الثورة المصرية انتهت بالطريقة الرومانية تسليم إدارة الملف لأمن الدولة وخيبته القوية : .. بعدما أصطف الجميع انتظارا لتحرك الشارع .. وأخذت التخمينات ... تتداول والنقاش في الأروقة يحتدم .. فالمطبخ يعلم أن الأمور باتت حتمية في غياب تام لوعي الأغلبية الصامتة بالمسألة .. بل الشارع لا يعلم أن هناك رمال تتحرك .. فهناك تعتيم على الأمور .. فقط إشارات غير مفهومة .. ونشطاء هم أنفسهم مجرد أدوات تم تحريكها لهدف معين .. ينتهي دورهم عند نقطة بإقصائهم أو حتى قتلهم وعلى المنابر يخرج الخطباء يتكلمون ويصيحون بأخطار النت والشات والفيس بوك وأنه مدمر للشباب .. ويؤدي لفساد المجتمع .. ولا أحد سأل نفسه ..ماذا يحدث .. إلا أن في الخلفية ناراً تلتهب ودعوات بدأت تجوب العالم الخيالي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والفكرة تنضج تدريجياً والدعوة لثورة وكلها تدور في فلك حدث هام وهو خالد سعيد وكان هناك أكثر من جهة أمنية يجب أن تتحسس خطواتها .. فهي لديها مصالحها التي تدافع عنها .. فقد رفض مبارك .. خطة المخابرات العامة وهي الأقرب للجيش .. واعتمد مبارك على أمن الدولة وطلب من المخابرات التعاون ببعض المعلومات حسب البروتوكولات الأمنية المتعارف عليها .. وكان هذا الالتزام البروتوكولي سبب الأزمة الحقيقية .. حيث سلم الملف بكامله تحت تصرف أمن الدولة والعادلي .. دون الإلمام بكل الأبعاد الدولية التي ذكرناها في الجزء الأول .. فكان الأداء كلاسيكي .. ومتوقع .. وخيبة قوية وظل الطابور الخامس (الإخوان) مجرد مراقب وناقل للأحداث.. مع ضابط الاتصال (تركيا) والممول (قطر) فلا علاقة مباشرة مع أمريكا وإسرائيل إلا بعد إتمام المهمة وهنا كان على أمن الدولة والعادلي مواجهة المشكلة ..بدءاً من ترتيب الانتخابات بحيث لا يصل الإخوان لمجلس الشعب .. إلى مواجهة .. ما سيأتي بعدها .. فالحكومة في منتهى الضعف وأتخمتها السلطة والمال .. فهي هواء ..والنظام بكامله وضع كل أماله على أمن الدولة الذي صور لنفسه والآخرين أنه الديناصور الأعظم .. الغريب أن معظم الطابور الخامس .. يتعاون مع أمن الدولة .. فكيف يكون العميل المزدوج أداة لمواجهة الثورة . فقدح ذهنه العادلي .. بتفجير قضية .. كانت في تصورهم أنها ستكون بمثابة النجدة .. فكانوا يرون أن تفجير أحد الكنائس بالقاهرة سيقلب الموازين . - حيث أن على الغرب أن يتراجع إذا ما أصبح الإسلاميين هم الذين قاموا بالتفجير .. فهل يسلموا الدولة لمن سيفجرون الكنائس - وفي ذات الوقت تحت غطاء الجريمة الإرهابية .. يمكن القبض على أكبر عدد ممكن من العناصر وتلفيق الإتهامات اللازمة .. على حسب الحاجة .. فيصبح الإخوان المتورطين في تهمة التخابر قريبين من الزج بهم في السجون - وبتحقيق انتصار القبض على المتورطين .. دعاية دولية للنظام في وقوفه ضد الإرهاب والحد من حركة كتائب القسام وحماس داخل مصر الذراع العسكري للإخوان الذين سيستعينوا بهم في الثورة .. والذي تمت محاولة التحكم في تحركاتهم من خلال سور حديدي .. على الحدود .. إلا أنه لم يثمر بغير القليل فالفساد في النظام وصل لقمته إلا أنه كان هناك تغيير للخطة نسبي .. الأولى أنهم إكتفوا بتفجير القديسين بالأسكندرية بدلاً من كنيسة بالقاهرة .. حيث أن الإسلاميين الذين اشتركوا في العملية .. بالتعاون مع أطراف داخل فلسطين (جيش الإسلام).. كانوا على جاهزية مسبقة بخرائط وخطة جاهزة لتفجير القديسين .. فبذلك تكون الأمور أكثر طبيعية إلا أن العناصر المشتركة في العملية كان لابد من تصفيتهم حتى لا ينكشف التعاون المشترك بينهم وبين الأجهزة الأمنية المصرية .. إلا أن هروب جزء من المشتركين في العملية عندما أدركوا أنهم هدف للتصفية عقب العملية وتسليم أنفسهم للسفارة الإنجليزية وتهريبهم مقابل .. الاعتراف بخطة العملية كاملة .. حيث مات سائق السيارة في التفجير الذي استهداف سيارة نقل الإرهابيين قبل وصول الإرهابيان إلى السيارة .. حيث ساورتهم الشكوك من ابتعاد فرد أمن الدولة المعاون لهم في العملية عن السيارة .. فكان هذا الاندفاع من الأجهزة الأمنية .. لتلفيق التهم لسيد بلال السلفي وآخرين .. حتى يتم غلق الملف في احتفال حضره لفيف من المنافقين بالاحتفال بعيد الشرطة وتهنئة الشرطة بسبقها الأمني في ضبط الإرهابيين .. فهكذا دائماً تدار الأمور وقد خسروا جزءاً من تكتيك العملية وهي اصطياد عناصر التخابر داخل القضية فالموضوع كان يحتاج لتسوية على نار هادئة . وهنا أصبح الأمور تدفع .. للمواجهة .. فمن الواضح أن جميع الأطراف تلعب على المكشوف .. ولكن ما زال هناك حسابات تجعل بعض الدول والأجهزة الأمنية تمسك العصا من المنتصف بل وتحدد موقفها في كل حالة .. فليس هناك مجال للأخطاء . وهذا ما سنوضحه في الجزء الثالث .. وبداية الثورة. إن شاء الله.