د.إبراهيم قويدر تصريح سعادة سفير ليبيا فى إيطاليا بأن جوازات السفر الليبية الجديدة ستحمل صورة القائد مع برلسكونى رئيس وزراء إيطاليا...وقع عليّ كالصاعقة التي شلت تفكيري وجعلتني أشعر بأن هذا التصريح يمس كرامة الإنسان العربي الليبي ويستهزئ بنا جميعًا، ولا أعلم من أين جاء سعادة السفير بهذا التصريح؟ وهل هو حقيقة أم مجرد دعابة؟ ولكنني أخذت الموضوع مأخذ الجد، وبالتالي رأيت ضرورة تناوله والخوض في هذه القضية التي تمس جوانب كثيرة وطنية وإنسانية سواء كانت ليبية أم عربية أم إسلامية. ولعلي أبدأ بمقدمة تاريخية حول أصلا فكرة الجوازات التى ظهرت على المستوى الدولي في أول مؤتمر عقد لتنظيم موضوع التنقل بين الدول ودارت مناقشاته حول دراسة مستندات السفر عام 1920، ثم عقد مؤتمران آخران في 1926 و1927م. وعقد اجتماع دولي في عام 1963 لوضع الخطوط العريضة كدليل دولي نموذجي للبيانات التي يجب أن يحتويها جواز السفر وتستعين الدول بها فى طبع جوازاتها. وظهرت فكرة وضع مواصفات موحدة للجوزات من قبل الأممالمتحدة في عام 1980م، وتم الاتفاق عليها فى شكل اتفاقية رسمية عالمية، وأصبحت من ضمن مشمولات ICAO . تجدر الإشارة هنا إلى أنه منذ عام 1920 حددت اللغة المستعملة فى جواز السفر إلى جانب اللغة الوطنية لدولة المصدر بالفرنسية ثم أضيفت "أو الإنجليزية". ومن خلال صدور العديد من المواثيق الدولية في هذا الشأن أصبح هناك ربط دولي فعال بين حقوق الإنسان وامتلاكه جواز السفر الذي به يستطيع ممارسة حقه في التنقل حول هذا العالم، وأصبحت الدول وفقًا لهذه الاتفاقيات الدولية ملزمة وفقًا لها بأن تمنح مواطنيها إثباتات هوية محلية "البطاقات الشخصية" للتعريف بهويتهم داخل أوطانهم، كما أُلزمتْ أن تمنحهم إثبات هوية آخر دولي، وهو جواز السفر، وبعد التطور التكنولوجي المعلوماتي اتفق وفقا لملحق للاتفاقيات العالمية لوضع وتنفيذ جواز السفر الالكتروني، وفُرِض على كل الدول ضرورة تغيير جوازات سفرها على أن تتقيد بالشكل والمضمون، أعنى المعلومات التي توضع في الجواز الالكتروني الذي ستكون معلومات جوازك أخي المواطن الكريم وأختي المواطنة الكريمة معروفة ومسجلة عالميًا، وحتما ستنتهي الجوازات العادية حيث بدأت كل الدول في تغيرها، وتسبقنا في ذلك على سبيل المثال دول المغرب العربي ومصر ودول الخليج والسودان ولبنان والأردن، كلهم أصدروا الجوازات الإلكترونية، وكان يفترض أن يستعمل في ليبيا منذ أكثر من 10 سنوات ولكنه لم يحدث!! المهم فلنعود إلى الموضوع الذي صرح به سعادة السفير وقبل أن انتقد هذا الموضوع أوضح أنني أعفي السيد القائد من أي علاقة بهذه الفكرة؛ لأنه في عام 1979، والكثير في اللجنة الشعبية لبلدية بنغازي في ذلك الوقت- يعلمون كم كان متضايقًا وشدد على كل الحاضرين بعدم التوسع بتعليق صوره الشخصية بالمكاتب، بل طالب برفعها من المكاتب، بالتالي فإن رجل بهذا الموقف لا يمكن أن يقترح وضع صورته على جواز السفر، والأغرب أن معه رئيس وزراء دولة استعمرتنا طويلا وأهدرت دم أجدادنا، وهو الذي دخل بلادهم معلقًا صورة شيخ الشهداء عمر المختار، من هنا أناشده بإيقاف تلك الفكرة التي تسيء إلى بلدنا وقيادتها، وإلى كل فرد من أفراد هذا الشعب الذي حتما لن يوافق على ذلك، فكيف سيكون الحال ونحن نحمل جوازات سفر عليها صورة رئيس إيطاليا خاصة أو أي دولة أخرى بصفة عامة؟! وكيف سيكون الحال بعد سنوات ولا يكون برلسكونى في الحكم، هل سنغير جوازاتنا ونضع صور رئيس الوزراء الإيطالي الجديد؟! وهل صاحب الفكرة هذه له جذور ومحبة لإيطاليا ويرغب في أن يعزز من جديد سيادة إيطاليا على ليبيا . وأخيرًا وليس آخرًا، كيف سيكون حالنا أمام موظفي الجوازات في كل أنحاء العالم؛ فجوازنا هو الوحيد الذي سيكون فيه صور، وكيف سيكون موقف الدولة الليبية عندما سيبلغون من ICAO بأن جوازنا مخالف للاتفاقيات الدولية التي وضعت المواصفات والمعلومات الواجب توافرها في جواز السفر والتي حُددت بشعار الدولة واسمها ومكان وتاريخ إصدار الجواز، أما بقية البيانات فهي تخص صاحب الجواز المواطن الليبي الذي استفز أكثر من اللازم، فلا تزيدونه استفزازًا أرجوكم! وأوجه هنا كلامي للمتملقين أصحاب ركوب الموجات (وكر الحبل) وأقول: حرام عليكم وكفانا ما عنينا منكم من دجل واستخفاف بهذا الشعب، ولتعلموا أن عملكم هذا لن ينطلى على من تحاولون التقرب منه بكل شكل من الأشكال، وإذا أحببتم برلسكوني فعلقوا صوره في صالوناتكم وقصوركم أو ضعوا هذه الصورة في جوازاتكم الحمراء واتركونا من غير صور، ألا تعلمون أن هذه الفكرة ستسبب نقمة شعبية وثقافية لا يحمد عقباها، وكلي أمل في ألا يحدث شيء من هذا التصريح المستفز.. وعلى أية.. اللهم إني بلغتُ. [email protected] www.dribrahimguider.com