مع مواصلة جائحة فيروس كورونا المُستجد التفشّي في مزارع المنك بإسبانيا وهولندا، شرع العلماء في البحث عن أسباب إصابة هذه الحيوانات ومدى إمكانية نقلها هذه العدوى إلى البشر، فيما أصدرت السلطات في كلا البلدين قرارا بقتل أكثر من مليون من هذه الحيوانات في المزارع "كإجراء احترازي". ووفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، الأحد، يعتقد العلماء أن الفيروس الذي تفشى في الصين أواخر العام الفائت مصدره حيواني، ربما ظهر من الخفافيش، وتفشّي بين البشر لاحقًا، كما فعلت فيروس كورونا الأخرى في الماضي. وفي حين انتقلت عدوى كورونا إلى بعض الحيوانات، بما في ذلك القطط والنمور والكلاب، من البشر، إلا أنه لم تكن هناك حالة موثّقة تُشير إلى حدوث العكس (أي انتقال الفيروس من الحيوانات إلى البشر)، بحسب الأسوشيتد برس. ويُحتمل أن يكون مرض "كوفيد 19" تفشّى بين حيوانات المنك في المزارع بهولندا وإسبانيا بعد انتقال عدوى الفيروس من أحد العُمال المُصابين، لكن هذه الفرضية لم تثبت صحتها بشكل قطعي، فيما رأت الحكومة الهولندية وأحد الباحثين أنه من "المعقول" أيضًا أن يكون العُمال التقطوا العدوى من المنك، لكن يسعى العلماء لاكتشاف صحة هذه الفرضية ومدى التهديد الذي يمكن أن يشكله مثل هذا الانتشار. وقال خواكين أولونا، وزير الزراعة والثروة الحيوانية في منطقة أراجون شمال شرق إسبانيا، إن تفشّي المرض في مزرعة المنك الإسبانية بالقرب من قرية لا بويبلا دي فالفيردي، التي تضم 500 شخص، اكتُشّفت بعد ثبوت إصابة 7 من أصل 14 عاملًا، بينهم المالك ، في أواخر مايو. وأُصيب موظفان آخران حتى بعد إغلاق المزرعة. "يمكن.. ولكن!" وصدرت أوامر بقتل أكثر من 92 ألف حيوان منك في المزرعة الواقعة في منطقة أراجون، شمال شرق إسبانيا، حيث أصيب أكثر من 90 بالمائة من حيوانات المزرعة بالفيروس، وفق "الأسوشيتد برس". وبعد أن بدأ تفشي المرض في هولندا بأبريل، أكد البروفيسور ويم فان دير بويل، وهو طبيب بيطري يدرس الفيروسات في جامعة فاخينينجن، أن سلالة الفيروس في الحيوانات كانت مشابهة لتلك المُنتشرة بين البشر. وقال: "افترضنا أنه قد ينتقل مرة أخرى إلى الأفراد، وهذا ما حدث مع اثنين على الأقل من العمال المصابين". وأكد ريتشارد أوستفيلد، الباحث في معهد كاري لدراسات النظام الإيكولوجي في ميلبروك، بولاية نيويورك، أنه إذا تم تأكيد ذلك، فستكون هذه أول حالات معروفة لانتقال الحيوانات إلى الإنسان. وصرّح أوستفيلد للأسوشيتد برس في رسالة عبر البريد الإلكتروني بأنه "مع وجود دليل على انتقال الفيروس من حيوان المنك إلى الإنسان، ينبغي علينا القلق بشأن إمكانية انتقال الفيروس من الحيوانات المُستأنسة المُصابة لنا". وقال المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن بعض فيروسات كورونا التي تصيب الحيوانات يمكن أن تنتقل إلى البشر ثم تنتشر بين الناس، لكنه أكّد أن أن هذا أمر "نادر الحدوث". وتدرس منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومقرها باريس، امكانية انتقال الفيروس بين الحيوانات والأفراد، كما تقوم العديد من الجامعات ومعاهد البحث بدراسة القضية. انتقال "محدود للغاية" ولاحظت الصحة العالمية أن تفشي الفيروس في مزارع تربية المنك يمكن أن يحدث في كلا الاتجاهين، لكن الدكتورة ماريا فان كيرخوف من المنظمة الأممية قالت في مؤتمر صحفي الشهر الماضي إن عملية الانتقال من البشر إلى الحيوان أو العكس "محدودة للغاية". وذكرت أن "هذه العملية تقدم بعض القرائن عن أي الحيوانات التي قد تكون عرضة للعدوى وهذا سيساعدنا في الوقت الذي نكتشف فيه المزيد عن المستودع الحيواني المحتمل ل (الفيروس)"، في إشارة إلى حالات في هولندا والدنمارك، التي تعد منتجا رئيسيا آخر لفراء المنك. ورغم اعتقاد العلماء أن الفيروس ظهر أولا في الخفافيش، لكنهم أشاروا إلى أنه ربما يكون قد انتقل من حيوان إلى آخر قبل إصابة البشر، ويتواجد فريق من منظمة الصحة العالمية حاليًا في الصين، ويخطط لدراسة القضية. وقُتل أكثر من 1.1 مليون حيوان منك في 26 مزرعة في هولندا سجلت حالات تفشي المرض، وفقًا لهيئة سلامة الأغذية والمنتجات الاستهلاكية الهولندية كما أعلنت الحكومة الهولندية، الخميس، أن حيوانات المنك في المزرعة السابعة والعشرين أصيبت أيضا وسيجري قتلها. وبحسب فيرهاجن، مدير الاتحاد الهولندي لمزارعي الفراء، فإن هولندا، التي تمتلك حوالي 160 مزرعة فرو، هي رابع أكبر منتج للفراء الثمين في العالم بعد الدنمارك والصين وبولندا. ويوجد في إسبانيا 38 مزرعة لتربية المنك، معظمها في شمال غرب غاليسيا. وشددت كلٍ من إسبانيا وهولندا بروتوكولات النظافة في مزارع المنك وحظرت نقل الحيوانات وزيارات المباني، حيث يُحتفظ بها، ولم تبلغ الصين، التي تنتج حوالي ثلث سوق فرو المنك، والولايات المتحدة عن أي تفشي للفيروس في المنك أو الحيوانات في مزارع أخرى.
