كما ذكرنا في الجزء السابق أنه أهم نموذج لترسيخ روح القطيع .. وأيضاً من أخطرها .. لذلك وجدنا أنه أنسب مثال لشرح كيفية ترسيخ روح القطيع وغسيل المخ الذي تم ممارسته على الشعب المصري .. بدءاً من إستفتاء 19 مارس .. وما تلاه من أحداث وكيف تم خداعنا طول هذا الوقت الطويل . ولعل التيار المدني كان أفضل مساعد لتطبيق هذه الخطة .. دون أن يدري ودون أن يكون هناك القيادات القادرة على فهم طبيعة المعركة .. فكان فهمهم كلاسيكياً عقيماً وما زالوا لا يريدون أن يروا الصورة على وجهها الصحيح وبشكلها البانورامي الشامل ؟!!!!! .. فالعدو الخارجي .. هو من يمسك بمقاليد الأمور ويحرك جميع الخيوط .. فهناك من يعمل على التحكم والسيطرة على منافذ البحرالأحمر في قناة السويس وباب المندب .. ويوطد علاقاته وتتدفق أمواله إلى إفريقيا والصومال وأثيوبيا وإريتريا .. مع محاولة التحكم في منابع النيل.. وهناك مشهد آخر .. متفرع من المشهد السابق يتمثل في محاولة الهجوم على الكاتدرائية لإثنائها عن التدخل في ملف مياه النيل .. بل إن هناك جهد حثيث من أجل إكمال الصفقة لمرور مياه النيل إلى إسرائيل .. وأغراضهم لن تتوقف عند الإخوان ،فإذا فشل الإخوان فليستبدلوهم بالسلفيين .. فهناك دائماً من يسجدون للمسيخ الدجال طالما أنه يخضعهم ويحدثهم بإسم الدين ... ولكن عليكم أن ترقبوا من بعيد .. التفجير الذي حدث في مقديشيو .. بالصومال .. لعناصر مخابرات قطريه .. فهل هناك تدخلات مخابراتية مصرية ؟..فهناك قلاقل ومشاكل في قطر ..وأقاويل عن هروب لأميرها الإسرائيلي في حماية المارينز .. .. وهناك مشهد آخر ينبغي الإلتفات له ، ألا وهو ذلك التقدم الملحوظ في الثلاثة أسابيع الماضية على الجبهة للقوات النظامية في سوريا .. ففجأة وبدون مقدمات ، بعد ما كان موقفه متأرجحا بين الفشل والنجاح منذ ما يقرب ثلاثة سنوات ورغم المساندة الإيرانية والصينية والروسية، نشاهد تقدما ملحوظا على الأرض لتحركات الجيش العربي السوري.. فما هو التطور النوعي الذي حدث فجأة لكي يكون هناك تفوق تام وفي زمن بسيط وبمهارة لم تكن موجودة من قبل فيما يسمى حرب الشوارع والعصابات ؟.. هل هناك عناصر من الجيش المصري التي تجيد عملية التخطيط يمكن أن تكون قد دعمت سرا -وبعيدا عن القيادة السياسية المصرية -النظام في سوريا..؟.. وهل هناك مساعي حقيقية من الجيش المصري لإخراج تركيامن الصراع .. من خلال ضمان حكم ذاتي للأكراد ؟.. هل هناك محاولة لفك شبكة المصالح وإلهائها .. وضرب مصالحها ؟.. وهل إستشعرت شبكة المصالح الدولية بقرب الإنهيار للموكلين بعملية التقسيم الناعم للمنطقة من الإخوان والسلفيين فهرولوا لروسيا والصين ليحاولوا الإتفاق على إعادة توزيع الأنصبة في تقسيم سوريا إلى أربعة أقاليم ؟ كلها مع الأسف أحداث لا يقرأهاالكثيرين .. لأننا نغرق في ثنايا وتفاصيل الصورة الصغيرة .. وتستهلكنا الجزئيات بشكل يعمينا عن رؤية الصورة العامة بشكلها البانورامي الشامل ..... وهذا هو سبب ضياع الثورة والثوار.. بل آخر المستجدات أنهم جعلوا دون أن يدروا .. الخيانة .. مجرد خلاف سياسي .. فكون شباب يذهبوا على سبيل المثال لحملة تمرد ..ليجمعوا توقيعات .. ولا نبخث جهدهم .. ولكن ما يؤسفني أن يذهب خلفهم قيادات ويلتحقوا بهم .. بدلاً من أن ينبهوهم .. أن الخيانة لا نأخذ الرأي فيها بعدد الأصوات .. فالخيانة والدم ليس فيها خيارات فما بالك أن يضع شخص إسمه على ورقة لا تملك بها أن تفعل بها أي خيار .. فمن إختار الخيانة ووضعها في الصندوق .. عليه أن يواجهها وجهاً لوجه .. وأن يتسلح بقوة قادرة على أن تنجز المهمة ويعرف كيف تدار الأمور وكيف يواجه الشياطين فهم يدبرون أمرهم في الخفاء .. فمن خلال التحالفات ولعبة المصالح .. يكفيهم بعد ذلك ..