الرئيس السيسي يشهد افتتاح مشروعات تنموية بجنوب الوادي    لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس الشيوخ تضع توصية بإنشاء منطقة حرة أفريقية    صحة غزة: أكثر من 20 ألف مريض يعيشون ظروفا لا إنسانية بسبب الاحتلال    القوى الفلسطينية تحذر من أية محاولات للالتفاف على قرار محكمة العدل الدولية    وصول قرابة 140 مهاجرا إلى اليونان بعد رحلة خطيرة عبر البحر المتوسط    هالاند يقود هجوم مانشستر سيتي لمواجهة اليونايتد في نهائي كأس إنجلترا    مصرع شخص وإصابة 10 فى انقلاب سيارة بصحراوي المنيا الغربي    مركز النهضة جزويت يهنئ فريق فيلم رفعت عيني للسما بفوزه بالعين الذهبية في مهرجان كان    خبيرة الأبراج نيڤين أبو شالة تتحدث عن حركة الكواكب وأسبابها وتأثيرها على الأبراج    خاص.. وفاء عامر في عيد ميلادها: «ادعولي أنا مكسورة وقاعدة في البيت»    بروتوكول تعاون بين جامعتيّ بنها والسادات في البحث العلمي    طارق الشناوي يعلن اسم الفيلم الأقرب لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان    انتعاشة في إيرادات السينما بعد طرح أفلام جديدة.. 2.3 مليون جنيه خلال 24 ساعة    الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. الصوم والصلاة    12 مليون وعقد لمدة 3 سنوات.. تفاصيل تعاقد بايرن ميونيخ مع كومباني لتدريب الفريق    جامعة أسيوط تخصص 100 ألف جنيه لكل كلية لجودة العملية التعليمية    انتظروا أقوى مراجعة جغرافيا لطلاب الثانوية العامة على تليفزيون اليوم السابع    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة فى المنوفية    بسبب وجبة أرز وخضار.. إصابة 3 أطفال بتسمم في بني سويف    مزايا تمنحها بطاقة نسك لحامليها فى موسم الحج.. اعرف التفاصيل    انطلاق امتحانات نهاية العام بجامعة طيبة التكنولوجية 2023-2024    سوزوكي بالينو 2021 كسر زيرو بأقل من 800 ألف جنيه    محمد شبانة بعد تداول صورته بدلا من قيادى بالقس.ام: سأقاضى إسرائيل (فيديو)    «أشد من كورونا».. «البيطريين» تُحذر من مرض مشترك بين الإنسان والحيوان    شريف إكرامي: الشناوى لم يتجاوز فى حق أى طرف حتى يعتذر    جامعة عين شمس تستقبل وفدًا من قوانجدونج للدراسات الأجنبية في الصين    83 ناديا ومركز شباب بالقليوبية تذيع مباراة الأهلي والترجي التونسي.. الليلة    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    كيف تعالج الهبوط والدوخة في الحر؟.. نصائح آمنة وفعالة    وفد برلماني بلجنة الصحة بالنواب يزور جنوب سيناء ويتفقد بعض وحدات طب الأسرة    في يومها العالمي- أضرار لا تعرفها لكرة القدم على صحة القلب    بالصور- وزير التعليم العالي يتفقد المدينة الطبية في جامعة كفر الشيخ    باحث استراتيجي: حكم محكمة العدل الدولية دليل إدانة لجرائم إسرائيل    تنفيذ 4 دورات تدريبية يستفيد منها 122 موظفًا بالمحليات في سقارة    أكاديمية الشرطة تنظيم ورشة عمل عن كيفية مواجهة مخططات إسقاط الدول    انهيار جزء من الرصيف البحري الأمريكي قبالة السواحل في غزة    باحثة بالمركز المصري للفكر: القاهرة الأكثر اهتماما بالجانب الإنساني في غزة    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    شيماء سيف تستفز ياسمين عز في تصريحات عن الرجال.. ماذا قالت؟ (فيديو)    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    ضبط 14 طن قطن مجهول المصدر في محلجين بدون ترخيص بالقليوبية    مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد محطات الصرف الصحي والصناعي بالعاشر    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الملايين تنتظر الأهلي والترجي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 25 مايو 2024    صباحك أوروبي.. عهد جديد لصلاح.. صفقات "فليك" لبرشلونة.. وغموض موقف مبابي    الصين تعلن انتهاء مناوراتها العسكرية حول تايوان    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تعني عودة أسرة ماركوس إلى السلطة في الفلبين؟
نشر في مصراوي يوم 10 - 05 - 2022

اكتملت دورة التاريخ في الفلبين. إذ إن الأسرة الحاكمة التي طردت من السلطة قبل 36 عاماً، والمتهمة بالجشع الفظيع والوحشية، على وشك العودة إلى القصر الرئاسي.
