انتهت أيام التقرب إلى الله زلفى، والسمو فى المشاعر والإحساس بعوز وحاجة المحتاجين ، أقصد أيام رمضان وتلتها أيام العيد ، وكأنها مرحلة انتقالية لتعود الحياة والناس فى مصر إلى ما كانوا عليه قبل شهر وعدة أيام ، شهدنا خلالها - هذا العام تحديدا - عدة ظواهر تعكس فى رأيىّ التغييرات التى ترسخها سياسات الحكومة خلال السنوات الأخيرة . وأبرز هذه الظواهر أوالمظاهر.. لم تحتاج إلى كثير من الرصد لأن مكانها كان الشارع المصرى وتقع أمام أعيننا جميعا فلا سبيل لإنكارها ، وتجلت فى جيوش الشحاذين خاصة بعد انضمام أعداد جديدة من عمال النظافة والكناسين وغيرهم من فئات المجتمع إليهم ، خاصة من أطفال الشوارع الذين زادت أعدادهم بشكل مخيف عن السنوات الماضية. وإذا ما أضفنا التسول المرئى عبر شاشات الفضائيات والمحطات الأرضية إلى التسول فى الشارع فسوف تكون الحصيلة هى هذا الإحساس الذى انتابنى وانتاب كثيرون مثلى وتحول إلى ما يشبه القتاعة فى أن أكثر من نصف المصريين تحولوا إلى متسولين ، وارتباطا بهذه الظاهرة آلمنى بشدة كثير من القصص التى سمعتها عن استغلال الأطفال حديثى الولادة فى التسول وحقنهم الدائم بجرعات منومة حتى لا يتثروا المتاعب ببكائهم للمتسولات اللاتى يؤجروا هؤلاء الأطفال لأجل هذا الغرض وفى هذا الصدد أيضا حكت لى إحدى المشرفات بدور الرعاية عن العثور على طفل فى سن الرضاعة ملقى به فى إحدى الحدائق بين الحياة والموت، وبعد نقله للمستشفى اكتشف الأطباء أنه تم حقنه بجرعة كبيرة من دواء منوم وبعض أدوية تؤثر على خلايا المخ ، وبعد عدة أيام قضاها فى العناية المركزة تم إنقاذ الطفل واستلمه المسئولون بدور الرعاية لكفالته من تبرعات المحسنين. وسألت نفسى : من أين يأتى هؤلاء الأطفال وما الذى دفع أهاليهم للتخلص منهم أو التفريط فيهم للشحاذين ليتاجروا بهم وهم بعد (لحمة حمراء) كما يصفهم أهلنا الرحماء البسطاء.. ولماذا تحجرت قلوب المصريين إلى هذه الدرجة وما الذى دفعهم إلى هذا إلا سياسات الحكومة الاقتصادية التى لا تريد أن تتعامل مع مشكلة الفقر إلا بمنطق الإحسان المتساقط من الأغنياء الذين تعمل من أجلهم ، أو من خلال العلاج الوقتى وليس العلاج من الجذور. هذا عن الاقتصاد.. أما الإعلام فكانت هناك ملاحظات أخرى عليه.. وللحديث بقية..