عدم مشاركة الاخوان المسلمين فى جمعة "الغضب الثانية" اثارت جدلا كبير بين القوى السياسة وبين طوائف المجتمع المصرى قدرت مصادر وتقارير إعلامية عدد المشاركين في ما أطلق عليه "جمعة الغضب الثانية" في ميدان التحرير وسط القاهرة، بنحو 40 إلى 50 ألفًا، وهو عدد متواضع جدًا جاء انعكاسًا لدعوات أطلقها الإسلاميون تحث المصريين على عدم المشاركة في تلك التظاهرات. وقد بدا تأثير غياب نسبة كبيرة من الإخوان المسلمين والتيار السلفي عن المظاهرة على عملية الحشد مما عكس حالة من العصبية في كلمات بعض المتحدثين في الميدان، حيث تعرضوا بالنقد والتشهير العنيف للإخوان والإسلاميين ، واعتبروا أن المظاهرة ناجحة رغم مقاطعة الإخوان والتيار الإسلامي لها. ومن جانبهم يرى المراقبون. أن الأعداد المتواضعة التي شاركت فيما سُمي ب "جمعة الغضب الثانية" يشير إلى حجم تأثير القوة الإسلامية وثقة الشارع فيهم رغم حملات التشويه الصارخة التي أنطلقت بعد نتيجة الاستفتاء الكاسحة. اعتبر المشاركون في مظاهرة يوم الجمعة في القاهرة أن الإقبال الكبير دليل واضح على ضعف تأثير جماعة الإخوان المسلمين على المواطنين المصريين. وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين قد دعت لمقاطعة مظاهرة "جمعة الغضب الثانية"، معتبرة أن مطالب الثورة تتحقق، إلا أن ملايين المصريين خرجوا في جميع أنحاء مصر للتأكيد على مبادئ الثورة والمطالبة بتحقيق أهدافها. وفى السياق نفسه أشارالأستاذ فهمى هويدى فى مقالة فى جريدة الشروق الي التقيم الإعلامى لتغطية الأحدث من الصحف العالمية والمصرية والقنوات الإخبارية يوم الجمعة الماضى (27/5) حين خرجت الجماهير إلى ميدان التحرير وبعض الميادين الأخرى للتعبير عن يوم الغضب، ذكرت النشرة الإخبارية التى بثتها قناة «أو. تى. فى» إن من بين المطالب التى دعا إليها المتظاهرون تشكيل مجلس رئاسى لحكم البلاد. وفى اليوم التالى مباشرة (السبت 28/5) أشارت صحيفة «المصرى اليوم» فى عناوين الصفحة الأولى إن أهم المطالب: الدستور أولا، وتأجيل الإنتخابات. وذكرت صحيفة «الشروق» إن أبرز مطالب المتظاهرين تمثلت فى الدعوة إلى تأجيل الانتخابات. أما جريدة «الأهرام» فتحدثت عن مشاركة عشرات الألوف فى التظاهرات، الذين طالبوا بإصدار الدستور أولا وتأجيل الانتخابات التشريعية، وعدم انفراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار القوانين. حيث قام هويدى الي مقارنة ما نشرته الصحف سابقة الذكر بالتقرير الذى نشرته صحيفة «الحياة» اللندنية فى اليوم ذاته (السبت 28/5) فلاحظت إختلافا فى أمرين، الأول أن الصحف المصرية ذكرت أن غياب الإخوان لم يؤثر على «المليونية» التى التأمت يوم الجمعة، فى حين ذكرت صحيفة الحياة العكس، وقالت إن التظاهرات «أظهرت قدرات الإسلاميين على الحشد، إذ مثل غيابهم عن ميدان التحرير ضربة لأعداد المحتشدين» ومن جانبه أكد د.محمد حبيب، النائب الأول للمرشد العام السابق للإخوان المسلمين، أنه مؤيد وبشدة الخروج والمشاركة اليوم فى مظاهرات الغضب الثانية، موضحا أنه لولا الدعوة لهذه المظاهرة ما كان تم إحالة حسنى مبارك الرئيس السابق ونجليه لمحكمة الجنايات. وانتقد حبيب بيانات الإسلاميين وكل من رفض الخروج فى "جمعة الغضب الثانية"، ومنهم الإخوان المسلمين، واصفاً قرار الإخوان وغيرهم ممن لم يشاركوا بالخطأ السياسى الذى يحتاج بنظره لمراجعة وإعادة تقييم، مشددا أنه ضد الدعوة لدستور جديد أو مجلس رئاسى، لكنه أيضا مع تأجيل الإنتخابات البرلمانية لحين عودة الإنضباط الأمنى، مضيفا أنه مع ضرورة الخروج لتطهير باقى مؤسسات الدولة من فلول النظام السابق فى الإعلام والجامعات والمحليات. وأشار د.