خريطة تكشف تخطى الداخلية حدودها كانت مذبحة بورسعيد بمثابة الاختبار الأول الحقيقي لمجلس الشعب، وبقدر بشاعة المذبحة، من حيث كثافة عدد الضحايا، أو من حيث الشبهات التى ربطت بين المجزرة وبين سكان طرة ... كانت السلبية هى السمة الواضحة لرد الفعل البرلمانى تجاه المجزرة، والذى انحصر فى التوصية بنقل وزارة الداخلية من مقرها الحالي بلاظوغلي، إلى مكان آخر بعيد عن قلب القاهرة، إلى جانب استدعاء وزير الداخلية – اللواء "محمد ابراهيم" – والتهديد بعزله. وهو الطبع رد الفعل الذى كان دليلا على أن البرلمان ذى الطبيعة السياسية المتأسلمة، لم يرق إلى مستو الحدث، وهو بدوره ما أعطى الفرصة للقيادات الأمنية التى تملك اليد العليا فى إدارة وزارة الداخلية، لكى تزيد من حصيلة الشهداء، وذلك خلال المواجهات الساخنة التى جرت مؤخرا بين قوات الأمن وبين جماهير شباب الأولتراس، التى كانت مجزرة بورسعيد – بحسب مراقبين عدة – موجهة إليها، عقابا لها على مشاركتها فى إسقاط رأس النظام البائد – الرئيس المخلوع "حسنى مبارك" – وذلك فى ذكرى مرور عام على موقعة الجمل الشهيرة. وقد أثبت شهود العيان ومراسلي وكالات الأنباء أن قوات الأمن، لم يكفها فقط أن تعاملت مع تظاهرات الشباب الغاضبين بمنتهى العنف، سواء باستخدام قنابل الغاز بكثافة عالية أو قذائف الخرطوش، بل إنها أيضا تعدت حدود الدفاع عن محيط وزارة الداخلية ضد المتظاهرين السلميين، إلى مطاردتهم على مساحات أكثر اتساعا من الشوارع الممتدة على مساحات شاسعة، مما تسبب فى استشهاد العشرات وإصابة أكثر من ألفين من الشباب. جدير بالذكر، أن سجالات عنيفة قد تفجرت خلال جلسات البرلمان، بين النواب "المتأسلمين" وبين نواب القوى السياسية والثورية، ففى كشف نواب مثل "محمد أبو حامد" و"زياد العليمي" بمحاكمة المجلس العسكري، باعتباره المسئول الأول – أمنيا وسياسيا عن المجزرة، وبتطهير الداخلية من القيادات الموالية للسفاح "حبيب العادلي"، والتى لا تزال تحكم الوزراة – سيئة السمعة – من وراء ستار، فقد اكتفي النواب المتأسلمون، إما باتهام شباب الثورة بأنهم "بلطجية مأجورين" يتعاطون عقاقير مخدرة كالترامادول، أو بالمطالبة بمساءلة وزير الداخلية وتحميله - وحده - المسئولية كلها.