لأكثر من 70 عامًا، عمل التحالف الأطلسي كأساس للاستقرار الأوروبي وأرسى قيم النظام الغربي بقيادة الولاياتالمتحدة، إلا أن الأوضاع اختلفت بشكل كبير، بعدما أصبح حلفاء واشنطن يعيدون تقييم علاقتهم بأمريكا، وذلك بحسب ما ذكرته "سي إن إن". منذ أيام، أعلنت مفوضية الاتحاد الأوروبي رفض إدراج الولاياتالمتحدة في قائمة "البلدان الآمنة"، ما يعني أن المسافرين الأمريكيين لن يكونوا مرحبًا بهم داخل الدول التي تضم الاتحاد الاوروبي في المستقبل المنظور، بسبب اتساع رقعة تفشي عدوى كورونا في الولاياتالمتحدة. وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي غير مصرح له بالحديث بشكل رسمي، في تصريحات ل"سي إن إن"، إن الاتحاد الأوروبي أدرج الصين بعيدًا عن القائمة المسموح لها بالسفر إلى دول الاتحاد، من أجل إرضاء الولاياتالمتحدة. وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أنه من الصعب الاعتماد على هذا الحادث كدليل على تمزق العلاقات بين الولاياتالمتحدة والحلف الأطلسي، إلا أنه من الواضح أن أوروبا تسعى بنشاط إلى مزيد من الاستقلال الدبلوماسي عن أمريكا، وينطبق هذا بشكل خاص على الدول الأعضاء ال 27 في الاتحاد الأوروبي. وأكدت "سي إن إن"، أن إحدى الطرق التي تعتقد بروكسل أنها يمكن أن تنأى بنفسها عن الولاياتالمتحدة هي من خلال الانخراط مع الصين كشريك استراتيجي واقتصادي، وتقليل اعتمادها على واحدة من القوى العظمى في العالم من خلال موازنة علاقتها مع الأخرى. وأضافت أنه في السنوات القليلة الماضية، تمسك الاتحاد الأوروبي بمواقفه في القضايا الدولية الكبيرة، التي وصلت إلى حد معارضة الولاياتالمتحدة، بدءًا من اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، وتكنولوجيا الجيل الخامس التي تعتمد فيها دول أوروبا على الصين. وبرغم أن تلك القراءة الحالية للوضع حول علاقة الولاياتالمتحدة بأوروبا، قد تكون "غير سخية" للوضع، وفقًا ل"سي إن إن"، بسبب الروابط العميقة الراسخة بين أوروبا والولاياتالمتحدة، إلا أن أي صداقة متصورة لبكين هي بمثابة لكمة حقيقة لواشنطن. وقال مسؤول في بروكسل يعمل على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ولكنه غير مصرح له بالتحدث، إن التحول من أوروبا كأولوية جيوسياسية بدأ في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما: "لم يكن لديه اهتمام وثيق بالشرق الأوسط مثل الرؤساء السابقين وهو ما يمثل مشكلة أوروبية من الناحية الجغرافية. وكان يحول أولوياته من أوروبا إلى الصين وآسيا". فيما أكد مراقبون ل"سي إن إن"، أن العلاقات الأمريكية الأوروبية تعرضت للتوتر خلال السنوات الأربع الماضية، لافتة إلى أنه سيزداد سوءًا إذا فاز دونالد ترامب على نائب الرئيس السابق جو بايدن في الانتخابات الأمريكية لهذا العام. أكدت فيلينا تشاكاروفا، من المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية أن ترامب يعتبر الاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا، منافسًا اقتصاديًا وتجاريًا، ما يعني أن التوترات يمكن توقعها في حالة حصوله على ولاية ثانية. وأكدت تشاكاروفا، أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي وقادة الدول الأعضاء يأملون في أن ينتخب جو بايدن في الانتخابات المقبلة، نظرًا لأنه يختلف كثيرًا عن ترامب في تأييد التعددية، ويتوقع أنه سيعزز العلاقات بين الولاياتالمتحدة وأوروبا. وقال دبلوماسي أوروبي إن الأمر لا يحتاج إلى نظرة ثاقبة لإدراك أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة ضعيف حاليًا. فيما أكدت شبكة "سي إن إن"، أنه برغم الاختلافات الحالية إلا أن التحالف بين الناتو والاتحاد الأوروبي مع الولاياتالمتحدة لن تتوقف، وستظل ذات أهمية كبرى.