حبيب الذى أعاقته أسباب صحية عن الخروج اليوم، والذى خالف قرار جماعة الإخوان المسلمين رغم أنه مازال عضوا بالتنظيم، وإن كان تخلى طواعية عن عضويته فى مجلس الشورى قبل شهرين، إلى أن إجراء الإنتخابات البرلمانية فى التوقيت الحالى وفى ظل حالة الإنفلات الأمنى غير مجدية، بالإضافة إلى أن إجراء الإنتخابات فى وقت لم تأخذ الأحزاب التى خرجت من رحم الثورة فرصتها فى التواصل مع الشارع وبناء هياكلها. وردا على من يتهم الداعين والمشاركين للخروج بأنهم العلمانيين والليبراليين المعادين للإسلام والرافضين للإستفتاء، اعتبر حبيب هذا بأنه غير متوافق مع الحرية والديمقراطية التى ينشدها الشعب والقوى السياسية، نافيا أن يتم التفتيش فى الضمائر بقدر الارتضاء بقواعد الديمقراطية وترك كل شخص أو فصيل يعبر عن رأيه وموقفه طالما يؤمن به ويعتقده ويحترم الرأى الآخر. وفيما يتعلق بتبرير بعض من الإسلاميين أو الإخوان فشل المليونية اليوم وعدم خروج الشعب للمشاركة إلى غياب الإخوان أو الإسلاميين اعتبره حبيب وضع لا يليق فى وقت مصر على أعتاب مرحلة جديدة تنشد فيها الديمقراطية، مضيفا أن موقف اليوم سيكون له أثره على تزايد الشروخ والفوارق بين القوى السياسية، قائلا: "ما لم ينتبه الحكماء". والعقلاء إلى ذلك سيكون له ما له من أثر سلبى، وطالما أن الثورة قامت على أكتاف جميع القوى السياسية والشعبية فلابد من الحفاظ على بقاء الجميع كبوتقة واحدة ونحن فى أمس الحاجة لمزيد من التكاتف". بدوره، قال د. عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إن عدم مشاركة الإخوان المسلمين في جمعة الغضب الثانية أمس جاء بدافع وطني من أجل حماية مكتسبات ثورة يناير مشدداً علي أن جماعة الإخوان المسلمين تثق في المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالحفاظ علي مكتسبات وأهداف ثورة يناير. وأضاف العريان: "على الشعب المصري أن يبدأ فوراً مرحلة البناء من أجل دفع عجلة الاقتصاد المصري الذي يعاني الكثير خلال الشهور الماضية إضافة إلي أهمية إجراء الانتخابات البرلمانية في وقتها والتزام جميع القوي الوطنية بترقب المرحلة الانتقالية التي سبق أعلنها المجلس الأعلي للقوات المسلحة". وفى سياق آخر قال العريان أن من يتهموننا بخيانة الثورة هم مجحفون بحق الإخوان وبتاريخهم ، نحن تاريخنا فى النضال الوطنى لا أحد يستطيع إنكاره ،وأكثر الناس دفاعا عن الثورة وأكثر من ضحى لأجل كما وضح الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد، أن عدم مشاركة الأخوان المسلمين لم يكن لها تأثيرا على مظاهرات جمعة "القضاء على الفساد السياسى" خاصة بعد توافد عشرات الآلاف إلى ميدان التحرير، موضحا أن مظاهرة اليوم رمزية للتعبير عن رأى أصحابها ومطالبهم العاجلة لاستكمال ثورة 25 يناير، ولم تكن الدعوة بالأساس لمليونية، وفى النهاية فمطالب المتظاهرين مشروعة ومن حقهم التعبير عنها. وأضاف نور، أن حزب الغد وحملة دعمه للرئاسة شاركا بالمظاهرات انطلاقا من إيمانهم بمطالب جمعة "القضاء على الفساد السياسى" لعدم استكمال مطالب الثورة، مضيفا: "لا يستطيع أى تيار إن يدعى أنه يحتكر الشارع المصرى، فالمصريون وحدهم أصحاب القرار". فيما قال الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على