قيادة القطيع فمن أسوء ما تم من ألاعيب سياسية على الشعب المصري هي التلاعب بروح القطيع.. فإن التفكير هو أخطر أعداء الحاكم الديكتاتور فلم يتركوا الضحايا إلا بعد أن تصبح تحت سيطرة الزعيم وبالطبع على مستوى الجماعات والدول يمكن تكوين القطيع من خلال دور دعائي صاخب لا يترك للآذان والعيون فرصة كي تتأنى وتستمع وترى شيء آخر، وهذا كان سر نجاح الإخوان والسلفيين.. فهم يجيدون هذا الدور الصاخب من خلال صراع الهوية الوهمي . وهنا حينما أرادوا أن يظل الشعب المصري تائها ما بين المرشحين .. ولحين أن يأتي الإخوان بخيال المآتة المطلوب ومن يوافق على الشروط فكان عليهم أن يحجبوا الرؤية عن إختيار أي بديل يطرح نفسه من خلال برنامج أو فكر.. بقنبلةالدخان أبو إسماعيل .. فنشروا صوره في كل مكان على الحوائط وداخل البيوت .. وانتشر في التلفزيون فلا تكاد ترى أو تسمع غير أبو إسماعيل بكل أكاذيبه .. الأهم فيه التكرار والإلحاح وما بين روح القطيع وغسيل المخ، وهما من أخبث قواعد اللعبة السياسية وفيهما لا يشعر الشخص أنه قد تحول لسلوكيات متناقضة لما كان يتبعه من قبل، فأصبح غسيل المخ في عصرنا الحديث دائرة جهنمية، وهي جريمة قتل لأعظم هبة منحها الله للإنسان وهي العقل. فقد تحول كثير من الناس إلى الوهم القادم وصار الجميع متحمساً لهذا الدجال فمن خلال التلاعب بالدين أصبح بكل أكاذيبه الصادق الأمين .. فحان أن يلغي الجميع عقله ويسلمه لأبو إسماعيل ومن أهم أولويات غسيل المخ تحطيم إرادة الشخص حتى يتحول إلى دمية في يد من قام بغسل مخه ويكون أكثر تعصباً له دون أن يدري وماذا يجري له. فمن خلال الإحباط المتتالي من قبل الثورة وبعدها أصبح الشعب فريسة لمثل هذا الأبو اسماعيل بل أصبح أكثر الناس تعصباً لهذه القنبلة التي لا يخرج منها إلا الدخان والإيحاء من أهم أدوات غسيل المخ.. فعقل الإنسان ينقسم لعقل ظاهر واع وعقل باطن غير واع،والأخير هو الذي يمارس عليه الإيحاء ومشكلة العقل الباطن أنه يقبل كل خبر أو إيحاء باعتباره حقيقة ما لم يقم العقل الظاهر له أو لشخص آخر بإعطاء إيحاء مضاد للإيحاء الأول يمنع قبوله ويقاومه من خلال إظهار زيفه. وتزداد قابلية الشخص للإيحاء إذا تم على أوتار رغباته الداخلية وخصوصاً الوتر الديني ويصل حينئذ التأثير لدرجة التنويم المغناطيسي فأصبح الكثير وما زال هناك من هو تحت تأثير أبو إسماعيل .. والفرق بين شخص وآخر قدرة العقل الظاهر في التفريق بين الحق والباطل.. ومن أساليب غسيل المخ ثلاثة أساليب: -أسلوب التكرار والملاحقة : والاقتناع هنا يأتي نتيجة أن الإنسان أسير العادة التي ارتاح إليها جهازه العصبي .. فصور أبو إسماعيل ولقاءاته تلاحقنا في كل مكان فأصبح عادة إقتحمت حياة المصريين -أسلوب الإثارة العاطفية : ولا مانع من استخدام الكذب والتضليل والخداع وغير ذلك من الوسائل التي تضمن استمرار غسيل المخ، بل يوهموا الشعوب بأن هذه الأفكار هي نتاج وصنع الشعوب نفسها وليست مفروضة عليه.. وقد أبدع قتبلة الدخان في الكذب والتضليل والخداع وأصبح محبيه يقاتلون من أجله ويدافعون عن أكاذيبه .. بتبريرات كرروها على آذانهم .. فارتجعها عقلهم الباطن لعقلهم الظاهر .. مدافعين مهللين وكأنهم هم أصحاب هذه الأفكار -أسلوب تحويل الانتباه : فعندما يبدأ الشعب في الانتباه فتفجر قضية مفتعلة ويشترط أن تكون مشتعلة...