ترغمنا بعض فضائيات الفتنة على الكتابة عنها حتى نوضح كم هي مبتذلة ورخيصة حين تسعى لتسويق نفسها أمام جماهير الأمة العربية التي باتت تعرف من الذي يديرها ويمولها، كما تعلم من الذي يوجهها ولصالح من تعمل. إن ادعاء الحرص على حياة المواطنين السوريين لا يمكن أن يستقيم مع عمليات التحريض اليومية التي تقوم بها أمثال قناة الجزيرة و"العربية"، وغيرها من القنوات التي تنطلق من عواصم تابعة للسيد الأمريكي وتحت رعايته وتوجيهاته، بل الأدق أوامره. كيف يمكن فهم الاختلاف في توصيف ذات الوقائع في سورية والبحرين مثلاً كالقول أن مشاغبين تعرضوا للضرب في شوارع البحرين بسبب مخالفتهم للنظام، ثم يقال عن أشباههم في سوريا أن شباب الثورة السورية تصدوا لرجال الأمن الذي حاولوا منع مسيرتهم؟.....الخ. ليس هذا فحسب بل كيف يمكن تصديق هذه الفضائيات المشبوهة حين تقدم وقائع تناقض الحقيقة في كثير من التقارير التي تبثها ومعها كم هائل من السموم والتحريض على التمرد والقتل؟ ما ذا يعني أن تقوم قناة الجزيرة بعرض منظر مؤلم للغاية كالطفل المصاب بطلق وتعقب عليه بكل خسة وتذرف بكاء التماسيح وهي تصور كيف أن القوات السورية تستهدف الأطفال فتنكل بهم وتذبحهم، وفي أي قاموس مهني يمكن وضع هذه الصور والتعليق عليها؟ وماذا تفيد مثل هذه الصور والتقارير سوى تحريض الناس على القتال ضد جيشهم وسلطتهم. إن أمثال الكذب والتعميم الخادع والكاذب مع أفلام فيديو مفبركة تثير الغضب والحقد ستكون ببساطة مادة مميتة حين تتحول إلى فعل منفلت من البعض باتجاه التصدي للجيش وقوات الأمن الأمر الذي جرى ويجري كل يوم نتيجة هذه الأكاذيب والتلفيقات. إن الشعب السوري قد عبر عن رأيه في كل ما يتعلق بحياته ووطنه ونظامه، وقد تحلى في مجموعه بالشجاعة الكافية ليعرض مطالبه ويقوم بحراك سلمي بشعارات إصلاح واضحة تحولت بسبب هذا النوع من التحريض والمعالجة الخاطئة للمشكلة إلى شعارات تؤجج المواجهة وتحولها إلى ما ترفضه الدولة والشعب معاً. إن تلفيق الأخبار أو تكبير حجم بعضها لا يمكن أن يعبر عن أية صدقية لهذه القنوات، وعلى سبيل المثال وبالإضافة لما قالته هذه القنوات حول مخيم الرمل والقتل بأعداد كبير كما ذكرت قناة "العربية" موحية بأن هؤلاء القتلى من الفلسطينيين، فإن القناتين الجزيرة وشقيقتها "العربية" أوردتا خبرين لافتين حول ما يجري بسورية، الأولى تحدثت عن مظاهرات حاشدة في مخيم اليرموك مناهضة للنظام والثانية تحدثت عن التدمير الذي لحق بمدينة اللاذقية والعدد الكبير من القتلى بينما في اليرموك المظاهرة الحاشدة فعلاً كانت مؤيدة للنظام والرئيس الأسد، والثانية المناهضة لا يتجاوز عددها الثلاثين فرداً قدم معظمهم من خارج اليرموك وأخرى بذات الحجم سرعان ما تفرقتا بسبب رفض الناس الانضمام إليهما بل ورفض أهل المخيم مثل هذا العمل من حيث المبدأ على خلفية رفض الزج بالعنوان الفلسطيني في ما يجري تحت أي شعار. أما في أخبار "العربية" فحدث ولا حرج عن تضخيم ما جرى في اللاذقية ومخيم الرمل وردود الفعل العربية والدولية عليها والإيحاء كما لو كان النظام السوري على وشك السقوط وأن العالم على وشك الهجوم العنيف على سورية وقيادتها بخلاف الواقع الذي يوحي بأن المشكلة يمكن حلها بمزيد من الحوار والتخفيف من حدة المواجهة والشعارات المرفوعة. لن تتسامح جماهير الشعب العربي مع هذا التحريض الذي يؤدي إلى سفك المزيد من الدم في المدن السورية لأن مستوى الناس الثقافي والتعليمي مختلف وذا مستويات متباينة واحتمال أن تضغط هذه التقارير الملتوية على نفسية المستمع وتحوله إلى آلة عنيفة وقاتلة هو احتمال وارد وكبير، وخاصة للأفراد من ذوي التعليم والثقافة المحدودة. وفي كل الأحوال لابد أن يتصدى الإعلام والإعلاميون الشرفاء لهذه القنوات ويعملوا على نشر الحقيقة كما هي وأياً تكن تفاصيلها، كما أن كل إعلامي معني بقول ما يجده في مصلحة السلم الأهلي السوري ووقف العنف والقتل والمواجهة لتجنيب البلد والناس نتائج وعقابيل ذلك التحريض القاتل.