قالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن سياسات اقتصادية ومجتمعية خاطئة أدت إلي اتساع حالة الفقر بين قطاع كبير من المصريين وقللت من فرص تحسين معيشتهم علي مستويات كثيرة ممثلة في الضمان الاجتماعي والصحة والتعليم والمياه وغيرها .. أشارت المنظمة في تقرير أصدرته بعنوان "مصر بين توغل الفقر وسراب التنمية" إلى ارتفاع معدلات الفقر في مصر لتبلغ حوالي 55٪ من إجمالي عدد السكان، محذرة من أن هذه النسبة قابلة للارتفاع، وأنها تلقى بظلالها على البيئة المجتمعية؛ حيث تكون سببًا في إنتاج ظاهرة زواج القاصرات من رجال أكبر منهن سنًّا هربًا من الفقر بالمجتمع، كما تزيد من أعداد المتسربين من التعليم. وقال حافظ أبوسعدة الأمين العام للمنظمة أن إصدار التقرير يأتي متزامنا مع مداخلة للمنظمة تحت عنوان "الفقر انتهاك للكرامة الإنسانية" أمام الجلسة ال12 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال الفترة القادمة. ودعت المنظمة الحكومة المصرية إلى وضع خطة أو استراتيجية قومية تتضمن جملة من التدابير والإجراءات للحد من آثار الفقر على المجتمع المصري، منتقدة ما وصفته بانتهاج سياسات لا تعمل على مبدأ العدالة في توزيع الثروات، مما أدى إلى زيادة تفشي ظاهرة الفقر، وارتفاع معدلات التضخم، مشيرة في ذلك أيضا إلى النتائج العكسية المترتبة على عمليات الخصخصة، بدءاً من مشكلة سعر الصرف والانخفاض المتوالي لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، مروراً باستمرار انخفاض معدل الادخار المحلي، وزيادة العجز في الموازنة العامة بصورة مطردة، وارتفاع الدين المحلي لأرقام فلكية تهدد الاقتصاد الوطني، وانتهاء بالارتفاع المستمر في أسعار معظم السلع وخاصة السلع الأساسية، مثل المواد الغذائية والتموينية، فضلاً عن سوء الخدمات الصحية والتعليمية والسكانية المقدمة للمواطنين وقال التقرير إن آثار الفقر لا تقتصر مظاهرها على الجانب الاقتصادي فقط، لكنها تمتد بصورة واضحة إلى الجانب الاجتماعي راصدا في ذلك تزايد العشوائيات حيث تؤكد الإحصائيات وصول عدد المناطق العشوائية في محافظات مصر إلى 1171 منطقة عشوائية يسكنها ما يقارب 14.8 مليون نسمة، مع ما يصاحب ذلك من انعدام المرافق والخدمات الأساسية من مياه وصرف وكهرباء وخدمات صحية وأكد التقرير أن الفقر شكل من أشكال الإقصاء والتهميش ويمسّ بكرامة الإنسان مطالبا بإشراك رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص وممثلي البرلمان والأحزاب والقوى السياسية والجمعيات الأهلية والإعلام، ووحدات الإدارة المحلية والمراكز في خطة مواجهة الفقر والعمل على معالجة أسبابه والعمل على تخفيض نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 15٪ في أفق 2010 وإلى 10٪ في أفق 2015، و تفعيل الصناديق الخيرية لمكافحة الفقر على أن تدفع تلك الصناديق إلى إصلاح الأحوال الاجتماعية للفقراء من خلال دعم المشاريع التنموية، كما تدعم أيضاً البرامج الهادفة لتنمية قدرات ومهارات الفقراء. وطالب التقرير بضرورة إعادة هيكلة منظومة الأجور في مصر، حتى تتماشى والحد الأدنى الذي يتوافق وتوفير حياة كريمة للمواطن المصري وتلبي له كافة احتياجاته الأساسية، وإصدار تشريع يربط بين تحسين الأجور ووضع حد لارتفاع الأسعار، ووضع خطة شاملة لإزالة المناطق العشوائية التي لا يمكن تطويرها، مشيرا إلى ضرورة العمل على استنهاض الكفاءات والمؤسسات التشريعية والقضائية والإدارية والمالية الوطنية في جهد مشترك للمساهمة في القضاء على الفساد، عبر تشخيص ودراسة مظاهره وأنواعه وأسبابه ونتائجه.