قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره :نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع، مبينًا أنه سبب الفشل، وذهاب القوة، ونهى عن الفرقة أيضًا في مواضع أخر، كقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، ونحوها من الآيات، وقوله في هذه الآية: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي قوتكم. في خطوة وتطور غير مسبوق وجه عمر همامي المكنى أبو منصور الأمريكي رسالة إلى قادة الجهاد ، والرسالة تؤكد على وجود خلافات عميقة وأساسية بين المهاجرين والأنصار في الصومال . تطرق في رسالته منذ ما حصل بعد الانسحاب أيام المحاكم الإسلامية عام 2006 إلى يومنا هذا واشار إل مقتل العديد من القادة في ظروف غامضة ، كما ذكر أن هناك قيوداً مفروضة عل المهاجرين أي الأجانب من العرب وغيرهم في الصومال . وقام عمر همامي بذكر التأريخ لما حدث من وقت إدارة المهاجرين الأولى تحت حركة الشباب المجاهدين مع صالح النبهان وعلاقة الإدارة الجديدة مع الأنصار وأول ذكر للقاعدة ، ما جرى معه في مناصب الأنصار ، ثم تشكيل شورى أخرى مع الأنصار وذكر القاعدة في اليمن. كما استعرض نقاط منها الشورى الثالثة ومنصبه الجديد ، المواصلة في تفكيك المهاجرين ، استشهاد النبهان والإدارة الثانية للمهاجرين ، استقالتي من مناصب الأنصار ثم اعتزاله الكامل وتدهور أحوال المهاجرين ، رجوع أعسر يسر إلى الإمارة ، ثم رجوع فازول إلى الصومال مع المعلمين ، واستشهاد فازول والانسحاب من مقديشو ، ثم محاولات الإصلاح من قبل أفراد المهاجرين ، وتعرض هؤلاء الإخوة للإقامة الجبرية في البيوت. قيل لهم أن لا خيار لهم إلا: 1) السكوت والدخول في النظام 2) السجن 3) الخروج من الصومال! ثم تحدث أبو منصور الأمريكي حول مسألة القاعدة والبيعة ، مخالفة الوعد وسياسة الاستقصاء ، حاله وحال المهاجرين بعد الفشل ، أزمة السجن وإخراج الفيلم . واختتم رسالته قائلاً : نسأل الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه أن يكشف عنا هذه الغمة ثم نسألكم أنتم أن تتقوا الله في إخوانكم المستضعفين من المهاجرين في الصومال. فنحن مسؤولية في أعناقكم وأحسب أن أقدامكم لن تزول عن موضعها يوم القيامة حتى تسألون عما فعلتم في حقنا اليوم . . جاء الجميع بنية الاستشهاد في عمليات رائعة كمثل عمليات القاعدة المباركة. وكثير من المهاجرين تركوا مستقبلا براقا في مجالاتهم المهنية لأجل بذل اقصى جهودهم في سبيل الله ولتحقيق آمالهم في إفادة إخوانهم المجاهدين. وللأسف، لم نجد الفرص التي كنا نتوقعها للمشاركة في الجهاد العالمي أو حتى للمشاركة في تطوير الجهاد في الصومال. والله المستعان وعليه التكلان ، والقضية الآن أمانة في أيديكم ". ومن جانبه يذكر المرصد الإعلامي الإسلامي بضرورة العمل عل رأب الصدع وعد التخالف والاختلاف والتخاصم ، ولقد ورد لفظ ( التنازع ) في القرآن الكريم في سبعة مواضع، وورد لفظ ( الفشل ) في أربعة مواضع، وجاء الربط بين اللفظين في ثلاثة مواضع، قوله تعالى: { حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر } (آل عمران:152) في وقعة أُحد، وقوله سبحانه: { ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر } (الأنفال:43) وذلك في غزوة