بعد انتهاء المواجهة بين إسرائيل وإيران، أعلن كل طرف منهما تحقيق "الانتصار" على الطرف الآخر. وأعلن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الثلاثاء، "نهاية حرب ال 12 يومًا المفروضة على البلاد من جانب إسرائيل". ووصف بزشكيان ما حققته بلاده بأنه "النصر العظيم"، وذلك في رسالة مكتوبة وجّهها إلى الشعب الإيراني ونشرتها وسائل إعلام إيرانية رسمية. وقال بزشكيان في رسالته "اليوم، بعد المقاومة البطولية لأمتنا العظيمة التي تكتب التاريخ بعزيمتها، نشهد إرساء هدنة ونهاية هذه الحرب التي استمرت 12 يومًا، وفرضتها المغامرة والاستفزاز من جانب إسرائيل". ومن جانبه وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بأنه "انتصار تاريخي" لبلاده. وقال نتنياهو في خطاب تلفزيوني، مساء الثلاثاء: "هذا الانتصار سيبقى في الذاكرة لأجيال. لقد أزلنا تهديدين وجوديين مباشرين من إيران، التهديد النووي وتهديد الصواريخ الباليستية". وأضاف أن الجيش الإسرائيلي "قضى على كبار القادة الإيرانيين"، بينهم ثلاثة من رؤساء الأركان وعلماء في الطاقة النووية ومسؤولون كبار آخرون. وشدد نتنياهو على أن الحملة الإسرائيلية دمرت كذلك مواقع نووية في أصفهان ونطنز وآراك. كما أشاد بمشاركة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في دعم الحملة الإسرائيلية على إيران. وقال نتنياهو: "لقد وقف صديقنا الرئيس ترامب إلى جانبنا بشكل غير مسبوق بتوجيهاته، دمر الجيش الأمريكي موقع التخصيب في أعماق الأرض في فوردو. وأودت الحرب بحياة 610 أشخاص على الأقلّ وأسفرت عن إصابة أكثر من 4700 من الإيرانيين، بحسب حصيلة رسمية لوزارة الصحة تشمل فقط الضحايا المدنيين. أما في إسرائيل، فقضى 28 شخصًا خلال التصعيد جراء الضربات الصاروخية الإيرانية، بحسب السلطات. ما النتائج الأولية بعد 12 يومًا من المواجهة؟ أبدت إيران الثلاثاء، استعدادها للعودة إلى المفاوضات مع الولاياتالمتحدة بعد سريان وقف إطلاق النار وصموده. وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الثلاثاء، إنه راسل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي واقترح عقد اجتماع معه، وحثه على التعاون بعد إعلان وقف إطلاق النار. وشدد الرئيس بزشكيان، على أن بلاده ستواصل الدفاع عن "حقوقها المشروعة" بالاستخدام السلمي للطاقة الذرية. في بيان سابق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها أزالت "التهديد الوجودي المزدوج" المتمثل في البرنامج النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية. وقال نتنياهو إن الهجوم على إيران والذي أطلقت عليه تسمية "عملية الأسد الصاعد"، سيدخل "سجلات حروب إسرائيل وستدرسه جيوش العالم أجمع". رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زمير، قال الثلاثاء، إن إسرائيل "أعادت المشروع النووي الإيراني أعوامًا إلى الوراء"، ولم يتحدث بشكل واضح عن إزالة المشروع أو تدميره بشكل كامل. وأشار زمير إلى أن الحملة ضدّ طهران "دخلت مرحلة جديدة، والحملة ضدّ إيران لم تنتهِ". ويقول خبراء إنه لم يتّضح ما إذا كانت الضربات قضت على التهديد النووي، مع احتمال أن تكون إيران نقلت مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب من المواقع المستهدفة قبل شن الضربات. وتنفي إيران على الدوام سعيها لحيازة سلاح نووي. شملت العملية توجيه ضربات متكررة على مواقع نووية وصاروخية إيرانية، واغتيال قادة عسكريين وأمنيين وقصف سجن إيفين في طهران. فوردو والتدخل الأمريكي شهدت الحرب تدخلًا أمريكيًا لافتًا، عبر ضربات استهدفت منشأة التخصيب المقامة تحت الأرض في فوردو والمنشأتين النوويتين