واشنطن: تظل مشكلة الرقابة على الإنترنت وحماية خصوصية المستخدم من الأمور الشائكة التى يصعب التغلب عليها بين يوم وليلة ، ويزيد من صعوبة المشكلة ما تقوم به الشركات الكبرى من تزويد الحكومات بمعلومات متصفحيها مثلما فعلت شركة ياهوو العام الماضى عندما قدمت معلومات ساعدت الحكومة الصينية على ملاحقة مواطن صينى وهو ما دفعه لرفع دعوي قضائية ضدها. ورغم أن القضية مر عليها أكثر من عام إلا أن نواب في الكونجرس الأمريكي يعتزمون إعادة التحقيق في التهمة التي كانت موجهة إلى شركة "ياهو" بعد الكشف عن وثيقة قد تدين الشركة. فقد أمر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، توم لانتوس، بفتح تحقيق في القضية، بعد أن نشرت جماعة مدافعة عن حقوق الإنسان وثيقة تتضمن شكوكاً حول ما كانت تعرفه "ياهو"، حينما وفرت معلومات للسلطات الصينية بخصوص الصحفي الصيني شي تاو. وكانت السلطات الصينية قد اطلعت على رسالة إلكترونية أرسل بها تاو، تتضمن تعليقاته على مذكرة حكومية تتناول الرقابة على وسائل الإعلام. وكان المستشار القانوني العام للشركة، مايكل كالاهان، قد أخبر المشرعين الأمريكيين في جلسة استماع عقدت السنة الماضية، أن شركته لم تكن لديها معلومات عن طبيعة التحقيق الذي تجريه السلطات الصينية، حينما زودتها بتفاصيل حول الصحفي الصيني. إلا أن مؤسسة "دو هوا" كشفت عن وثيقة تفيد بأن مكتب الأمن الصيني قد كتب إلى "ياهو" يطلب إليها تزويده بمحتويات رسالة إلكترونية تخص الصحفي تاو، من أجل التحقيق حول "كشفه لمنظمات أجنبية معلومات سرية تخص الدولة بصورة قانونية". ودافع جيم كولينان الناطق باسم ياهو عن الشركة مبرراً ذلك كما ورد بشبكة CNN أن هناك توصيفات عديدة ومتعددة لما يمكن أن يعد أسرار دولة، منها تحقيقات مشروعة في قضايا مثل الإرهاب. يذكر أنه حتى يسمح لشركات التكنولوجيا الأمريكية بالعمل في الصين، والتي يوجد فيها أكثر من 100 مليون مستخدم للإنترنت، ينبغي لهذه الشركات أن تتقيد بالسياسات الصينية المفروضة بخصوص محتوى الإنترنت. وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد اتهمت "ياهو القابضة - هونغ كونغ المحدودة"، التابعة لشركة ياهو الدولية، بتوفير قاعدة بيانات للحكومة الصيني، بما فيها تلك المتعلقة بقضية تاو، الذي أدين بالسجن عشرة سنوات بتهمة "تسريب أسرار دولة إلى جهة أجنبية. وقد ردت "ياهو" حينها على هذه التهمة، بالقول إنها "تستجيب لمطالب مرفوعة من السلطات بشأن معلومات دون أن تعلم ما الهدف من استخدامها. إلا أن بيان المنظمة أكد أن ياهو كانت تعلم "دون أدنى شك"، بأنها كانت تساعد في اعتقال منشقين سياسيين وصحفيين، وليس "مجرد مجرمين عاديين." وترجع اصل القضية عندما اتهم مواطن صيني شركة ياهو بالتجسس لصالح الحكومة بعد أن قدمت معلومات ساعدتها على ملاحقته بسبب ما يكتبه على الانترنت حتى تمكنت من التعرف عليه والوصول الى منزله وتفتيشه ومصادرة جهاز الكمبيوتر الشخصي والقبض عليه العام الماضى ومن ثم الحكم بسجنه لمدة عشر سنوات بعد إدانته بتهمة "التحريض" على خلفية إرسالة بالبريد الالكتروني سلسلة من التقارير تدعو للاصلاح الديمقراطي والتعددية الحزبية. وقد حظيت الدعوى القضائية بدعم الفرع الأمريكي من المنظمة العالمية لحقوق الانسان الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقرا له والذى أكد أن شركة ياهو تستفيد مالياً من السلطات الصينية مشيراً إلى أن الصين هي ثاني أكبر سوق للانترنت في العالم. ومن جانبها، أصدرت شركة ياهو حينها بياناً أعربت فيه عن الأسف البالغ للزج بمواطنين صينيين في السجن لمجرد التعبير عن رأيهم على الانترنت لكنها أكدت فى الوقت ذاته على أن الحكومة الصينية تلزم الشركات الأجنبية العاملة داخل أراضيها بقوانينها المحلية بشكل صارم وإلا تعرض موظفوها المحليون لعقوبات مدنية وجنائية.