خرجت عدد من الشخصيات السياسيّة والحقوقيّة والإعلامية التونسيّة عن صمتها تجاه "حملة" أطلقت ضدّها عبر عدد من الصحف المقرّبة من الحكومة، وذلك بالالتجاء تارة إلى القضاء للتظلم ضدّ تلك الصحف والأقلام ، وتارة عبر الردّ بالمقالات والتصريحات التي تدفع تلك التهم المتعلّقة ب"الارتزاق" والعمالة" لفائدة الموساد الإسرائيلي، خصوصا وأنّ معظمهم خيّر تجاهل الاتهامات والشتائم التي انطلقت في الفترة التي سبقت الانتخابات واشتدّت بعيد إعلان نتائجها.ويبدو أنّ "التحريض بالقتل" الذي لمسه المُتضررون من تلك الصحف التي تحدّثت عن استعداد الفصائل الفلسطينية المسلحة ل"تصفية" تلك الشخصيات المعارضة ، تُمثّل القطرة التي أفاضت الكأس ووحدت جهود النشطاء لمقاضاة تلك الصحف. تقدمت عدد من الشخصيات التونسية المعروفة بدعاوى قضائيّة ضدّ جريدتي "كلّ الناس" و "الحدث" الرسميتين اللتين يديرهما الصحافيّ المثير للجدل عبد العزيز الجريدي. وكانت الصحيفتان المذكورتان قد شنّتا في السابق حملة شديدة ضدّ نشطاء سياسيين وحقوقيين وصحافيين معروفين ، بدأت بالتشكيك في نوايا هؤلاء من خلال نشاطاتهم السياسية والحقوقية المعارضة وكتاباتهم ، قبل أن تتحوّل إلى حملة شتم وهتك أعراض متواصلة إلى اليوم ، ووُصفت فيها ناشطات أمثال راضية النصراوي و سهام بن سدرين ونزيهة رجيبة بأوصاف ذات إيحاءات جنسيّة ، قبل أن تنشر في الأيام الأخيرة سلسلة من التقارير عن "اعتزام جهات فلسطينية اغتيال شخصيات في المعارضة التونسية تقيم بالخارج بسبب "تخابرها" لفائدة جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد" . وذكرت صحيفة "كلّ الناس" أنّ" فرقا أمنية فلسطينية تسعى لاغتيال شخصيات تونسية معارضة تقيم في المنفى ، بدعوى ارتباطها بمخطط لفرض التطبيع على الجاليات المغاربية والعربية في أوروبا ، والضغط على حكوماتهم في المغرب العربي من اجل قبول زيارات لرئيس الوزراء الصهيوني "نتنياهو" ووزيره خارجيته"ليبرمان"، ووصفت الصحيفة شخصيات المعارضة ب"عصابة الخمسة" وتهجّمت الصحيفة على كلّ من أحمد بنور وخميس الشماري وكمال الجندوبي وسليم بقة وسهام بن سدرين وأحمد نجيب الشابي والمنصف المرزوقي كما لمّحت إلى عناصر تونسية أخرى لم تسمها. كما زعمت أن الفرق الأمنية الفلسطينية تمكنت من النفاذ إلى مخطط المجموعة وطرق تمويلها من قبل مكاتب دراسات تنموية يشرف عليها احد المسؤولين الفرنسيين ، والحصول على الحجج و"الأدلة الدامغة" لتتحول إلى تنفيذ أحكامها في المجموعة عن قريب بعدما تمت دراسة تحولات الجماعة وأمكنة اجتماعاتهم ، بحسب تعبير الصحيفة. ومعظم الشكاوى التي تقدّمت في الغرض تهدف إلى إدانة مدير الصحيفة عبد العزيز الجريدي بتهمة الثلب (القذف) والتنويه بالقتل وهو "فعل يحبّذ حدوث الجريمة بتحقير الضحية وتمجيد الجاني". وبالرغم من محدوديّة انتشار صحيفتي "الحدث" و"كلّ الناس" بين المواطنين ، إلا أنّ "التحريض بالقتل" الذي فُهم من خلال عدد من المقالات التي تتحدّث عن إمكانية تصفية حزب الله اللبنانيّ وفصائل المقاومة الفلسطينية لشخصيات تونسية ومغاربية تقيم في العواصم الأوروبية ، أثار استياء المواطنين كونها المرة الأولى التي يتم فيها تخوين شخصيات سياسية مشهورة محليا ودوليا بذلك الشكل.