يقول وزير الخارجية الأميركية السابق كولن باول في مقدمة سيرته الذاتية التي وضعها بعنوان "رحلة حياتي الأميركية": "لم أكن أخطط لكتابة سيرتي الذاتية، ولا حتى مساندة مؤلفين آخرين ليكتبوها. لكنه في الأشهر الأخيرة من خدمتي كرئيس لهيئة الأركان المشتركة بدأت أغيّر وجهة نظري، ذلك أن الاحتمالات التجارية المستقبلية لا يمكن تجاهلها. لقد شجعني أصدقائي بأن أقوم بكتابة سيرتي الذاتية، لكنني بقيت متردداً، حتى قال لي أحد الأصدقاء المقربين: (آه كولن دع عنك الخوف. إنك مدين لأحفادك، لأنه لديك قصة يجب أن ترويها، وعليك القيام بذلك)". ويضيف كما نقلت عنه جريدة "الرأي العام" الكويتية -: "إن قصتي هي قصة طفل أسود غير واعد من عائلة مهاجرة محدودة الإمكانات. إنها قصة الخدمة والتطوع في الجندية. إنها قصة الناس الذين ساعدوني لأصبح على ما أنا عليه. إنها قصة استفادتي من الفرص التي خلقتها تضحيات الذين جائوا قبلي، والتي ربما سيستفيد منها الذين سيأتون من بعدي. إنها قصة الإيمان، الإيمان بالنفس والإيمان بأميركا. وفوق ذلك كله، إنها قصة حب: حب العائلة والأصدقاء والجيش وبلدي. إنها قصة يمكن أن تحدث فقط في أميركا". أما عن حياته، فقد ولد كولن لوثر باول عام 1937، وترعرع في ضاحية كيلي ستريت، متنوعة الإثنيات والأديان، في ساوث برونكس بمدينة نيويورك. كان باول الفتى يفتقر، كما يقول هو، إلى التركيز أو الاتجاه، إذ يقول في سيرته الذاتية: "لم أكن بعد قد تفوقت في أي شيء. كنت الولد الجيد والشغّيل الجيد، لا أكثر". لكن باول ذلك تغيّر عندما دخل كلية سيتي كولدج في نيويورك، وتخرّج في علم الجيولوجيا، ووجد حرفته ومهنته عندما انضم إلى "فيلق تدريب ضباط الاحتياط" (ROTC). تزوج كولن باول من آلما جونسون سنة 1962، ولهما صبي، اسمه مايكل، وابنتان، ليندا وآن، وحفيدان. وقد أصبح المنفذ المفضل لديه منذ السبعينات من القرن الماضي للهروب من ضغوط العمل هو القيام بتصليح سيارات الفولفو القديمة الطراز. فكما قال باول لطلاب في مدرسة ببرلين مؤخراً: "بالنسبة لي، كان العمل على سياراتي نوع من الاسترخاء لأنه خلافاً للمشاكل السياسية، عندما لا يعمل محرك سيارتي، أستطيع التوصل إلى السبب بسرعة." خدم باول دورتين قتاليتين في فيتنام وأصيب بجروح مرتين أثناء القتال، وقاد لاحقاً قوات في كوريا وألمانيا وفي الولاياتالمتحدة. ونال درجة ماجستير في إدارة الأعمال، كما فاز بمنحة البيت الأبيض الجامعية. وكتب باول بعد ذلك بأعوام: "عندما ترعرعت اخترت الحياة العسكرية. فقدت أصدقاء مقربين جداً في الحرب، وقدت لاحقاً شباناً وشابات خاطروا بحياتهم بملء إرادتهم في سبيل بلدنا، والبعض منهم لم يعد أبداً. ولا يمضي يوم إلا وأفكر فيهم". ويتضمن الكتاب في جزئه الأخير "طريقة باول" - وفق جريدة "القبس" الكويتية - تفصيلاً لبعض جوانب شخصية هذا الرجل الذي يرى "أن البساطة والبروتوكول جزء من شخصيته، فهو ممن يرون أن القوة هي القدرة على التأثير والإقناع وإلهام الآخرين، وأن القدرة الفعلية هي تحفيز الناس لبذل 110 في المائة من جهودهم، وأن الاتصال الشخصي الناجح هو السبيل إلى ذلك". ويركز باول في كتابه على أن القائد الناجح عادة ما يكون قائداً غير تقليدي يجتذب الناس إليه بتفرد شخصيته وعدم تزمته وجموده أكثر من تقيده بتعليمات حرفية رتيبة، ومن خلال الثقة والتفاؤل اللذين يعكسهما القائد. ولذلك لا بد من إدراك أن المرئوس عادة ما يقلد رئيسه، وذلك بتقليد ما يفعله، ولكن ليس بالضرورة اتباع ما يقوله. وقد أعرب كولن باول عن تقديره للقيم الدائمة التي حددت معالم حياته خلال ملاحظات أدلى بها أمام المؤسسة القومية الأميركية الإيطالية إذ قال: "حيثما أذهب في العالم، أحمل في نفسي بعمق ذلك الولد الصغير من كيلي ستريت- روح أميركا موحّدة في تنوعها، مرحبة بالجميع في إنسانيتها، وغنية جداً بإمكانياتها. لقد كانت هذه الروح الديمقراطية دائماً أعظم قوة لبلدنا، وهي لا تزال أعظم أمل لدينا... ولا تزال تلك الروح الكريمة أعظم هباتنا للعالم."