قيام القوات الايرانية بالاندفاع الى داخل العراق والسيطرة على حقل نفطي هناك قرب مدينة العمارة أثار تساؤلات عدة حول دور ايران في منطقة الخليج .. وذكرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية في تقرير كتبه اثنان من مراسليها المختصين بالشؤون العراقية والايرانية، كيم سينغوبتا و باتريك كوبيرن، ان العراق بدأ مساعي لايجاد حل دبلوماسي لمشكلة توغل قوات ايرانية مساء الخميس في اراضيه حيث احتلت حقلاً نفطياً. ويضيف التقرير: "اثار التوغل الذي تنفي ايران حدوثه احتمال اندلاع مواجهة اخرى بين البلدين الجارين اللذين خاضا حرباً استمرت من 1980 حتى 1988 والتي كان احد اسبابها الادعاءات العراقية عن اعتداء ايران على الاراضي العراقية. ويقول محللون ان هذه الحادثة يمكن ان تؤثر في سعي العراق الى اجتذاب الاستثمارات الدولية اللازمة لتطوير قطاعه النفطي المتداعي، وانها اثارت اسئلة بشأن العلاقات التي تحسنت بين البلدين تحسناً كبيراً بعد سقوط حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين. و طلب العراق من ايران ان تسحب قواتها ولكن بعد اجتماع طاريء لمجلس الامن القومي العراقي اعلنت بغداد ان البلدين شرعا في مفاوضات لحل المشكلة. ومنذ ان تبادل البلدان اسرى الحرب في 2003 تمتعت حكومة المالكي بعلاقات جيدة مع ايران. ولكن نظام الحكم الايراني يراقب باهتمام كبير منح العقود النفطية الضخمة عبر الحدود، وينظر الى التوغل على اساس انه خطوة استراتيجية لتثبيت ادعاتها في منطقة حدودية متنازع عليها وغنية ايضاً بثروات نفطية كامنة. ويقول المسؤولون العراقيون ان الايرانيين "توغلوا" وسيطروا على حقل الفكة النفطي، وهو من اكبر الحقول في المنطقة ومتاخم للحدود بين البلدين، ثلاث مرات في الشهر الماضي. اما هذه المرة فيقال انهم انزلوا العلم العراقي ورفعوا علمهم. وفي بغداد دعا المالكي الشعب العراقي الى التزام الهدوء وشدد على ان حكومته لن تلجأ الى القوة العسكرية في هذه المرحلة. غير انه عقد اجتماعا طارئا لمجلس الامن القومي العراقي، كما تحركت وحدات اضافية من قوات حرس الحدود في اتجاه حقل النفط. اما في طهران فان وكالة الانباء شبه الرسمية "مهر" نقلت عن شركة النفط الوطنية الايرانية قولها ان "الشركة تنفي ان جنودا ايرانيين استولوا على اي حقل نفط داخل الاراضي العراقية". لكن نائب وزير الخارجية العراقي محمد حاج محمود كان قد اعلن ان "الاجراء الايراني وقع في حوالي الثالثة والنصف بعد الظهر. ونقوم بالتنسيق مع وزارة النفط في هذا الصدد. وهذه ليست المرة الاولى التي يحاول فيها الايرانيون حرمان العراق من استثمار حقول النفط التي تقع في مناطق الحدود. وقد نستدعي السفير الايراني لبحث هذه القضية معه". وقد تسبب الاجراء الايراني في ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية. وفي واشنطن قالت وزارة الخارجية انه رغم ان الايرانيين عبروا الحدود من قبل، فانهم لم يصلوا الى مواقع بهذا البعد، وان الاجراء الحالي يثير "مشاعر القلق". ومن المعروف انه لا توجد قوات اميركية في تلك المنطقة. وفي العام الماضي، اتهم العراق ايران بسرقة النفط من حقل "الفكَة" وبالاستيلاء بصورة غير مشروعة على حقل "أبو غرب" الذي يدعي العراق ان الحقل باكمله يقع ضمن اراضيه. والحقلان يقعان في قضاء ميسان في الجنوب الشيعي من العراق حيث حصلت شركات طاقة دولية ومنها شركة "شل" على عقود استثمار فيها. وتقدر احتياطيات العراق المؤكدة ب115 مليار برميل من النفط، وهو ثالث اكبر احتياطي في العالم بعد السعودية وايران. ويهدف العراق بعد المناقصة على استثمار حقوله النفطية التي دعيت اليها شركات اجنبية، وتم الاتفاق على استثمار سبع منها ، الى رفع انتاجه من المستوى الحالي وهو 2.5 مليون برميل في اليوم الى 12.5 مليون برميل، أي ما يعادل مستوى الانتاج السعودي. ولا بد للدول الاخرى في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبيك" التي تسيطر على انتاج النفط ان تعمد الى تخفيض حصتها من الانتاج حتى يمكن الابقاء على اسعار النفط في وجه التدفق النفطي العراقي. غير ان هذا سيعني انخفاضا في العوائد، وهو ما يدعو الى قلق شديد لدى دول مثل ايران وفينزويلا اللتين بدأ انتاجهما في التراجع. ويقول العراق انه يستحق معاملة خاصة لانه يحتاج للتعويض عن خسائر العوائد خلال الحرب الاخيرة.