مر عام كامل ولا تزال قضية العدوان على غزة تفرض حضورها بقوة في مسابقة الأغاني الأوروبية "يوروفيجن"، فرغم انعقاد المسابقة العام الجاري في سويسرا وليس السويد كالسابق إلا أن المتظاهرين بل والمتسابقين يرفضون التواجد الإسرائيلي في المسابقة التي تضم عددًا من مختلفًا من الجنسيات. خارج أبواب مسرح "يوروفيجن" اشتبك متظاهرون معارضون لإسرائيل مع قوات الأمن في مدينة بازل السويسرية التي تستضيف مسابقة الأغنية الأوروبية. برر المتظاهرون احتجاجهم بمشاركة إسرائيل في المسابقة في ظل تصاعد الغارات الإسرائيلية على مختلف أنحاء قطاع غزة وارتفاع عدد الشهداء، حيث تمثل إسرائيل في المسابقة "يوفال رافائيل". في الوقت الذي كانت فيها يوفال البالغة من العمر 24 عامًا على المسرح في قاعة سانت جاكوبشال كانت قوات الأمن على الجانب الآخر تطلق الغاز المسيل للدموع وتستخدم خراطيم رش المياه ضد المتظاهرين لإبعادهم عن محيط انعقاد المسابقة في مدينة بازل الذي تواجد فيه أيضًا محتجين داعمين لإسرائيل ولوحوا بأعلام الدولة العبرية واشتبكوا مع المتظاهرين الآخرين. تحذيرات إسرائيلية قبيل انعقاد المسابقة التي تبدأ في شهر مايو من كل عام، أصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تحذيرا للإسرائيليين في بازل بشأن المظاهرة، ونصحهم ب"تجنب المواجهات مع المتظاهرين والحفاظ على هوياتهم الإسرائيلية منخفضة في الأماكن العامة". تقول هيئة البث العام الإسرائيلية "كان" إن الشرطة السويسرية، تلقت بلاغًا بعد تصوير متظاهر وهو يشير بعلامة "الذبح" تجاه الوفد الإسرائيلي أثناء موكب افتتاح مسابقة "يوروفيجن"، مضيفة، أنها تُجري تحقيقًا في الحادث. رغم أن "يوروفيجن" مسابقة للأغاني فحسب، إلا أن العدد الكبير من الأعلام الفلسطينية، التي حملها مئات المتظاهرين، إضافة للكوفية الفلسطينية، أكدت أن حدث انعقاد المسابقة أكبر بكثير من مجرد مسابقة أغاني خاصة مع رفع لافتات كُتب عليها: "لا موسيقى للقتل"، و"أوقفوا الإبادة الجماعية"، و"الغناء بينما تحترق غزة". كما أحرق بعض المتظاهرين أعلاما إسرائيلية وأمريكية ضخمة، فيما أطلق آخرون دخانا أحمر وأخضر في الهواء. خلال المسابقة سلطت المغنية الإسرائيلية رافائيل، الضوء على عملية "طوفان الأقصى"، وذلك بقولها إنها نجت من هجوم كتائب القسام على مهرجان "نوفا" الموسيقي في 7 أكتوبر 2023، مشيرة إلى تظاهرها بالموت والاختباء تحت كومة من الجثث في ملجأ على جانب الطريق لساعات، وذلك بعد تلقيها شظايا في ساقها. جعلت رافائيل -التي فازت بالمركز الثاني في المسابقة- الأحداث في غزة حاضرة معها وقت المسابقة، وذلك بتصريحاتها التي قالت فيها، إن الفوز في المسابقة لن يكون حقيقي دون عودة الأسرى المحتجزين في غزة، مشيرة إلى أن أغانيها في المسابقة مهداة "للشعب الإسرائيلي وأصدقائها والإسرائيليين الذين ماتوا في الحرب والأسرى في القطاع". تضامن رغم المعايير المزدوجة في أعراف "يوروفيجن" السابقة، "السياسة لا مكان لها"، ورغم ذلك تم استبعاد روسيا من المشاركة بعد الحرب على أوكرانيا فبراير 2022، فحرمت الإدارة المتسابق الروسي حينها من المشاركة، وفازت حينها أوكرانيا بلقب العام عن أغنية "ستيفانيا" والتي أدتها فرقة أوركسترا "كالوش". استند رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إلى واقعة حرمان روسيا من المشاركة في المسابقة، قائلًا إنه يجب أن تستبعد إسرائيل هي الأخرى عملًا بذلك المبدأ، معربًا عن تضامنه مع "شعب فلسطين الذي يعاني من الظلم الناجم عن الحرب والقصف"، وهو ما شجع المتسابقة الإسبانية "ميلودي" في يوروفيجن هي الأخرى للمطالبة بانسحاب المنافسة الإسرائيلية من المسابقة. لم يقف سانشيز، الذي اعترفت بلاده بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة، بل ذهب لأبعد من ذلك واتهم إدارة المسابقة بازدواجية المعايير، لسماحها بمشاركة المتسابقة الإسرائيلية في المسابقة رغم معاييرها السابقة. كان دعم إسبانيا هو الأبرز هذا العام لغزة، فقبيل بدء المسابقة، وجه اتحاد البث الأوروبي، تحذيرًا لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية العامة، من الإشارة لغزة، إلا أن الهيئة لم تكترث وبثت رسالة دعم للقضية الفلسطينية غلى شاشتها أثناء المسابقة. وسبق ذلك إرسال الهيئة، رسالة لاتحاد البث الأوروبي طالبةً إجراء "نقاش" حول مشاركة إسرائيل في ظل "مخاوف" المجتمع المدني بشأن الوضع في غزة، حيث يتزايد خطر المجاعة. ووازاها في ذلك دعوات هيئات البث في أيرلندا وسلوفينيا إلى إجراء مناقشة حول مشاركة إسرائيل. شاركت إسرائيل في مسابقة يوروفيجن لأكثر من خمسين عامًا، وفازت بها أربع مرات، إلا أن مشاركتها منذ انطلاق العدوان على غزة اتخذ منحى مختلف، وهو مالم يقبله مشاركون سابقون في المسابقة، حيث توجه أكثر من 70 مشارك سابق برسالة إلى اتحاد البث الأوروبي لحظر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية العامة "كان" من مسابقة الأغنية الشعبية. ويتهم المتسابقين، من بينهم مؤلفو أغاني هيئة البث "كان" بأنها متواطئة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، وقالوا في رسالتهم إلى اتحاد البث الأوروبي: "من خلال الاستمرار في تمثيل الدولة الإسرائيلية، فإن اتحاد الإذاعات الأوروبية يعمل على تطبيع جرائمه وتبييضها". وقال تشارلي ماكجيتيجان، الفائز بالمسابقة عن أيرلندا في عام 1994: "أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية كانت ولا تزال ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ولهذا السبب يجب منع إسرائيل من المنافسة في مسابقة الأغنية الأوروبية لهذا العام". وذكرت الرسالة أن قرار العام الماضي بإشراك هيئة البث "كان" ومنح "حصانة تامة للوفد الإسرائيلي مع قمع فنانين آخرين" جعل نسخة 2024 " الأكثر تسييسًا وإزعاجًا في تاريخ المسابقة".