بدر، ثم قوله: { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } (الأنفال:46) ولنا مع هذه الآية الأخيرة وقفة . والتنازع: التخالف والاختلاف والتخاصُمُ. والفشل: الوهن والإعياء والجبن وانحطاط القوة، مادية أو معنوية. ويلاحظ أن الخطاب القرآني قد ربط بين هذه المعاني، ورتب بعضها على بعض، رَبْط النتيجة بسببها، وتَرَتُّبَ المعلول على علته، وهذا شأن منهج القرآن الكريم في كثير من آياته، التي تقرر قانونًا عامًا، لا يتبدل ولا يتغير، بل يجري على سَنَنٍ ثابت مطرد لا اختلال فيه ولا تبديل { فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا } (فاطر:43). فقوله تعالى: { ولا تنازعوا فتفشلوا } إخبار واضح، ونهي جازم، وسنة ثابتة، يدل على أن الفشل والتراجع - على مستوى الأمة أو الأفراد - إنما مرجعه إلى التنازع والاختلاف، إذ العلاقة بين الأمرين علاقة تلازمية، كعلاقة السبب بالمسبَّب تمامًا، لا تتخلف إلا إذا تخلفت سُنَن الحياة الكونية، كأن تصبح قوة الجاذبية إلى السماء لا إلى الأرض ! وعلى ما تقدم نذكر أنفسنا وكل مسلم بعدم التنازع وأسبابه وموجباته ، وأن يقوم الأنصار في الصومال بإكرام إخوانهم المهاجرون وأيضاً ان يتكاتف الطرفان لنصرة دين الله والعمل لإعلاء كلمة الله . ولما كان التنازع من شأنه أن ينشأ عن اختلاف الآراء والتوجهات، وهو أمر مركوز في الفطرة والجِبِلِّة البشرية، بسط القرآن القول فيه ببيان سيئ آثاره، ومغبة مآله، ورتب عليه في الآية هنا أمرين: الفشل { فتفشلوا } وذهاب القوة { وتذهب ريحكم } والفشل في الآية هنا على حقيقته، إذ يعني الفشل في مواجهة العدو ومدافعته، وذهاب الريح في الآية، كناية عن ذهاب القوة، والدخول في حالة الضعف والوهن . وإنما كان التنازع مفضيًا إلى الفشل، لأنه يُثير التباغض والشحناء، ويُزيل التعاون والألفة بين النفوس، ويدفع بها إلى أن يتربص بعضها ببعض، ويمكر كل طرف بالآخر، مما يُطْمِع الأعداء فيها، ويشجعهم على النيل منها، ويجرئهم على خرق حرماتها، واختراق محارمها. وكم أُتيت أمة الإسلام على مر تاريخها - القديم والحديث - من جهة التنازع والتباغض، مع وضوح النص وصراحته في النهي عن هذا . ومن ثَمَّ، جاء صدر الآية آمرًا بطاعة الله ورسوله، إذ بطاعتهما تُتلاشى أسباب التنازع والاختلاف، وبالتزام أمرهما تتجمع أسباب النصر المادي والمعنوي، فما يتنازع الناس إلا حين تتعدد جهات القيادة والتوجيه، وحين يكون الهوى المطاع هو الموجِّه الأساس للآراء والأفكار، فإذا استسلم الناس لأمر الله ورسوله، وجعلوا أهواءهم على وَفْق ما يحب الله ورسوله انتفى النزاع والتنازع بينهم، وسارت الأمور على سَنَنِ الشرع الحنيف، وضُبطت بأحكامه وتوجيهاته . وحاصل القول في الآية: أن الاختلاف والتنازع عاقبته الفشل والخسران، وأن التعاون والوفاق سبب للفوز والنجاح في الدنيا والآخرة، والقارئ لتاريخ الأمم والشعوب - بما فيها تاريخ أمتنا الإسلامية - لا يعجزه أن يقف على العديد من الأحداث والشواهد والمشاهد - وعلى المستويات كافة - التي تصدق ما أخبر به القرآن الكريم. وصدق الله إذ يقول: { واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا } (آل عمران:103) فهل يعمل المسلمون بهذا الأمر الإلهي، أم ما زالوا عنه غافلين ؟ .