في وقت الذروة، وبينما الشوارع مكتظة بالمارة والسيارات، غادرت شاحنة "المتحدة للخدمات البترولية" شركة الكيماويات بمنطقة المكس في طريقها إلى شركة أبو قير للأسمدة، وعلى متنها 6 تنكات من حمض الكبريتيك الخام "ماء النار". رحلة الشاحنة لم يكتب لها النجاح هذه المرة، إذ اصطدمت بكوبري 27 في منطقة القباري بالإسكندرية، ما أدى إلى تحطم جزئي بأحد التنكات وتسريب لمحتواه على الطريق، لتتوقف الحياة على طريق تسلكه 14 ألف سيارة يوميًا من وإلى ميناء الإسكندرية. 6 جهات لاحتواء الكارثة 6 جهات رسمية نجحت في إنقاذ القباري من كارثة كيميائية محققة في عملية معقدة بدأت باستخدام المياه مرورًا بالتبريد وصولاً لوضع الرمال في موقع التسريب، وذلك كله دون حدوث إصابات. ويعرف حمض الكبريتيك بأنه أحد أخطر المواد الكيميائية التي تم اكتشافها إلى الآن، والبالغة قرابة 650 ألف مادة مختلفة. فماذا لو سقطت حمولة السيارة بالكامل؟ وما هو تأثيرها على السيارات والطرق والمواطنين؟ مادة آكلة تذيب أي شيئ الدكتورة إيمان سلام، أستاذ معالجة المياه الملوثة "الصرف الصحي والصناعي" بقسم البيئة بالمعهد القومي لعلوم البحار في الإسكندرية، قالت إن تأثير حمض الكبريتيك الخام والمركز يشبه "النار" لذا تسمى ب "ماء النار". وأضافت -في تصريح خاص لمصراوي: "حمض الكبريتيك يرفع درجة حرارة أي سطح يلامسه إذا ما اختلط بالمياه، وهو مادة آكلة يمكن أن تشوه وتذيب أي جسم تسقط عليه خاصة في حالتها الخام". بركان كاد يضرب القباري وبدوره، قال الكيمائي محسن عبد الجليل، مسؤول قسم البيئة والطاقة بشركة كبري في الإسكندرية، إنه في حال سقوط حمولة السيارة بالكامل لشهدنا تأثيرًا يشبه ما تفعله البراكين إذا ما وصلت إلى شارع مدينة ما؛ إطارات سيارات كانت ستذوب، وأسفلت سينصهر، وستحرق أي مادة تقابل الحمولة المنسكبة. وأشار عبد الجليل إلى أن سقوط تلك الكمية من حمض الكبريتيك الخام كان سيصدر دويًا أشبه بانفجار قنبلة، لافتًا إلى أن ماء النار المركز يدخل بالأساس في صناعة القنابل ويحتاج تداوله ونقله لتصاريح من الجهات المعنية. وأوضح أن الشركات التي تستخدم ماء النار في عملية التصنيع تقدم تقاريرًا بنسب استهلاكها، مضيفًا: "تحصل الشركات التي تستخدمها على موافقات بيئية أيضًا". ولفت إلى أن عملية نقل حمض الكبريتيك "شديدة الخطورة" وتتطلب إعداد سيارات مطابقة للشروط وآمنة وسائقين ذوي خبرة. اختناقات وحروق شديدة وحول تأثيرها على الإنسان، يقول الدكتور علاء الدخس، مدير مستشفي صدر المعمورة بالإسكندرية، إن ماء النار له تأثيرين على صحة الإنسان؛ "الأول مبدئي وهو عبارة عن اختناق وحساسية في الشعب الهوائية، والثاني وهو الأصعب وينتج عن استنشاق كميات كبيرة من المادة، ويظهر بعد 48 ساعة، ويسبب التهابًا رئوي حاد يطلب علاجه جلسات أوكسجين ومحاليل ومضادات حيوية موسعة للشعب الهوائية". وعن تعرض الجلد لملامسة ماء النار الخام، أوضح مدير مستشفى صدر المعمورة، إنها تسبب حروقًا شديدة من مختلف الدرجات تشبه نفس تأثير النار وربما أشد لكونها مادة كيمائية. اقرأ أيضًا- بالصور.. 6 جهات رسمية تنقذ "قباري" الإسكندرية من كارثة كيميائية