صفحته بموقع الفيس بوك، معلقاً على إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عدم وجوده بميدان التحرير اليوم، إن تأمين وحماية التظاهرات السلمية هى مسئولية السلطة وأجهزة الأمن فى المقام الأول، ولا سيما فى ظل الظروف القائمة، فيما شارك أعضاء حملة دعم البرادعى فى مظاهرات اليوم، دون ارتداء الملابس الخاصة بهم، نظراً للقرار الذى اتخذته الحملة لوقف نشاطها مؤقتاً حتى استقرار الأوضاع الحالية. كما شارك فى مظاهرات النائب السابق حمدين صباحى وحملته الانتخابية، ويرى حسام مؤنس، منسق حملة دعم صباحى للرئاسة، نجاح مظاهرات اليوم وسط مشاركات عشرات الآلاف من المواطنين، موضحاً أن هناك العديد من المواطنين الذين لم يشاركوا اليوم، ليس بسبب دعوة الإخوان لمقاطعة المظاهرات وإنما خوفاً من البلطجية. أما مجدى شرابية القيادى بحزب التجمع، فأكد أن غياب الإخوان لم يكن عاملا مؤثرا على جمعه الغضب، مؤكد نجاح المظاهرة بمشاركة أكثر من نصف مليون مصرى من مختلف القوى السياسية خلال تواجد الشباب، وأوضح شرابية تواجد عدد كبير من رجال الدين الإسلامى الذين برروا تواجدهم لحماية دور العبادة سواء الكنائس أو المساجد. من جهته، أكد خالد تليمه عضو المكتب التنفيذى لائتلاف شباب الثورة، مشاركة المواطنين من مختلف الأعمار حتى الأطفال الذى ظهر تواجدهم بشكل كبير، مما يؤكد نجاح جمعه الغضب، رافضا ربط نجاح المظاهرة أو فشلها بتواجد الإخوان المسلمين، موضحا أن عدم وجود الإخوان لن يكون هو العامل فى إفشال الثورة، بل غياب الشعب أجمعه هو العامل الأساسى فى تحديد مصير المظاهرات التى يخرج الشعب خلالها ليعبر عن رفضه استمرار الظلم والتأكيد على تحقيق مطالب الثورة. أما اللواء سامح سيف اليزل فأكد، أن مظاهرة لم يكن لها أى أثر كبير، كما كان يعتقد البعض، وهو ما ظهر بعد اختلاف رؤى الأحزاب حول المشاركة من عدمها، والتى كان منها رفض التيارات الإسلامية، رافضا ربط ضعف المظاهر إلى عدم مشاركة التيارات الإسلامية فقط، بل أرجعها إلى اختلاف الآراء بين القوى السياسية جميعها، ومنها بعض شباب الثورة الذى رفض انتقاد إدارة المجلس العسكرى لمصر. وفى السياق ذاته اهتمت الصحف العالمية باجمعة الغضب الثانية حيث تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن الأسباب التى تقف وراء غياب جماعة الإخوان المسلمين عن الإحتجاجات التى شهدتها القاهرة أمس الجمعة فيما يعرف بجمعة الغضب .. وأكدت الصحيفة أن المظاهرة قد تكون ذا أهمية بالغة حيث تبرز دور قوى الأحزاب الليبرالية فى الحياة السياسية المصرية الا أنها المرة الاولى منذ قيام ثورة 25 يناير تغيب جماعة الإخوان المسلمين عن تأييد وتدعيم أى مظاهرة شعبية ضخمة . وذكرت الصحيفة أن العديد من النشطاء والمراقبين الأجانب يشعرون بالقلق إزاء إحتمال تولى جماعة الاخوان المسلمين دور بارز فى الانتخابات البرلمانية القادمة والذى قد يمكنها من التحكم فى تعديل الدستور .الا أن المتظاهرين رفعوا شعار "الدستور أولا" لتشكيل قواعد ولوائح من القوانين التى تضمن حماية الحريات الفردية وحقوق الاغلبية قبل بدء الانتحابات البرلمانية . وتابعت الصحيفة أن جماعة الإخوان المسلمين قد قامت بحملة ضخمة خلال الإستفتاء على تعديل الدستور الذى تم اجراؤه فى مارس الماضى من اجل الموافقة على التعديلات، وقد يكمن سبب غياب جماعة الاخوان المسلمين عن مظاهرة امس لاقتناعها ورضاها عن توقيت الانتخابات .