قررت نيكي هيلي، سفيرة واشنطنبالأممالمتحدة، الاستقالة من منصبها في نهاية العام الجاري وهي في قمة نجاحها السياسي، وهو شيء غير معتاد في إدارة دونالد ترامب، والتي يستقيل أو يُقال أفرادها بسبب فضائح أو خلافات مع الرئيس الأمريكي. قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية في تقرير منشور، الأربعاء، إن هيلي فاجئت الجميع باتخاذها هذا القرار أمس الثلاثاء، خاصة وأنه لم يتوقع أحد أن تُقدم على هذه الخطوة أبدًا. التقت هيلي بالرئيس الأمريكي في المكتب البيضاوي، وأشاد الأخير بها وأثنى على الدور الذي قامت به خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أنها أدت واجبها على أكمل وجه، وأنها شخصية رائعة ومميزة. تقول "سي إن إن" إن قرار هيلي بالاستقالة في هذا الوقت بالتحديد ترك الجميع في واشنطن يتساءلون عن الأسباب، ولكن السؤال الأفضل والذي يجب طرحه بحسب الشبكة الأمريكية هو: ولمَ لا؟ لفتت الشبكة الأمريكية إلى أن الجميع يعلم في واشنطن أن هيلي ستسعى إلى ترشيح نفسها في انتخابات الرئاسة عام 2020، ولكن كان من الضروري أن تُطمئن ترامب وتخبره في المؤتمر الصحفي، الذي عُقد أمس في البيت الأبيض، إنها لم تنافسه في الانتخابات المقبلة ولن تُقدم على هذه الخطوة. وخلال العامين الذين تولت فيهما منصب سفير الولاياتالمتحدة في المنظمة الأممية، تمكنت هيلي، حسب سي إن إن، من إثبات مكانتها السياسية والدبلوماسية، وتحقيق نجاحًا كبيرًا. وفي الوقت ذاته حافظت على علاقاتها الطيبة بالرئيس الأمريكي، على عكس عدد من مسؤولي إدارته السابقين مثل وزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون، أو مستشار الأمن القومي ماكماستر. لعبة هيلي المزدوجة باتت هيلي الوجه الإعلامي لسياسة "أمريكا أولاً" التي اتبعها ترامب وغيره من الرؤساء الجمهوريين خلال فترة حكمهم، ودعت إلى تنفيذ خطط إصلاح الأممالمتحدة التي نادى بها الرئيس الأمريكي، ولكنها في الوقت نفسه عملت على ألا تُعرف أبدًا بهذ المذهب. أسست هيلي سمعتها كالصقر، وتمكنت من تبنى سياسات محافظة تقليدية في قضايا مثل روسيا وحقوق الإنسان دون تهميش ترامب، وأضافت خبرة قيّمة في السياسة الخارجية إلى سيرتها الذاتية، علاوة على أنها تفخر بالفعل بخبرتها كأول امرأة حاكمة لولاية بالميتو. ترى "سي إن إن" أن هيلي استخدمت عملها كسفير في الأممالمتحدة لتعزيز مؤهلاتها، والتي من شأنها أن تفيدها إذا ترشحت للرئاسة، وأعلنت دعمها ومساندتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى تتمكن من الفوز بأصوات الناخبين الإنجيليين في انتخابات 2020. تقول الشبكة الأمريكية إن اختيارها لهذا التوقيت بالتحديد، وإعلان رحيلها عن الإدارة الأمريكية قبل الانتخابات النصفية، المُقرر إقامتها في نوفمبر المقبل، "سيحول دون ظهورها غير وفية للرئيس الأمريكي". الحرية السياسية وتشير "سي إن إن" إلى أنه غالبًا ما يكون أول عامين في أي فترة رئاسية أولى مدة لتحديد البنية التحتية البطيئة للتحركات الخاصة بالسياسة الخارجية، والتي تترك آثارها في العامين الأخيرين، لذا قررت هيلي أن تترك بصمة في هذه المرحلة التي يمكن النظر إليها باعتبارها مرحلة انتقالية. وذكرت أن الإدارة الأمريكية تحارب الآن على جبهات متعددة، فالتوتر مع إيران في حالة تصعيد مستمر، وهناك حرب جديدة بدأت بين بكينوواشنطن، والعلاقات مع روسيا تزداد سوءًا في ظل فرض حزمة جديدة من العقوبات، ورغم كل ذلك، يرى ترامب أن سياسته الخارجية تحقق أرباحًا ومكاسب. وتقول "سي إن إن" إنه عندما تغادر هيلي منصبها في نهاية هذا العام، سوف يكون لديها حرية سياسية جديدة، وهو ما ألمحت إليه في خطاب استقالتها، إذ قالت: "أتوقع أن أواصل التعليق على بعض المسائل المهمة المتعلقة بالسياسة العامة من حين إلى آخر، ولكنني بالتأكيد لن أترشح إلى الرئاسة في عام 2020". تقول الشبكة الأمريكية إن استقالة هيلي في هذا الوقت بالتحديد قد يخبر الحزب الجمهوري، بأنه إذا أرد مرشحة للرئاسة الأمريكية في الانتخابات المقبلة، تحظى بشعبية كبيرة ولديها خبرة سياسية على المستوى الداخلي والخارجي، فلن يجد أفضل منها.