد العام للآثاريين العرب د. فرج الله أحمد يوسف يتناول فيه من خلال ثلاثة موضوعات نهب ثراث العراق الحضارى، أيدى الصهاينة تعبث بآثار العراق، الحفريات العشوائية بالعراق. ويعبّر فى المقدمة عن مدى حقد اليهود على العراق من خلال الكلمة التى ألقاها مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل بعد توقيع معاهدة كامب دافيد إذ قرأ المزمور 137 الذى يحقد على العرب "بنى أدوم" والعراق "إبنة بابل" بسبب ما حدث لليهود بعد السبى وبداية المزمور "على أنهار بابل هناك جلسنا فبكينا عندما تذكرنا صهيون" ونهايته "أذكر يارب بنى آدوم يوم سقطت أورشليم قالوا أهدموها حتى أساسها إبنة بابل الصائرة إلى خراب هنيئاً لمن يعاقبك على ما فعلته بنا هنيئاً لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخر". وصدرت الأوامر لجنود الحملة الأمريكية الشرسة بتلاوة دعاء من التوراة قبل الشروع فى أى عمل ميدانى فى المناطق الواقعة غربى نهر الفرات لأنها جزء من أرض إسرائيل الكبرى كما يزعمون ونص الدعاء "مبارك ربنا ملك العالم لأنك دمرت بابل المجرمة". وتأكيداً للتحالف بين الولاياتالمتحدة والكيان الصهيونى فى العدوان على العراق أهدى الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن فى يوليو عام 2003 رئيس الوزراء الصهيونى شارون خريطة رسمت عام 1678م لأرض إسرائيل من النيل للفرات. ويذكر د. فرج الله فى الموضوع الأول أن هناك منظمتان صهيونيتان شاركتا فى الإعداد لاحتلال العراق وهما المعهد اليهودى لشئون الأمن القومى ومركز الدراسات الأمنية وأن نهب تراث العراق الحضارى بدأ مع اجتياح بغداد يوم 9 أبريل 2003 حيث سرق المتحف العراقى ببغداد يوم 10 أبريل. شملت أعمال النهب نحو 24 ألف قطعة أثرية جمعت من 6555موقعاً أثرياً تعود لحضارات العراق منذ عصور ما قبل التاريخ مروراً بالحضارات السومرية والآشورية والبابلية والإسلامية ومن المسروقات لوحة السبى البابلى وثمانون ألفاً من الرقم الطينية المكتوبة بالخط المسمارى التى تمثل أقدم مكتبة فى العالم لدراسة اللغات القديمة. وينقسم اللصوص الذين نهبوا المتحف العراقى لثلاثة مجموعات الأولى كانت تعرف ما تبحث عنه والثانية توجهت مباشرة لمخازن الآثار والثالثة من اللصوص العشوائيين وإلى جانب سرقة المتحف العراقى أشرفت قوات الحملة على إحراق مكتبة القرآن فى وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ببغداد التى تضم مخطوطات لمشاهير الخطاطين المسلمين كما تم إحراق جميع المخطوطات الموجودة فى دار صدام للمخطوطات التى كان يوجد بها 20214 مخطوطاً باللغات العربية والفارسية والتركية والكردية كما أحرقوا ذاكرة العراق المثمثلة فى المكتبة الوطنية بمحتوياتها التى تضم ملايين الوثائق الخاصة بالوزارات والسجلات ووثائق الملكية منذ العهد العثمانى وفترة الاحتلال البريطانى والعهد الملكى والعهد الجمهورى. جندي أمريكي سرقوا منها 300 مخطوط منها كتاب القانون فى الطب لابن سينا وتحولت همجية جنود الحملة للآثار الإسلامية فأطلقوا قذائف الهاون على مئذنة المسجد الجامع