منذ ساعات انتهت رحلة طالت أكثر من عام، قضاها فاروق حسنى حالما بالوصول إلى مقعد مدير اليونسكو، وبذل خلالها الغالى والنفيس لينال رضا أمريكا وإسرائيل، فقد خرجت نتيجة المرحلة الخامسة من التصويت بنجاح البلغارية إيرينا بوكوفا بالمنصب الدولى، وكما هو متوقع فقد خيم الحزن "والحسرة" على الوفد المصرى المرافق لحسنى فى باريس، خاصة بعد مراحل أربع من التنافس كان حسنى متفوقا فى الثلاث الأولى منها، ومتعادلا فى الرابعة، فجاءت الصدمة أوقع مما لو كان حسنى متخلفا عن سائر المتنافسين منذ البداية. وجاءت لحظة الحسم حين أعلن عن فوز المرشحة البلغارية بفارق 4 أصوات (حصلت على 31 صوتا مقابل 27 صوتا لحسنى )، لينهار الحلم، ويتبدد الأمل الذى راود وزيرنا الفنان طويلا، والذى أدرك، منذ ساعات قليلة، أن ولاءه للغرب، وللثقافة الغربية، لم يشفع له لدى سادة الشمال، وأن تزلفه لإسرائيل لم يشفع له لدى الولاياتالمتحدة، وأن الغرب سيظل غربا، والشرق سيبقى شرقا، مهما خدم الشرق الغرب، ومهما تبنى الشرق ثقافة الغرب، وقيمهم. وفى أول رد فعل تم رصده فى وسائل الإعلام الإسرائيلية على خسارة حسنى جاء على موقع الجيش الاسرائيلى أن وزير الثقافة المصرى الذى دعا إلى حرق الكتب الإسرائيلية الموجود فى مكتبات بلاده لم يتم انتخابه، وأن وزارة الخارجية الإسرائيلية سارعت إلى تهنئة المرشحة البلغارية الفائزة متطلعة إلى بدء تعاون مثمر مع المنظمة. وأشار الموقع إلى أن خسارة حسنى جاءت بسبب معارضة دول أخرى - غير إسرائيل - ومنظمات يهودية بسبب تصريحاته ضد إسرائيل واليهود. وعندما سألت "مصر الجديدة" د . عبد الله الأشعل (مساعد وزير الخارجية الأسبق) عن تعليقه على خسارة فاروق حسنى لمنصب مدير اليونسكو قال : " إن خسارة حسنى كانت متوقعة، فرغم أن الرجل فعل كل شيء لإرضاء إسرائيل، والولاياتالمتحدة، حتى أنه لم يتردد فى السير فى طريق التطبيع، إلا أن الولاياتالمتحدة لم تتردد فى أن تعطى للنظام المصرى درسا قاسيا، ملخصه أن التحالف بين أمريكا وإسرائيل تحالف عضوى، أصيل، مقدم على ما سواه من التحالفات، وأن تحالف النظام المصرى مع الولاياتالمتحدة، مهما بلغ من قوة، ومهما فعلت مصر فى خدمة الولاياتالمتحدة، فلن تصل لمكانة إسرائيل لدى الولاياتالمتحدة، ولن تأخذ مصر والعرب من الولاياتالمتحدة شيئا إلا ما تقرر الولاياتالمتحدة منحه، باختصار : لا تطمعوا إلا فيما أحدده أنا، وأقرره أنا، ولا تتخيلوا أنكم ستساوون إسرائيل لدى !! هذا هو الدرس المذل الذى لقنته الولاياتالمتحدة للدولة المصرية، فى شخص أحد موظفيها الكبار، المعروف بولائه للحضارة الغربية، والذى فعل كل ما بوسعه لإرضاء الغرب والولاياتالمتحدة !" ومع إغلاق ملف اليونسكو، فإن ملفا يخصنا نحن المصريين لابد أن يفتح، ومنذ لحظات إعلان النتيجة، إنه ملف وزارة الثقافة المصرية : هل سيبقى حسنى فى الوزارة؟ أم ستتحقق الأنباء التى تسربت عن نية تغييره عقب إعلان نتيجة اليونسكو مهما كانت؟ ومن سيكون خليفة حسنى فى حال التغيير؟..هذا هو سؤال الأيام القادمة.