التقى قادة أوروبيون مما يُعرف ب"تحالف الراغبين" عبر تقنية "الفيديوكونفرانس"، يوم الأحد، وذلك قُبيل القمة المرتقبة غدًا الاثنين في البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وحضر الاجتماع، الذي استضافه الرئيس الفرنسي، قادة كل من بريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وفنلندا، وأستراليا، واليابان، وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي الناتو مارك روته. وبناءً على طلب من زيلينسكي، سيرافقه هؤلاء القادة الأوروبيون في قمة واشنطن، والتي تأتي بعد ثلاثة أيام من قمة في ألاسكا جمعتْ بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي استمرت لنحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، وانتهت دون إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار. ويسعى قادة "تحالف الراغبين" إلى "التنسيق مع الولاياتالمتحدة بهدف التوصل إلى سلام عادل ودائم يحافظ على المصالح الحيوية لأوكرانيا ويضمن أمن أوروبا"، وفق ما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية في اجتماع الأحد. وإضافة إلى الضمانات الأمنية لكل من أوروبا وأوكرانيا، رأى الخبير في الشؤون الأوروبية حسين الوائلي أن "أقصى ما يتطلّع إليه القادة الأوروبيون من قمة واشنطن يظلّ في إطار الطموحات الواقعية والتي تتمثل في: عدم التنازل عن الجغرافيا التي احتلتها روسيا سواء في عام 2014 أو في عام 2022؛ وفي أن تكون أوكرانيا مستقلة ذات سيادة بعيدًا عن التهديد الروسي؛ وأن تكون أوكرانيا كذلك عضوًا في الاتحاد الأوروبي وعضوًا أيضًا في حلف الناتو" وهو ما تعارضه موسكو. ويضيف الوائلي لبي بي سي: "ولكن هناك طموحات أخرى، تتمثل في ألا يكون هناك عزلٌ للأوروبيين وألا تكون هناك صفقة أمريكية-روسية على ظهر الأوروبيين". وفي أثناء اجتماع القادة الأوروبيين مع زيلينسكي، نشر الرئيس الأمريكي عبر منصّته سوشال تروث يقول إن "ثمة تقدمًا كبيرًا على صعيد روسيا. تابعونا!"، من دون أن يكشف كيف سيحدث هذا التقدّم؛ فيما يرى مراقبون أولوية جديدة وضعها ترامب لنفسه، تتمثل في البحث عن "اتفاق سلامٍ بدلًا من وقف إطلاق النار". وفي قمة ألاسكا، يوم الجمعة، قال الرئيس الروسي لنظيره الأمريكي إنه لكي تتوقف الحرب في أوكرانيا، يجب على الأخيرة أن تنسحب من منطقتين هما دونيتسك ولوغانسك، وفقًا للتقارير. لكن زيلينسكي قال، في اجتماع الأحد، إن "هذا مستحيل في ظل الدستور الأوكراني". "فقاعة الآمال انفجرت في قمة ألاسكا" ومع ذلك، أعرب الرئيس الأوكراني عن أمله في أن تأتي قمة البيت الأبيض يوم الاثنين "بنّاءة"، فيما أكدت أورسولا فون ديرلاين أنه يجب انعقاد "قمة ثلاثية" بين كل من أوكرانياوروسياوالولاياتالمتحدة، بعد قمة الاثنين. لكن ثمة مراقبين لا يتوقعون الشيء الكثير على صعيد السلام، في حربٍ يرون أن "روسيا تحقق فيها انتصارًا بخُطى بطيئة". أندريه كوليسنكوف، رئيس برنامج السياسة الداخلية بمركز كارنيغي في موسكو، يرى أن "فقاعة الآمال المتضخمة قد انفجرت" في قمة ألاسكا، معتبرًا أن بوتين قد "حقق ما يرغب فيه بالتمام: محافظًا على علاقته مع ترامب؛ ومتفاديًا المزيد من العقوبات؛ مع استمرار الحرب" دون تقديم تنازلات تُذكر. أوريسيا لوتسفيتش، رئيسة منتدى أوكرانيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس، أيضًا رأت أن روسيا "كوفئت" على اجتياحها أوكرانيا، مشيرة إلى وصْف ترامب لروسيا بأنها "بلد عظيم" وإلى قوله إنّ ثمة تفاهمًا قويّا متبادَلًا بين الجانبين. واعتبرت لوتسفيتش ذلك بمثابة "تعميق للشروخ التي تضرب حائط التحالف العابر للأطلسي بين الولاياتالمتحدة وأوروبا، وهو بالضبط ما تهدف إليه روسيا". وقالت لوتسفيتش إن ترامب "رفع اللوم عن كاهل بوتين وغسل يده من إثم تلك الحرب"، بقوله مُجددًا إنها "حرب بايدن"، في إشارة إلى سلفه جو بايدن. وعلى حدّ تعبير لوتسفيتش "خرج ترامب من اجتماع ألاسكا صِفر اليدين؛ فلم يحصل الرئيس الأمريكي على ما كان يطمع فيه حينذاك من وقفٍ لإطلاق النار". "إضفاء شرعية على مجرم حرب" الأوكرانيون على الجانب الآخر، تابعوا مشاهد قمة ألاسكا معتبرين أنها "إضفاء شرعية على مجرم حرب في أعلى مستوى" وفقًا للمحلل السياسي الأوكراني أولكساندر كوفالينكو. يُذكر أن بوتين صدرتْ بحقّه مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية في مارس 2023، بدعوى مسؤوليته عن "جرائم حرب". يقول كير غايلز، الباحث البارز في برنامج "روسيا وأوراسيا" بمركز تشاتام هاوس: "لقد كان انتصارًا كبيرًا لبوتين لمجرّد أنْ يحظى بهذا الاستقبال" من قِبل رئيس الولاياتالمتحدة. "ربما لا تزال صُور اجتماع فبراير عالقة في ذهن الرئيس الأوكراني" وفي بيان يوم السبت، غداة قمة ألاسكا، أكد الرئيس الأوكراني زيلينسكي أهمية حضور القادة الأوروبيين في كل مراحل المفاوضات؛ حيث يقف هؤلاء القادة ك"حائط صدّ" في مواجهة أي احتمالٍ بميلِ ترامب باتجاه بوتين. ورأى حسين الوائلي، في حديثه لبي بي سي، أن هناك "قلقًا أوروبيًا من أن تكون هناك صفقة بمعزل عن الأوروبيين... لا توجد ثقة أساسية بين الطرفين الأوروبي والأمريكي، وثمة انقسام بينهما حيال بناء مقاربة أو رؤية لإنهاء الصراع الروسي-الأوكراني"، بحسب الوائلي ورأى الخبير في الشؤون الأوروبية أن حِرص القادة الأوروبيين على مرافقة زيلينسكي في اجتماع واشنطن، يأتي كي "لا يتكرر ما حدث في الاجتماع الاستثنائي" الذي وقع بين ترامب وزيلينسكي في فبراير الماضي. وكان المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض قد شهد في هذا الاجتماع عاصفة من المشادات الكلامية خرجت عن المألوف بين رئيسين. وربما لا تزال صُور هذا الاجتماع عالقة في ذهن الرئيس الأوكراني الذي سيأمل مع ذلك أن يكون اجتماع الاثنين أفضل بما يُمهّد الطريق لسلام "لا ينطوي على استسلام لأطماع روسيا".