هل يحتاج جمال مبارك إلى من يؤكد على حقه فى الترشح للرئاسة، حتى يفكر سعد الدين إبراهيم فى دعمه لبلوغ هذا الحق؟ المشكلة أن سعد الدين تصرف لو أنت مقتنع بحسن نيته كعمدة قروى زار صاحب مستشفى مريض، ويرقد فى المستشفى الذى يملكه وبين الأطباء والممرضات الذين يدفع لهم رواتبهم، ثم يتقدم العمدة بقروية ساذجة ويضع مائة جنيه أسفل وسادة المريض، ثم يقول إن الرجل مريض وفى محنة ودعمه واجب، وأنه يجامل صاحب المستشفى مثلما يجامل كل أهل قريته على السواء. كما بدا سعد الدين إبراهيم عند توقيعه على بيان «ائتلاف دعم جمال مبارك» كمن يوزع «نقوط» فى فرح شعبى، لا يهم إن كان «العريس» يحتاج أمواله أم عنده ما يكفيه ويفيض لأجيال وأجيال من بعده، المهم أنه كعمدة قروى لابد أن يجامل عرسان قريته جميعاً ويساوى بينهم فى «النقوط» لأنه يعتقد أن هذه هى المبادئ القروية الحقيقية فى المساواة والعدل. لكن الحقيقة أنه لا توجد أى عدالة أو مساواة بين من يطرحون أنفسهم للرئاسة، أو يطرحهم أنصارهم، ومن بين كل من تنطبق عليهم شروط الترشيح أصلاً يبدو جمال مبارك، إذا اتفق الحزب الوطنى على منحه بطاقة الترشيح، صاحب الحظوظ الأوفر والأهم، وربما الوحيدة فى معركة نتائجها تكاد تكون محسومة سلفاً، وفق معطيات النظام الانتخابى، والوضع الدستورى العام المهيمن على عملية انتقال السلطة. دعك من الأواصر العائلية التى نجحت فى تصعيد الرجل بشكل مبالغ فيه، وفرضه على الدوائر الحزبية والحكومية والدولية كبديل محتمل، وانظر إلى الوضع الدستورى للترشيح الذى يجعل مرشح «الوطنى» وفق المادة «76» ينافس نفسه تقريباً، وانظر إلى النظام الانتخابى الذى تغيب عنه الضمانات الحقيقية لنزاهة الانتخابات، وطبيعة العلاقة الاندماجية بين الحزب الوطنى والسلطة بكامل أجهزتها التنفيذية ذات التأثير، إلى جانب تعامل الإعلام الرسمى مع السيد جمال مبارك باعتباره رئيس الجمهورية دون انتظار ترشيح أو نتيجة اقتراع. وتخديم الوزراء والمحافظين عليه فى كل جولاته بالمحافظات بشكل مكثف لا يتكرر مع أمين عام الحزب، أو أى من الأمناء المساعدين المتساوين مع أمين السياسات فى الدرجة القيادية داخل الهيكل التنظيمى للحزب. يأتى ذلك فى الوقت الذى مازال الدكتور البرادعى وأنصاره يبحثون عن ثغرة للنفاذ إلى الترشيح عبر تكثيف الضغط عبر المطالب السبعة، ويجهز أيمن نور لمعارك قضائية لنيل الفرصة التى يحجبه عنها الحكم القضائى الذى صدر بحقه فى واقعة «التزوير»، فيما يخوض معركة أخرى لاستعادة حزبه المختطف والمنقسم، وتبعد القيود المفروضة على المستقلين حمدين صباحى عن حلمه بالترشح، فيما يحتاج رؤساء الأحزاب القائمة قدراً محدداً من المقاعد البرلمانية لخوض الانتخابات الرئاسية. وسط كل هذه المعاناة والمشكلات التى تواجه البدائل المطروحة، يبدو مرشح الحزب الوطنى الأكثر راحة واسترخاء واستعداداً، بينما منافسوه فى إجهاد متواصل، فإذا كان جمال مبارك هو هذا المرشح فأى دعم يستحقه يا دكتور سعد، وأى حق له تحاول أن تؤكد عليه، وهو الذى يحتكر كل شىء، ويحرمنا هو وحزبه وحكومة حزبه ونظام والده من كل الحقوق..!