لم تبدِ اهتماما للجماهير التي إلتفت حولها تراقب حركات يديها الصغيرتان وهى تغزف بتناغم على آلة النول لوحتها التراثية ، وما ان بدأت تتشكل ملامح لوحتها حتى صفق الجمهور إعجابا وتقديرا . إنها تساهيل الحفيان (12) عاما التي أصبحت تجيد استخدام آلة النول و تشكل منها قطع صوفية من وحى التراث والفلكلور الفلسطينى نالت هذه الخبرة من خلال الدورة التدريبية التي نظمها نادى والشروق والامل التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر لأكثر من (20) طفل على طرق وأساليب تصنيع عدد من المنتوجات الحرفية الأصلية كصناعة الفخار والنسيج والتطريز والصابون وسعف النخيل ،على يد حرفيين متخصصين . وعن أسباب تعلمها النسج على آلة النول فتقول الطفلة تساهيل بصوتها الطفولى البريء:" لانها من التراث الفلسطيني ولازم نتعلمها عشان ما تضيع، ولازم نعلمها لأولادنا عشان تظل محفورة على مر السنين، والعالم كله لازم يعرف أنها تراثنا وليس تراث اليهود ". تساهيل ورفاقها الأطفال الذين أجادوا استخدام الآلات الحرفية التراثية بالتطريز وصناعة الفخار وسعف النخيل أدهشوا زوار مهرجان الجذور التراثي التاسع عشر التي نظمته جمعية الثقافة والفكر الحر ، أمس بمنتجع الهابى ستى بخان يونس ، بانتاجاتهم التراثية المميزة . وتميز مهرجان الجذور التراثي لهذا العام بمشاركة أكثر من (100 ) طفل وطفلة قدموا خلاله استعراضات مختلفة من وحى التراث الفلسطيني ،وتميزوا بتقديم زفة العريس والعروسة ، وابهروا الحضور بقدرتهم العالية على استخدام الآلات الحرفية التراثية المختلفة . وعن المهرجان قالت مدير عام جمعية الثقافة والفكر الحر مريم زقوت :" المهرجان هذا العام جاء متزامنا مع مرور 20 عاما على تأسيس جمعية الثقافة والفكر الحر وأردنا ان نتوج مهرجاناتنا السابقة بفكر جديد يقوم على التواصل الدائم بين الأجيال من خلال تحبيب وتشجيع الأطفال على تعلم مهن أبائهم وأجدادهم التي قاربت على الاندثار بعد كساد تلك المهن نتيجة التطور التقني والتكنولوجي ورحيل معظم شيوخها". وأوصافت زقوت أن المهرجان ينفذ للسنة التاسعة عشر على التوالي، بهدف تسليط الضوء على موروثنا التراثي بمختلف أشكاله و شحن الذاكرة وترسيخ القضية وتأكيد الهوية خصوصاً بالنسبة للجيل الصاعد. وجسد القائمون على المهرجان روح التراث الفلسطيني من خلال إحياء العديد من المهن التراثية القديمة، واستعراض الأدوات التي استخدمها الأجداد في حياتهم اليومية وتجسيدهم بشكل حي للقرية الفلسطينية بكل مكوناتها والتي حملت بصمة الأجيال السابقة والهوية الضاربة في التاريخ. تساهيل ورفاقها الأطفال يؤكدون بتعلمهم مهن أجدادهم أنهم حراس التراث الفلسطيني وانه باق ما بقى الإنسان الفلسطيني ،وانهم يقودون اليوم نضالا من نوع آخر ضد محاولات المحتل المستمرة طمس وسرقة تراثنا بتعلمهم تلك المهن .