في أصفهان ونطنز، وقال البنتاغون إن الضربات الأمريكية "دمرت البرنامج النووي الإيراني". ووردت تقارير عن احتمال قيام إيران قبل القصف الأمريكي، بنقل بعض من مخزون اليورانيوم المخصب والمقدر ب 400 كيلوغرام إلى مواقع تخزينه. وخلص تقرير استخباري أولي أمريكي سرّي إلى أن الضربات الأمريكية على إيران أعادت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط إلى الوراء، ولم تدمّره كما قال الرئيس دونالد ترامب. وعلّق مسؤولون أمريكيون بأن هذا التقرير الاستخباري "خاطئ"، ووجهوا نقدًا لاذعًا لمن سرّبه. وكتب ترامب في منشور على منصته "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي أنّ "شبكة سي إن إن للأخبار الكاذبة، بالتعاون مع صحيفة نيويورك تايمز الفاشلة، ضافرتا جهودهما لتشويه سمعة إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ. المواقع النووية في إيران دُمّرت بالكامل!". ضربات إيرانية غير مسبوقة شنت إيران ضربات غير مسبوقة استهدفت قاعدة العديد الأمريكية في قطر، ردًا على استهداف واشنطن منشآت طهران النووية. واعترضت قطر صواريخ إيرانية، ولم تسفر الضربات عن إصابات. وطيلة الحرب أطلقت إيران صواريخ مختلفة الطراز على إسرائيل التي اعترضت معظمها عبر أنظمة الدفاع والتصدي للصواريخ. وأدت الصواريخ الإيرانية التي لم تتمكن إسرائيل من اعتراضها إلى دمار ملحوظ وسقوط ضحايا. المواجهة الاستخبارية وبعد الضربة الإسرائيلية الأولى، واغتيال شخصيات عسكرية وعلمية رفيعة المستوى في إيران، برز الحديث عن اختراق لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) للداخل الإيراني. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية بأن مسيّرات هُرّبت بشكل مسبق إلى إيران كانت، إلى جانب الصواريخ والطائرات الحربية، ضمن الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في هجوم 13 يونيو/حزيران. أفادت تقارير صحفية إيرانية بأن السلطات في طهران اعتقلت نحو 700 شخص خلال فترة المواجهة التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، بتهمة التعاون مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد". وبحسب وكالة أنباء مهر، وصفت الحكومة المعتقلين بأنهم "مرتزقة إسرائيليون"، مشيرة إلى أنه تم تنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة منهم بعد إدانتهم بالتجسس لصالح إسرائيل. وأعلنت إيران توقيف أوروبيين اثنين بتهمة التجسس. بينما أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية عن محاولة الأجهزة الاستخبارية الإيرانية "تجنيد عملاء داخل إسرائيل"، وبينت التقارير أن أجهزة الأمن الإسرائيلية اعتقلت "عميلًا" جندته إيران، لكن لم يكن لهؤلاء العملاء في إسرائيل دور محوري في المواجهة التي دارت لمدة 12 يومًا. انخفاض ثم ارتفاع لسعر النفط بعد وقف إطلاق النار بعد قرابة يوم من انتهاء الحرب، ارتفعت أسعار النفط، بينما يعكف المستثمرون على تقييم صمود وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 75 سنتًا أو 1.1 في المئة إلى 67.89 دولار للبرميل. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 71 سنتًا أو 1.1 في المئة إلى 65.08 دولار للبرميل. وكانت الأسعار ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في خمسة أشهر بعد أن هاجمت الولاياتالمتحدة منشآت نووية إيرانية مطلع الأسبوع. وأدى التدخل الأمريكي المباشر في الحرب إلى إثارة قلق المستثمرين بشأن مضيق هرمز، وهو ممر مائي ضيق بين إيران وسلطنة عمان يمر عبره ما بين 18 مليونًا و19 مليون برميل من النفط الخام والوقود كل يوم، أي ما يقرب من خُمس الاستهلاك العالمي.