بسامراء الذى شيدها الخليفة العباسى المتوكل على الله 232- 247ه والمسجلة ضمن قائمة التراث العالمى باليونسكو فأحدثوا بها فتحة كبيرة وتأثرت سلالم المئذنة من طلقات الرصاص وفى يناير 2005 اتخذوا المئذنة موقعاً عسكرياً مما عرضها لقذف دمر الجزء العلوى منها، كما نهبوا متحف الموصل ونزعوا من حوائطه لوحات عليها نقوش مسمارية وأكثر من ثلاثين لوحة آشورية من البرونز ونهب متحف نبوخذ نصر ومتحف حمورابى وسرقوا مسلة حمورابى، كما طالت أيديهم الآثمة المواقع الأثرية بالعراق حيث سرقوا عديد من النقوش والتماثيل من موقع نمرود. فى نينوى تم تحطيم حائط أثرى وفى بابل حطمت الدبابات المواقع الأثرية المفتوحة التى تجرى بها حفريات وسحقت عرباتهم العسكرية أرضية أثرية ببابل عمرها 2600 سنة واستخدموا القطع الأثرية المفتتة لملء أكياس الرمل وهذا منتهى الجهل والغباء والهمجية وبهذا فقد انتهكت كلاً من الولاياتالمتحدة وبريطانيا اللتان قادتا الحملة البربرية على العراق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى نصت على حماية التراث الحضارى أثناء الحروب. تناول الموضوع الثانى العبث الصهيونى بآثار العراق ففى أغسطس 2003 قام وفد من الآثاريين الصهاينة بزيارة العراق تفقدوا خلالها المواقع الأثرية ومتحف نينوى بالموصل وقام ثلاثة حاخامات بعمليات تنقيب عن الآثار فى بابل تحت حماية قوات الحملة وقام أحد تجار الآثار فى يونيو 2007 بتهريب 650 إناء عليها كتابة بالخط الآرامى تم تهريبها لمعهد الدراسات العبرية واليهودية بجامعة لندن واستطاع شلومو موسييف الحصول على 200 إناء منها ونقلها للكيان الصهيونى ووضعها فى منزله ويعكف على دراستها الآثارى شاؤل شكيد الأستاذ بالجامعة العبرية بالقدس. وتحدث المؤلف فى الموضوع الثالث عن الحفريات العشوائية التى قامت بها عصابات مسلحة أدت لتخريب المواقع الأثرية فى ظل عدم اهتمام قوات الاحتلال بتوفير الأمن بالمدن العراقية ومنها موقع شوخا المدينة السومرية حيث هدمت جدران المعبد والقصر وتناثرت قطع الفخار على أرضيته وموقع أم العقارب والناصرية وكربلاء، ونهبت من هذه المواقع آثار يستحيل استعادتها لأنها غير مسجلة وغير معروفة. وبعد العرض لهذا الكتاب القيم أطالب بإصلاح ما أفسده اللصوص ومجرمى الحرب بالعمل على استعادة آثار العراق المسجلة المنهوبة من متاحفها والآثار الغير مسجلة بتتبعها فى أى مكان على وجه المعمورة وترميم ما دمره الاحتلال وإيفاد لجنة علمية تحت إشراف جامعة الدول العربية لتوثيق الآثار الثابتة والمنقولة بالعراق حالياً وتقدير حجم الدمار على الطبيعة والتوصيات الخاصة بأعمال الترميم وكيفية استعادة الآثار المنهوبة على أن تقوم الحكومة العراقية بمعاونة اللجنة وإزالة العراقيل من أمامها واتخاذ الإجراءات القانونية للمطالبة بتعويض شعب العراق عن هذا التدمير ومحاكمة مجرمى الحرب وسحب القوات الغازية من العراق فوراً لأن العراق الشعب صاحب هذه الحضارة العظيمة هو الأجدر على حماية تاريخه وحضارته وحفظ ذاكرته من هؤلاء اللصوص الذين طمسوا هويته ونهبوا خيرات بلاده .