أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن "إعلان مهم عن نتائج أبحاث مرض التوحد يوم غد الاثنين"، أمس السبت، حالة من الترقب والفضول. ومنذ توليه الرئاسة في يناير الماضي، أثار الرئيس الأمريكي الجدل حول عدد من القضايا الصحية، بما في ذلك تعيينه "روبرت إف كينيدي جونيور" الذي يشكك في اللقاحات الطبية. وتعهد كينيدي بعد شهرين من تولّيه وزارة الصحة، بإجراء اختبارات لتحديد أسباب مرض التوحد خلال خمسة أشهر، إذ قال في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" "سنفحص اللقاحات وكل شئ متاح.. النظام الغذائي، المياه، الهواء، أساليب التربية، وكل أنواع التغييرات التي قد تكون تسببت في هذا الوباء (التوحد)" مع ذلك، أكدت جمعية التوحد الأمريكية أن معرفة أسباب اضطراب طيف التوحد لن تكون سهلة، واصفين جهود وزير الصحة بأنها "مضللة وغير واقعية"، مشيرة إلى أن "(التوحد) ليس مرضا مزمنا ولا عدوى". وفي تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، مطلع سبتمبر الجاري، قالت إن وزير الصحة الأمريكي يعتزم الإعلان عن أن استخدام النساء الحوامل أدوية مسكنة للألم يمكن شراؤها دون وصفة طبية، قد تكون مرتبطة بمرض التوحد. ووفقا لما نقلته عن أشخاص مطلعين، سيقترح التقرير الذي سيقدمه كينيدي، دواء مشتقا من حمض الفوليك كعلاج لأعراض اضطراب النمو لدى بعض الأشخاص، مرجّحة أن تصدر وزارة الصحة والخدمات الإنسانية تقريرها الشهر الجاري. وتعتقد المصادر، أن التقرير قد يشير إلى أن أحد الأسباب المحتملة لمرض التوحد هو انخفاض مستويات حمض الفوليك، وهو فيتامين مهم، إلى جانب "تايلينول" الذي تتناوله النساء الحوامل. ذكرت "وول ستريت جورنال"، أن وزارة الصحة الأمريكية تخطط لتحديد شكل من أشكال حمض الفوليك المعروف ب"الفولونيك" أو "ليوكوفورين"، كعلاج لتقليل أعراض التوحد الذي أثّر على واحد من بين كل 31 طفلا في عمر الثامنة داخل الولاياتالمتحدة في عام 2022. "التايلينول": ما علاقته بالتوحد؟ يُعد "التايلينول" وهو مسكن ألم شائع الاستخدام بين النساء الحوامل بمادة "الأسيتامينوفين" الفعّالة، ويصنّفع التقرير المرتقب على أنه من بين أسباب مرض التوحد. ورغم أن بعض الدراسات السابقة أشارت إلى مخاطر "التايلينول" على نمو الجنين، تؤكد الكلية الأمريكية لأمراض النساء وأطباء التوليد أنه آمن لاستخدام النساء الحوامل، لكنها توصي في الوقت نفسه باستشارة الأطباء قبل استخدامه. انخفضت أسهم شركة "كينفو" المصنعة لدواء "تايلينول"، بنسبة 9.3% بعد تقرير "وول ستريت جورنال". وصرّحت المتحدثة باسم الشركة، بأن الشركة تقيّم الدراسات العلمية باستمرار ومازالت تعتقد أنه لا يوجد ارتباط بين استخدام مادة "أسيتامينوفين" الفعالة في الدواء أثناء الحمل والإصابة بالتوحد. تشير المصادر، إلى أن التقرير الذي سيقدمه كينيدي ربما يكون مراجعة للأبحاث الحالية، في حين يقول علماء إن إجراء أبحاث دقيقة حول الأسباب الجذرية للتوحد ربما يستغرق سنوات. وعلى مدار عقود من العمل، كشفت دراسات وأبحاث في جذور التوحد مجموعة متنوعة من العوامل المحتملة المساهمة في الإصابة بالمرض بما في ذلك الأسباب الجينية. وبحسب المصادر، فمن المتوقع أن يذكر التقرير أسبابا محتملة أخرى للتوحد، وأن يقترح إجراء مزيد من الدراسات. بيد أنه لم يتضح ما إذا كان التقرير سيشير إلى اللقاحات التي يتهمها كينيدي بالتسبب في مرض التوحد، وفقا ل"وول ستريت جورنال". نوّهت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه تم رفع مئات الدعاوى القضائية التي تربط بين عقار "الأسيتامينوفين" بمرض التوحد، لكن أحد القضاة الفيدراليين احتكم في عام 2023 إلى أن الأدلة العلمية وراء هذه الادّعاءات غير موثوقة. من جانبها، أرجعت جماعات الصحة العامة في الولاياتالمتحدة الارتفاع في حالات التوحد، إلى تحسّن قدرة الأطباء على تشخيص الحالة والإبلاغ عنها وكذلك توسيع تعريفات الحالة المرضية للتوحد. وفي عام 2021 ربطت بعض الدراسات بين التوحد وتناول "تايلينول" أثناء فترة الحمل؛ إذ نشر 91 عاملا بيانا مشتركا يؤكد أن "الأسيتامينوفين" يمثّل خطرا على نمو الجنين. لكن الكلية الأمريكية لأمراض النساء قالت إن البيان لم يتضمن أدلة واضحة. وفي عام 2024، فشلت دراسة أُجريت على ما يزيد عن 2.4 مليون طفل في السويد، في إيجاد ارتباط بين تناول "الأسيتامينوفين" خلال فترة الحمل والإصابة بالتوحد. "ليوكورفين": دواء مرتقب محتمل ذكرت المصادر أن تقرير وزارة الصحة الأمريكية المرتقب، حدد "ليوكورفين" كعلاج متوقع، إذ يرتبط كيميائيا بفيتامين "ب 9" أو حمض الفوليك، الذي يوصف لمرضى السرطان الذين يتلقون علاجا كيميائيا. ويُعرف علميا أن فيتامين "ب 9" يساعد في نمو الدماغ والحبل الشوكي للجنين في مراحله المبكرة؛ إذ أثببت دراتسات أن النساء الحوامل اللواتي يتناولنه أقل عرضة لإنجاب أطفال مصابين بتشوهات خلقية في الحبل الشوكي أو التوحد. نظرية المؤامرة! إلى جانب التشكيك في علاقة اللقاحات بمرض التوحد، أثار كينيدي جدلا كبيرا بعد تكليفه "ديفيد جير"، الذي يصفه كثيرون بأنه من أصحاب نظريات المؤامرة، بإجراء الأبحاث حول التوحد واللقاحات. وعبّر الديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي عن قلقهم من تعيين جير، إذ كتبوا في رسالة إلى وزارة الصحة "قلقون من اختيار شخص متحيّز وفقد مصداقيته". ويُعتبر جير، من بين أبرز المشككين في اللقاحات، كما تم تغريمه في وقت سابق من قبل ولاية ميريلاند بسبب ممارسته الطب دون الحصول على شهادة طبية أو ترخيص حيث وصف علاجات خطيرة لأطفال مصابين بالتوحد. مع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كان التقرير الذي أعدته وزارة الصحة الأمريكية سيحظى بتأييد المجتمعات العلمية والطبية، أو ما إذا كان سيقدم طرحا موضوعيا في ظل الشكوك حول توجهات وزيرالصحة المشكك في اللقاحات بوجه عام.