إنها صفعة مذهلة لمن شنوا حملات للمساءلة عن الانتهاكات التي حدثت في الفلبين، خلال حقبة ماركوس القديمة.
ولم تعتذر عائلة ماركوس أبداً عن تلك الانتهاكات، ولم تعد الكثير من الكنوز التي اتهمت بسرقتها من الخزانة الوطنية.
ولكن كيف تمكن فرديناند "بونغ بونغ" ماركوس جونيور من ذلك؟ وما انعكاسات وصوله إلى السلطة على 110 ملايين شخص في الفلبين، وعلى مكانة البلاد في العالم؟
أكاذيب وتشويه
في عام 1986 أدى الغضب العام تجاه نظام ماركوس إلى الإطاحة بفيرديناند ماركوس وعائلته وإجبارهم على مغادرة الفلبين.
وبعد خمس سنوات فقط من وجودهم في المنفى، عادت الأسرة وبدأت على الفور في دخول الدوائر السياسية من جديد.
ويمارس بونغ بونغ عمله بشكل شبه مستمر منذ بلوغه الثالثة والعشرين عاماً، فيما عدا الفترة التي قضاها في الخارج. وكان يعد نفسه طوال حياته للفوز بالرئاسة.
وشغل أفراد آخرون من عائلته مناصب سياسية مختلفة منذ أن سُمح لهم بالعودة إلى الفلبين، ومن بينهم والدته إيميلدا وشقيقته الكبرى إيمي. حتى أن إميلدا نافست على رئاسة البلاد بعد عام واحد فقط من عودتهم في عام 1992.
واستفادت الأسرة بشكل كبير من تحالفها مع عائلة قوية أخرى هي عائلة دوتيرتي، ورودريغو دوتيرتي هو الرئيس الفلبيني الحالي.
وجمع هذا التحالف إقطاعية ماركوس في مقاطعتي إيلوكوس نورتي وليتي في الشمال والوسط، جنباً إلى جنب مع معقل دوتيرتي في مينداناو في الجنوب.
ويقول الخبير الاستراتيجي السياسي آلان جيرمان: "نسبة تأثير هذا العامل في وصوله إلى هذا الحد تبلغ 50 في المئة على الأقل. وأذرع دوتيرتي قوية لأنه رئيس محبوب".
وكانت قد بدأت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لإعادة تسمية حقبة ماركوس القديمة - ليس باعتبارها فترة أحكام عرفية تتسم بانتهاكات فادحة لحقوق الإنسان وبالفساد وبما يقارب الانهيار الاقتصادي - ولكن كعصر ذهبي من الازدهار الخالي من الجريمة.
وبدأ هذا قبل عقد من الزمن على الأقل، عندما بثت مئات مقاطع الفيديو التي أعيد تحريرها فنياً بشكل مخادع على يوتيوب، ثم أعيد نشرها بعد ذلك على صفحات فيسبوك المتعاطفة مع العائلة.
