ولد سيدنا يونس عليه السلام نبي الله بين قومه في نينوي والتي تعد اكبر بمدن الاشوريين من حيث مساحتها وتعداد سكانها الذي يبلغ فيما يقرب من مائة الف نسمة . سكن الشعب الاشوري على ضفاف نهر دجله ،عاملين بالزراعة في حقولهم ذات المساحات الشاسعة وراعيين للماشية في نفس تلك الاراضي الفسيحة الخصبة لتسير الزراعة الى جانب الرعي في نفس التزامن . عاش "يونس" عليه السلام وولد في هذه المدينة والتي عرف اهلها بعباده الاصنام والاوثان وصناعة التماثيل المرمريه وعبادتها ،فاختار المولى الكريم يونس رضي الله عنه وارضاه نبيا لما اتسم به من ايمانه بالواحد القهار وقناعته بان تلك الاصنام لاتنفع ولا تضر ووجودها لا ينقص شئ من عدمها . ارسل الله تبارك وتعالى "يونس" الى اهل نينوي من اجل دعوتهم الى ترك عبادة الاصنام والاوثان قائلا : اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به احدا. استنكر اهل نينوي ما يدعو اليه "يونس" عليه السلام ووقفوا ضده على الرغم مما عرف عنهم من طيبة وبساطة الا انهم رفضوا ما جاء به "يونس" عليه السلام من دعوة التوحيد وترك عبادة الاحجار والاوثان محذرهم من شدة عذاب الملى عز وجل . رحل "يونس" عن نينوي عقب غضبه من قومه الذين وقفوا في وجهه ودعوته ،متجها الى البحر الاحمر . اخذ "يونس" في السؤال على احوال قومه من المسافرين وكانوا يشيدون بسلامة المدينه ،فتعجب "يونس" لماذا صرف الله العذاب؟ وما ان مضت بضعة ايام الا ورأى اهل نينوي علامات مرعبه تتمثل في امتلاء السماء بالغيوم السوداء الحالكة ومايشبه الدخان في السماء . تفهم الصلحاء من القوم ان تلك العلامات تعد من الغضب الالهي اوشك على ان يحل بالقوم ويدمر "نينوي" باكملها . فسارع صالحين القوم منبهين شعبهم بما سيحل بهم من خراب ان لن يرجعوا عن دينهم ويتبعوا ما جاء به "يونس" عليه السلام . وادرك اهل "نينوي" مؤخرا ان تلك الاصنام لا تربط ولاتحل ولا تنفع ولا تضر ولا تعقل ولا تتحدث ولا تفيد ،فمضوا في البحث عن "يونس" من اجل اعلانهم ايمانهم بالله تبارك وتعالى ولكن لا احد يعلم اين ذهب "يونس"الا انه قد رحل الى مكان بعيد لا يعلمه احد . فاشار عليهم احدى الرجال الصالحين عقب تجمع اهالي "نينوي" في احدى الميادين ان يبكون ويعلنون ندمهم امام الله ناصحا ايهم باعلان ندمهم عن وان يعلو صوتهم بالبكاء نادمين مشيرا الى ضرورة الفصل بين الابن وامه وبين الحيوانات والمراعي حتى يقرصها الجوع وتعلو اصواتهم الى الله ووقفت الحياة في نينوي اثر تنفيذ تلك الاقتراحات التى اشارها احدى صالحين القوم. وبدا الغضب في الزوال من عند الله وضهرت السماء الزرقاء شيئا فشيئا واشرقت الشمس وتوالت الغيوم السوداء الحالكة في الاختفاء رويدا رويدا . انطلق سيدنا يونس الى البحر الاحمر ومنه الى البحر الابيض فاراد ان يستقل شراعا كي يذهب به الى احدى الجزر النائية وما ان انطلقت السفينة الا وهبت العواصف وتعالت الامواج وانقلب البحر شر قلبه اخذت السفينة في سيرها في نفس الاتجاه مواجهة العواصف وارتفاع الامواج وهياج البحر ،الا وظهر العنبر حوت كبير جدا مرتفعا وسط الامواج المتلاطمه ويضرب الامواج بذيله مما ادى الى صدور صوت اقرب الى صوت الانفجار الذي ارعب السمك فهربت على اثره , فضلا عن انقلاب السفينه عقب ضربها بذيله وفقدانها توازنها من شدة الضربه . وقرر قبطان السفينه ان يضحي باحد ركابها ككبش فداء للسفينة وطعام للحوت واجرى ركاب السفينة القرعة لتقع على "يونس" عليه السلام وواجه "يونس" مصيره بشجاعه وهو على يقين ان ما حدث هو بامر الله عز وجل . ابتلعت الامواج "يونس" ثم اتجه اليه الحوت واكله واستقر "يونس" في بطنه ثم قال يونس عقب ذلك " لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين"عقب شعوره انه كان عليه ان يذهب الى نينوي لا الى تلك الجزيرة ومرت الايام والليالي وهو في بطن الحوت مرددا نفس الدعاء مسبحا بالله تبارك وتعالى له الاسماء الحسنى وما ان اصيب الحوت بالتقلصات الشديدة في بطنه الا وقذف كل ما بداخل بطنه ليكون "يونس" ضمن تلك المقذوفات ومن رحمة الله ان جعل الشاطئ الذي قذف عليه من الرمال لا من الصخر الا وكان تهتك جسده فقال الله تعالى : "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" . . عاد "يونس" عليه السلام الى قومه "نينوي" عقب ارتياحه تحت ظل شجرة اليقطين التي منحها الله له لياكل منها خاصة وان اوراقها غنية بالمواد المقوية للجسد واعادة تكوين جلد الانسان ومنع الذباب عن من يستظل به .