من زمان والمصرين معروف عنهم الفهلوة وتفتيح المخ فى كل حاجة لكن زمان كانوا بيستخدموا الفهلوة فى تدبير أمورهم والتوفير او على رأى المثل الشعبى القديم ( الشاطرة تغزل برجل حمار ) وده كانت بتستعمله ست البيت اللى بتقدر تدبر حالها وتمشى أمورها حتى بأقل الإمكانيات ، وكان الراجل فى البيت بيعرف يعمل كل حاجة فى بيته مش بس شطارة لأ ده كمان توفير ، لأن وقتها كانت الإمكانيات والدخول محدودة ومطلوب التدبير والإقتصاد علشان الحياة تمشى ومكنش فيه مانع إنه يصلح محبس الميه أو يدق مسمارين فى رجل كرسى ملخلخ أو حتى يدهن البيت كل سنتين ثلاثة هو وأولاده ووقتها كل الأمور كانت طبيعية والناس معظمها زى بعضها وكانت الطبقة السائدة هى طبقة الموظفين أو المتوسطة إلى أن تبدل الحال وقضت السياسات المتعاقبة للدولة على هذه الطبقة تماماً وعلشان المصرى بطبعه فهلوى وبيكره الخط المستقيم فهو العدو الأكبر لكل ما هو نظام أو خطوات محددة كل حاجة عنده لازم يكون فيها حل واتنين وخرق النظام هوايته المفضلة حتى أنها تصل إلى حد الإستمتاع والإحساس بالنشوة والإنتصار على جمود النظام وعلى الرغم من الشكوى المريرة من الروتين الحكومى وجمود الإجراءات فى معظم القطاعات الحكومية إلا أن الحل السحرى دائما جاهز ونظرية الشئ لزوم الشئ هى دائماً صاحبة اليد العليا والحلول السهلة والسريعة عند المصريين زيها زى التيك أواى سهلة وسريعة المهم اللى يدفع الثمن ، ومع التطور وزيادة متطلبات المعيشة وانتشار المحمول فى يد الجميع زادت الفهلوة وأصبحت هى النظام الوحيد المعمول به و أى نظام أخر مصيره الإنتهاء من قبل حتى ما يبدأ ووصلت إلى القوانين والأنظمة وكل شئ فالقانون مهما كان له ثغرات ومهمتنا فى مصر هى البحث عن الثغرات لكل شئ والتفنن فى خرقه وإستخدام الأبواب الخلفية والدفاع بإستماتة عن ما نريده أو يحقق لنا المصلحة الشخصية بغض النظر عن الدولة أو الآخرين ومع هذا الإنتشار للفهلوة وتفتيح الدماغ أصبحت مهنة يسعى إليها كل من يبحث عن عمل سهل لا يحتاج إلى مؤهلات عليا أو تعليمية وعندنا كثير حباهم الله سبحانه وتعالى بذكاء فطرى ولديهم القدرة على التدقيق والتفكير وخرق أى نظام أو التحايل عليه وخلال السنوات الأخيرة أصبحت مهنة الفهلوة هى أكثر المهن إنتشاراً وسعى إليها معظم الشباب بإختلاف ثقافتهم وتعليمهم وبدون تفرقة بين راجل أو ست فالكل أمام الفهلوة سواء ، ولأن الفهلوة مش محتاجة نظام ولا مواعيد ولا مدير يتحكم فيك ولا صاحب عمل ينغص عليك حياتك اتسربت العمالة شوية بشوية وانضم إليهم الأجيال الجديدة وكونوا " جيش جرار " من العاطلين ورواد القهاوى والمتسكعين على الأرصفة فى الأحياء الشعبية وشلل لعب الكوتشينة والنوادى وأصبح المجتمع عاطلاً فى معظم فئاته وكل واحد من إياهم أصحاب مؤهلات الفهلوة مستنى السبوبة أو المصلحة اللى يطلع له منها بقرشين يكفوه يصرف منهم يومين ثلاثة أو حتى إسبوع وكل اللى بيعمله بياخد منه دقايق أو حتى نص ساعة والمصلحة تنقضى ويكمل يومه نوم والقعدة على القهوة وآهى الأيام بتعدى وهو يعنى عايز إيه من الدنيا الفانية دى غير أكلة حلوة ولمة وأصحاب وحجرين شيشة والمسائل تتظبط و أصبح العمل الحر زى ما بيقولوا على نفسهم هو سيد الموقف والشركات الكبيرة أو حتى الصغيرة المنظمة مش لاقية حد يشتغل والسبب هو الفهلوة وتفتيح الدماغ فى دولة فقدت القدرة على إدارة كل شئ وتركت إدارتها للصدفة بداية من الشارع وحتى القانون اللى ما يلاقيش حد ينفذه لأنه من البداية لم يراعى المجتمع الذى وضع فيه ، لأنه ببساطة منقول من كتب الغرب حتى أصبحت الفهلوة المصرية اللى كانت زمان صفة بنفتخر بيها دلوقتى هى اللى بتاخدنا إلى مجتمع عاطل ومشوه ولا يملك حتى قوت يومه ولو عايزين تتغيروا خلو ولادكم يعرفوا معنى التعب وبذل المجهود من سن 16 سنة بدل ما بنخليهم جنبنا ونصرف عليهم ونجيب لهم شقة وعربية وفى النهاية نقول ليه ما بيشتغلوش وإلا هنوصل قريب قوى لجيل لا يعرف عن العمل أى شئ وكل معلوماته هو مصروفه من اهله وأعتقد إننا بدأنا نحصد ده من الآن . [email protected]