الأخلاق.. الوطن.. العلم إنها ثلاثية المخلصين لأوطانهم في الإرتفاع نحو سماوات النجاح والتفوق. صغيراً كان يسكن في مدينة دسوق، يملك عقلاً أكبر من سنه مما جعل أسرته تكتب علي باب غرفته (غرفة الدكتور أحمد)، وشب الصغير وصار مثلما تمنت الأسرة وكأن الأسرة كانت تنظر من ستر الغيب لما سيحدث لطفلهم في المستقبل أن يكون نبراساً ومنارة عالمية يحتذي بها كل علميّ وكل أخلاقيّ وكل وطنيّ. إنه العالم الفاضل د.أحمد زويل، الذي غادر مصر منذ عقود خارجاً من بيروقراطية السابقين فلم تلبق لإمكانيات عقله بل وجعلت تقمع كل عقل مبتكر ومخترع، خرج زويل واضعاً نجاحه أو لا نجاحه علي يديه، متحدياً كل العوائق حتي يفوز بالنجاح وينحي اللانجاح جانباً وها قد فعل ونال أرفع الجوائز في التاريخ، جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 . وأكد للجميع أنه يوماً لم يكن يتلقي العلم ليفوز بجائزة نوبل بل يتلقي العلم لأنه يحبه ويريد أن يخدم البشرية به، وأكد أن النجاح والتفوق يعتمد علي المثابرة والعمل بروح الفريق وتحديد الهدف والتحدي للوصول إليه مهما كلف الأمر من جهد وتعب ومعاناة فالعبرة بتحقيق الهدف في النهاية. لم يغير د.أحمد زويل آراءه السياسية يوماً، أبداً لم يكن منافقاً ولا كالحرباء متلوناً مثل نماذج لا حصر لها ولا عدد، بل هو دائماً أبيض اللون كحمامات السلام البيضاء، ذو رأي واحد وقضية واحدة، وانتماء قوي للغاية، فهو أبداً لم ينكر انتماءه لمصر، بل يقول عن ذلك في كتابه عصر العلم فيما معناه أن مصر هي التي وضعت فيه البذرة الأولي للنجاح وهي التي أعطته الأصالة والقيم الأخلاقية والإيمانية التي لم يكن ليكون هكذا بدونها. سمح لي الله وأكرمني أن ألتقي بالدكتور زويل من خلال ندواته، وشهادة حق أقولها عن كثب، فهذا الرجل لا تفارقه الإبتسامة ولا الترحيب بالناس أبداً، ولا يمكن أن تجده متكبراً نهائياً، بتواضع يصافحنا، وبتواضع يوزع إبتساماته علينا، بل أنني يوماً أرسلت له خطاباً لمكتبه بجامعة كالتيك بأمريكا وتعجبت عندما أتاني الرد منه في كلمات جميلة أن قال لي: (انظري إلي الأمام دائماً وأتمني لك مستقبل باهر). ويهدينا زويل قيمة أخلاقية رفيعة المستوي أخري، من خلال تصريحه منذ أيام علي الهواء أنه لو تم تغيير المادة الخاصة بعدم ترشيح الأجانب لمنصب رئيس الجمهورية وباتت تنطبق عليه كل الشروط لذلك المنصب، أعلن أنه أبدا لن يرشح نفسه لذلك المنصب ولا لأي منصب، وهنا هو يضرب المثل للعالم المجتهد الذي لا يلهث وراء الكراسي الزائلة بل هو يعرف طريقه جيداً في خدمة مصر بطريقته العلمية المتخصص فيها، ويهديها جائزة نوبل جديدة من صنعه هو ألا وهي مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا ذلك الصرح الذي سيشهد عليه العالم بأسره، وسترعي تلك المدينة والجامعة الدارسيين العلميين وستفتح لهم آفاق الإختراع إلي سماوات لا حدود لها، وستعطيهم فرصاَ في عمل تجاربهم العلمية البحثية إلي مالا نهاية، مما سيجعلنا نري قوائم جائزة نوبل السويدية تمتليء في المستقبل بالعشرات من خريجي تلك الجامعة العملاقة بعدما غابت عن قوائمها العقول الفذة التي دفنتها تحت الرمال حكومات بيروقراطية لا يهمها سوي القمع وإهدار العقول النابغة وسجن كرامة الشعوب. في النهاية فإن د.أحمد زويل هو مثال للوطنية والقومية وحب الوطن بإخلاص، ويعلمنا من خلال كلماته وكتبه ومحاضراته ولقاءاته معني التواضع والإبتسامة، والأمل والتفاؤل بالمستقبل، فلم نعهده متشائماً يوماً، بل هو في تفاؤل دائم يخرج من تحقيق هدف نحو تحقيق هدف جديد، يصف الثورة المصرية بالمجيدة ويتفاءل بمستقبل أفضل وآمن لكل المصريين، بل ويشاركنا في صناعة المستقبل عن طريق طفرة العلم والتي ستحدث فور اعلان افتتاح مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، فبالعلم تحيا الأمم وتنبغ وبالجهل تلقي البلاد نفسها في الحفر. شكرا د.زويل. د.أسماء الطناني طبيبة وكاتبة صاحبة أول رواية عن ثورة 25 يناير بعنوان: شمس منتصف الليل