وأقنعت هذه الفيديوهات ملايين الفلبينيين أن تشويه سمعة آل ماركوس بعد سقوطهم كان غير عادل، وأن قصص الجشع التي لا مثيل لها كانت غير صحيحة.
وتقول فاطمة جاو التي تعمل في قسم أبحاث الاتصالات بجامعة الفلبين: "هناك مجموعة من الأكاذيب والتشويه في مقاطع الفيديو".
"هناك إنكار صريح لفظائع حقبة الدفاع عن النفس. وهناك أيضاً الكثير من التشويه، وادعاءات عن التقدم الاقتصادي خلال ما يسمى بالسنوات الذهبية للفلبين، من خلال اختيار تفاصيل معينة."
وهناك أيضاً الأساطير، التي يؤمن بها على نطاق واسع أناس في الأجزاء الأفقر من الفلبين، وتفيد بأن عائلة ماركوس تمتلك بالفعل ثروة هائلة في حسابات خارجية أو مخابئ من سبائك الذهب، ولكنها تحتفظ بها لصالح الشعب الفلبيني بمجرد عودتها إلى السلطة.
وتوصل مركز تدقيق الحقائق المعروف باسم "تسيك.بي إتش" إلى أن نسبة المعلومات المضللة عبر الإنترنت بشأن حملة ماركوس حتى نهاية أبريل/نيسان، بلغت 92 في المئة لصالحه، بينما بلغت النسبة بشأن منافسته الرئيسية، نائبة الرئيس، ليني روبريدو، 96 في المئة من المعلومات السلبية - ومن بينها بعض المعلومات المسيئة إليها.
واستفادت حملة التضليل الموالية لماركوس أيضاً من خيبة أمل عامة واسعة النطاق بسبب إخفاق إدارات ما بعد عام 1986 في إدخال تحسينات كبيرة على حياة الفلبينيين الأفقر.
ونجح بونغ بونغ في تصوير نفسه على أنه مرشح التغيير، الواعد بالسعادة ووحدة البلاد التي سئمت الاستقطاب السياسي والصعوبات الوبائية لسنوات، وتتعطش لوضع أفضل.
وتجنب بونغ بونغ الطعن في سجل عائلته من خلال الابتعاد عن جميع المناظرات الرئاسية ورفض المقابلات الإعلامية، وتمكن من الحفاظ على إيهام الناس باتساق مواقفه، على الرغم معارضة الملايين لرئاسته.
وكان في مواجهته عدداً كبيراً من المنافسين ميزة مهمة أيضاً. فقد وزعت الأصوات المناهضة له على تسعة مرشحين، وأعلنت أقواهم، ليني روبريدو، خوضها الانتخابات في وقت متأخر، مما لم يمنح حملتها الفرصة الكافية من الوقت لمواجهة خطاب ماركوس القوي.
مصير الديمقراطية
لكن ما الذي يمكن أن نتوقعه من رئاسة ماركوس؟
لم يتحدث بونغ بونغ كثيرا عن تفاصيل برنامجه السياسي أثناء حملته الانتخابية، التي تتكون على أي حال من قائمة من الوعود غير البراقة. وهو يتسم إلى حد كبير بمواصلة سياسات الرئيس دوتيرتي.
وأحد الشواغل الواضحة هو ما يحدث لجهود استرداد الأموال التي يُدعى أن آل ماركوس سرقوها عندما كانوا في السلطة آخر مرة.
واستعادت اللجنة الرئاسية، التي تشكلت بعد انتفاضة 1986، حوالي ثلث ما يعرف ب"الثروة غير المشروعة" التي تبلغ ما بين 15-10 مليار دولار - ومن ذلك المجوهرات واللوحات القيمة وأحذية إيميلدا الشهيرة - ولكن اللجنة لا تزال تلاحق بقية الثروة.
واقترح بونغ بونغ أنه سيوسع نطاق اختصاص اللجنة ليشمل العائلات الأخرى، ولكن نظرا للتقدم المحدود في محاسبة عائلة ماركوس أثناء خروجهم من السلطة، فمن الصعب تخيل حدوث تقدم كبير الآن.
