تنطلق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية التي يتناوب فيها قادة العالم على إلقاء خطابتهم، الثلاثاء، في قاعة هادئة تستضيف قمة افتراضية تتناول أزمة جائحة كوفيد-19. وللمرة الأولى لن تنتشر في وسط مانهاتن مواكب السيارات وستغيب تماما التكهنات بشأن احتمال انعقاد اجتماعات استثنائية على الهامش. وبدلا من ذلك طُلب من قادة الدول إرسال خطاباتهم المسجلة مسبقا ليتم بثها الأسبوع التالي في القاعة الفسيحة حيث سمح بحضور مسؤول دبلوماسي واحد نيابة عن كل وفد، مع إلزامه بوضع كمامة. ولن يحضر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تستضيف بلاده القمة شخصيا إلى الجمعية العامة، لإلقاء كلمة أمام دبلوماسيين من الصف الثاني من غير المرجح أن تتضمن استراتيجيته للمعركة الانتخابية التي يخوضها في نوفمبر للفوز بولاية رئاسية ثانية. وتجتذب القمة في السنوات العادية قرابة 10 آلاف شخص من أنحاء العالم، وهو أمر لا يمكن التفكير به في وقت فرضت الدول قيودا صارمة على الدخول إلى أراضيها للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بقرابة 950 ألف شخص. وفي انعدام فرصة عقد لقاءات ومحادثات مباشرة، يتساءل بعض الدبلوماسيين في الاممالمتحدة عما يمكن إنجازه. ومع ذلك تمضي الأممالمتحدة قدما في تنظيم اجتماعات تتناول مواضيع معينة، افتراضية أيضا، على هامش القمة لمناقشة قضايا رئيسية مثل وباء كوفيد-19 والتغير المناخي والتنوع البيئي والاضطرابات السياسية في كل من ليبيا ولبنان. والفرص ضئيلة أيضا لمواقف دراماتيكية للقادة في خطابتهم. وحرصا منها على تجنب حدوث أي أخطاء فنية، طلبت الأممالمتحدة من قادة الدول إرسال خطاباتهم مسجلة بالفيديو قبل أربعة أيام، ما يعني غياب أي عفوية أو تفاعل مع تطورات ممكنة في اللحظة الأخيرة. افتتحت الأممالمتحدة أسبوعها الدبلوماسي الإثنين بالاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيسها، في قمة افتراضية دعا خلالها الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش شخصيا إلى المزيد من التعددية الدولية. وفي مؤشر على مواقفه من ذلك، لم يوجه ترامب كلمة، وجاءت الكلمة الأميركية على لسان نائب المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة الذي قال إن "الوقت حان لطرح أسئلة بخصوص مكامن قوة وضعف الهيئة". وحتى السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة لم تكن موجودة إذ توجهت بدلا من ذلك إلى واشنطن حيث تم الإعلان عن "عقوبات أممية" ضد إيران، طالب ترامب جميع الدول بتطبيقها. وتقول الولاياتالمتحدة إنها تطبق حظرا دوليا على الأسلحة شارفت مدته على الانتهاء، لكن أيا من الدول في الواقع لا تعتقد أن لدى واشنطن السلطة لفرض عقوبات دولية، في وقت تركز القوى الأوروبية على إنقاذ اتفاق نووي مع إيران تم التوصل إليه خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما. ويأتي الموقف الأمريكي المتشدد قبيل الانتخابات الرئاسية، وبعد سنة على جهود باءت بالفشل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نيويورك، للترتيب للقاء أو حتى اتصال هاتفي بين ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني لتخفيف التوتر. وماكرون الذي ألقى كلمة مسجلة بتقنية الفيديو في الذكرى ال75 لتأسيس الأممالمتحدة، دعا إلى دور أكبر للهيئة الدولية في إيجاد حلول لمشكلات عالمية. وقال "في وقت يغذي الوباء الخوف من الانحدار، والرواية بشأن العجز الجماعي، أريد أن أقول أمراً بوضوح تام: في مواجهة حال الطوارئ الصحية والتحدي المناخي وتراجع الحقوق، يتوجب علينا، الآن وهنا، التحرك". من ناحيتها، حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من أن الأممالمتحدة "أجبرت في كثير من الأحيان على التخلف عن مُثلها في وقت حالت مصالح الأفراد، مرة بعد مرة، دون أن يعمل هذا النظام كما كان مقصودا له". وتابعت "لكن يخطئ الذين يعتقدون أن بإمكانهم تدبير أمرهم بشكل أفضل بمفردهم. رفاهنا شيء يمكننا تشاركه، ومعاناتنا أيضا. نحن عالم واحد".