في قلب مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، عاشت فتاة في مقتبل العمر تُدعى "ن. م."، تحمل أحلامًا بسيطة كأي فتاة مصرية: الاستقرار، بيت صغير، وزوج ترى فيه السند والأمان، لم تكن تعلم أن الطريق إلى تلك الأحلام سيمر عبر قصة حب قادتها إلى موت مأساوي، وجعل من حبيبها قاتلًا ينتظر حبل المشنقة. منذ سنوات قليلة، تعرّفت "ن." على "م. ص."، فني صباغة يبلغ من العمر 39 عامًا، علاقة عاطفية نشأت بينهما في هدوء، ملأت قلبها بالأمل في مستقبل مشترك، ربما كان فارق العمر بينهما كبيرًا بعض الشيء، وربما كانت الظروف المادية للرجل محدودة، لكن قلبها لم يعرف سوى الحب. كانت تراه الرجل الذي سيحميها من قسوة الأيام، فتمسكت به وألحت عليه مرارًا أن يتزوجها ليكلل تلك العلاقة بالشرع والقانون، لكنها لم تكن تعلم أن هذا الإلحاح، الذي نبع من حبها وصدقها، سيكون الشرارة التي أشعلت نيران الكارثة. لم يثمر الحب في قلب الرجل كما أثمر في قلبها، تحول الضغط المستمر إلى ثِقل فوق صدره، ورأى في كلماتها المتكررة تهديدًا لحياته لا وعدًا بالسعادة، ومع تراكم الأفكار المظلمة، بدأ شيطان داخله يوسوس له بأن يضع نهاية لتلك القصة، نهاية مأساوية لم تخطر على بال أحد. ليلة الحادث، اتجه إلى منزلها، استقبلته كعادتها بابتسامة وثقة، لم تدرك أن تلك الابتسامة ستكون الأخيرة، جلس معها، وربما تبادلا بعض الكلمات العادية، لكن بداخله كانت نية الغدر قد انعقدت. أمسك بوسادة وبدأ يخنقها، وهي تقاوم وتستغيث، ربما نطقت باسمه مرات، ربما بكت في لحظاتها الأخيرة، لكن صوته كان أقوى من كل توسلاتها، دقائق قليلة كانت كافية ليُسكت قلبًا كان ينبض حبًا له. لكن جريمته لم تتوقف عند هذا الحد، في محاولة لإخفاء معالم جريمته، أشعل النار في الوسادة ثم في جسدها، فاشتعلت ألسنة اللهب في الغرفة، وابتلعت ملامحها البريئة. روى عدد من شهود العيان من الجيران لحظات مرعبة عاشوها ليلة الحادث، فقد شاهدوا ألسنة اللهب تتصاعد من منزل الفتاة، فيما علت صرخات الاستغاثة التي اخترقت صمت الشارع، هرع الأهالي لإخماد النيران، لكنهم فوجئوا بجثة الضحية متفحمة داخل غرفتها، ما أصاب الجميع بصدمة وذهول، خاصة وأنهم كانوا يعرفونها بطيبة قلبها وحلمها البسيط بالزواج. وأكد بعض الشهود أنهم لاحظوا دخول المتهم إلى منزل المجني عليها قبل وقوع الجريمة بوقت قصير، وأن تصرفاته أثارت الريبة لديهم، لكنه خرج بعد فترة تاركًا خلفه مأساة مروعة، هذه الشهادات كانت دليلًا إضافيًا أمام المحكمة لترسم صورة كاملة عن جريمة هزّت القلوب قبل أن تُهزّ وجدان المجتمع بأسره. وبعد أشهر من التحقيقات والجلسات، أسدلت محكمة جنايات بنها – مستأنف في القليوبية – الستار على القضية، وقضت بإعدام المتهم شنقًا، وذلك بعد ورود الرأي الشرعي من فضيلة مفتي الجمهورية، لإدانته بقتل فتاة عمدًا وحرق جثتها بدائرة مركز الخانكة.