فكانت قضية أم أبو إسماعيل ,وهكذا كانت قنبلة الدخان ومازالت تعمل لصالح الإخوان فهي قنبلة دخان متجددة .. حجبت عن المصريين القدرة على الإختيار وأعمت العيون .. وأخذت الشباب إلى محمد محمود .. وأخذتهم إلى العباسية وإلى القائدإبراهيم والمدينة الإعلامية ... الخ فإذا لم يمارس الإنسان التفكير وبشكل يومي فإن عقله غالباً ما يلجأ للانقياد، وخاصة مع تدني الوعي القومي الناضج الذي يحرصوا على تغييبه، وهذا الانقياد أسهل من التفكير الشخصي المتفرد.. فالانقياد راحة مابعدها راحة، بل قد يوحي الإنسان لنفسه عدم جدوى التفكير أساساً في ظل نظام يبدو أنه لا نهاية له وهذا ما يحاولون إقناع الجميع به.. بحيث تصبح روح القطيع هي السائدة. وينتقل المواطن المنضم للقطيع دون أن يدري من مرحلة تبني لأوامر الديكتاتور إلى التعصب لها وسحق كل من يحاول اعتراضها، حتى وصلت بالتباهي بأفعال خارج منطقة العقل تماماً مثل "مشهد جبنة نستو يا معفنين". وأصبحت نشوة قنبلة الدخان لا حدود لها .. عندما يجد نفسه قد تحول إلى منوم مغناطيسي يحرك بكلمة منه أفراد وتابعين سائرين نياماً، منفذين إرادته حتى لو طلب منهم أن يقتلوا أوقتل أنفسهم. ورغم أن روح القطيع هذه تجعل الشخص يصل إلى مستوى حيواني قد يجعل الإنسان ينتبه لإنسانيته في لحظة ما.. فقبل أن يستفيق عادة ما يلجأ هؤلاء المخادعين، إلى أن يخيل لهذا القطيع أنه متفرد وغير باقي الشعوب والجماعات، وهذا يتم استعماله من خلال الخطب الرنانة حتى يصل الفرد يتمنى أن يموت من أجل من يخدعوه . وعدوى روح القطيع يمكن أن تنتشر من فرد إلى فرد كالوباء حتى تشمل المجتمع كله، وويل لهذا المخادع الذي شجع هذه الروح بين أبناء شعبه حيث يمكن أن تتحول من النقيض إلى النقيض في لحظة ولايمكن معرفة الاتجاه الذي ستصب فيه نتيجة التعصب الأعمى. ومن قواعد اللعبة السياسية الخاصة بترسيخ روح القطيع.. أسلوب تحويل انتباه الجماهير .. فلا يجب أن يتدارك الناس أمرهم .. ويفكرون بعقلهم .. فليفجروا قنبلة دخان جديدة .. وقضية مفتعلة أخرى تشتت تفكير القطيع فيعود القطيع تحت السيطرة .. ولعل كان وجود الحركات المدنية وأدائها كان مناسباً دائماً لإهلاك العقل الظاهر في مناظرات عقيمة لم تكن هادفة .. فكان يسلم الناس عقولهم الباطنة إلى من يداعب العاطفة ويشيد بهم بكلمات تداعب عقلهم الباطن .. وكلمة السر الإستقرار ووجود المفكر في وسط مجتمع القطيع يكون موضع سخرية من القطيع لأنه حالة شاذة، فهو عنصر قلق يسلب أفراد القطيع النعاس والنوم واجترار أحلام اليقظة التي لن تتحقق، لذلك يسارعون للدفاع عن أنفسهم بالسخرية منه حتى لا يفكر أحد أن يحذو حذوه وحتى يتفرغوا هم بدورهم لتعاطي الأوهام والأكاذيب... وهكذا يسخرون القطيع للتخلص من الأعداء وهكذانجح الطابور الخامس أن يجعل الرؤية محجوبة عن إنتخابات الرئاسة بقنبلة الدخان .. .. وهكذا كل مرة وبنفس الأسلوب وقع الشعب في براثن الخداع بدءاً من إستفتاء 19 مارس .. حتى يوم الإستفتاء على الدستور .. فقد هلك الناس في التفكير وساعدهم على الهلاك المعارضة فكانوا دون أن يدروا للطابور الخامس مجرد مساعدين وما كان على القطيع سوى أن يسلموا عقلهم الباطن إلى من يعطيهم الفكرة جاهزة .. وكانت كلمة سر العاطفة هذه المرة أيضاً ( الإستقرار ) .. وقبل أن يستفيق القطيع من غفوته فقاموا بتمييزه بخطابات العريفي في مدح مصر وشعبها حتى يعيش في وهم أنه حتى لو أخطأ الإختيار .. فاختياره الخطأ حكيم .. في قمة الإبتزال الرقيع فالإخوان لم يفشلوا .. ومن يقول ذلك فإنه يقرأ الصحيفة بالمقلوب الإخوان نجحوا نجاحاً باهراً في تنفيذ معظم ما تم تكليفهم به • نجحوا في إفقار مصر وإذلالها وتقديمها فريسة للديون • نجحوا في قتل القيم ونجحوا في تفشي الكذب • نجحوا في كراهية العلم ونجحوا في عشق الجهل • نجحوا في التفريط في الشرف والعرض والدم • نجحوا في رفع علم إسرائيل وأمريكا في البلاد العربية كمجاهدين من أجل إسلامهم على الطريقة الأمريكية والصهيونية • نجحوا في تكملة الهدم في مؤسسات الدولة • نجحوا في كونهم على مشارف تسليم مصر للناتو بدون نزول جندي واحد على الأرض