وهناك أيضا مسألة الضرائب غير المسددة على ملكية ماركوس - وقد أُدين بونغ بونغ بعدم تقديم إقرار ضريبي في عام 1995.
وهناك حكم في الولايات المتحدة عليه لأنه انتهك المحكمة لعدم دفعه تعويضات لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها والده، وهو ما سيجعل أي زيارة رسمية له للولايات المتحدة، حليف الفلبين، صعبة.
وسوف تراقب شراكته مع دويترتي عن كثب.
ووعد بونغ بونغ بمواصلة حملة الرئيس دوتيرتي المثيرة للجدل لمكافحة المخدرات، لكنه أشار إلى أنه سيدعم أساليب أقل عنفا.
ويبدو أن سارة دوتيرتي، ابنة الرئيس، شبه متأكدة من فوزها بمنصب نائب الرئيس، وربما تجعلها شعبيتها مرشحة محتملة للرئاسة في عام 2028.
لكن الرئيس دوتيرتي لم يؤيد ماركوس رسمياً، كما أن علاقته بابنته ليست دائماً سلسة.
وينتخب نائب الرئيس بشكل منفصل عن الرئيس، وقد ترغب ابنة دوتيرتي في استخدام منصبها لدفع حياتها المهنية السياسية.
لكن المنصب ليس له ثقل من حيث القوة مقارنة بسلطة الرئيس. وعلى الرغم من تحالفهما رسمياً في الحملة الانتخابية، فإنهما سيحتاجان إلى الاتفاق على كيفية تقسيم المناصب.
لكن هناك أسئلة أهم وأكبر.
فما مقدار الفساد - الذي يمثل مشكلة دائماً في الفلبين - وهل سيظل موجوداً في ظل أسرة لها سمعة ماركوس؟
ربما يكون الشاغل الأكبر هو مصير الديمقراطية والحقوق المدنية، ولم يحظ كلاهما بالاهتمام في عهد الرئيس دوتيرتي.
ولكن كيف سيتعامل بونغ بونغ مع معارضة إدارة ماركوس؟ وما مدى حرية وسائل الإعلام في مواصلة التحقيق في ماضي عائلته؟
إن عداء حملة ماركوس العلني للجميع باستثناء وسائل الإعلام الأكثر وداً ليس بادرة مشجعة.
وأظهر الناخبون في الفلبين لفترات طويلة انحيازاً لحكم الرجل القوي الذي يواجه الشخصيات الشريرة التي تقدم وعوداً عشوائية بالديمقراطية وإنجاز الأعمال.
وهذا يفسر انتخاب جوزيف استرادا في عام 1998، ثم دوتيرتي في عام 2016، الذي لم يخفِ نفاد صبره تجاه المعايير الديمقراطية.
ولا يتمتع بونغ بونغ ماركوس بهذا النوع من الكاريزما، لكنه استفاد إلى حد كبير من ذكريات أعيد تشكيلها عن حكم الرجل القوي لوالده.
وأثبتت حملته على وسائل التواصل الاجتماعي نجاحاً كبيرا،ً وهناك مخاوف من أن يكون هذا الآن نموذجا للانتخابات في المستقبل في الفلبين، مع تهميش وسائل الإعلام السائدة، وانتشار عاصفة من الخطابات الخالية من الحقائق المتنافسة على الإنترنت.
كما أن عودة عائلته إلى السلطة تنذر بانتهاء عصر العولمة المتفائل. ويمكن القول إن هذا بدأ عندما رفضت الولايات المتحدة دعم والده الاستبدادي في السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، مما ألهم الحركات المؤيدة للديمقراطية في جميع أنحاء العالم.
والآن انتهى الأمر إلى الحرب في أوكرانيا، وانهيار العلاقات الصينية الأمريكية، وصعود زعماء شعبويين يركبون موجة تسونامي من المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.