استيقظ المصريون والسوريون في الإقليمين الشمالي والجنوبي للجمهورية العربية المتحدة، يوم 28 سبتمبر من عام 1961 على أنباء انقلاب عسكري في دمشق، ساهم بعد ذلك في انفصال البلدين بعد أقل من 3 سنوات على الوحدة بين البلدين. والجمهورية العربية المتحدة هو الاسم الرسمي الذي استخدم بعد الوحدة بين مصر وسوريا والتي أعلنت يوم 22 فبراير 1958 بتوقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من جانب الرئيسين المصري جمال عبد الناصر والسوري شكري القوتلي. واجتمع مجلسا النواب المصري والسوري وقررا أن يصبح نظام الجمهورية المتحدة رئاسيًا ديموقراطيًا، وجرى استفتاء شعبي على الوحدة وتم انتخاب عبدالناصر رئيسًا، ووضع دستورًا جديدًا لها، وحكومة مركزية، ومجلسان تنفيذيان إقليميان: المجلس التنفيذي المصري، والمجلس التنفيذي السوري اللذان يرأس كل منهما وزير مركزي. أما السلطة التشريعية فقد تولاها مجلس الأمة المكون من نواب يعين نصفهم رئيس الجمهورية والنصف الآخر يختاره من بين أعضاء مجلس النواب السابقين في سوريا ومصر، وقد منح مجلس الأمة حق طرح الثقة بالوزراء. وفي 24 فبراير 1958، ألقى عبد الناصر خطابا من منزل الرئيس شكري القوتلي بعد إعلان الوحدة قال فيه "أيها المواطنون: السلام عليكم ورحمة الله.. إنني أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتي، فقد كنت دائماً أنظر إلى دمشق وإليكم وإلى سوريا وأترقب اليوم الذى أقابلكم فيه، والنهاردة.. النهاردة أزور سوريا قلب العروبة النابض.. سوريا اللي حملت دائماً راية القومية العربية.. سوريا اللي كانت دائماً تنادى بالقومية العربية.. سوريا اللي كانت دائماً تتفاعل من عميق القلب مع العرب في كل مكان. واليوم - أيها الإخوة المواطنون - حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب وأنا ألتقى معكم في هذا اليوم الخالد، بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة". تنقل الدكتورة هدى عبد الناصر في قراءة لها نشرتها صحيفة الأهرام قبل عامين، عن أبيها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قوله في اجتماع مجلس الوزراء المصري، الذى رأسه عبد الناصر يوم 19 أكتوبر 1961، أي بعد الانفصال بعشرين يوما، وشرح ناصر فيه كيف كانت بشائر الوحدة. وقال ناصر إنه فوجئ في 14 يناير 1958 ( وكان آنذاك في الأقصر برفقة رئيس إندونيسيا أحمد سوكارنو) بوصول طائرة سورية إلى مطار القاهرة وعلى متنها 20 ضابطا سوريا. وقد التقى الضباط بالمشير عبد الحكيم عامر، وأخطروه بأن سوريا في خطر، وتقابلها كارثة، وهناك مخاوف من أن ينقض الشيوعيون على الحكم في دمشق.. ورأوا أن الحل هو إتمام الوحدة مع مصر. وتضيف هدى عبد الناصر نقلا عن والدها "في اليوم التالي قابلهم ناصر. ورغم أنه أبلغهم بأنه لن يقبل إقامة وحدة بهذه السرعة لأن الوحدة يجب ألّا تقوم على أساس عاطفي، وأنها تحتاج إلى 5 سنوات، إلا أنهم أصروا وقالوا له إن سوريا ستضيع فهل سوريا لا تهمك؟ وبعدها بعشرة أيام حضر الرئيس السوري شكري القوتلي في 26 يناير، وتم التوقيع على طلب الوحدة بين الرئيسين.. ثم أعلنت الوحدة رسميا. وفي عام 1960 تم توحيد البرلمان في البلدين ليصبح مجلس الأمة بالقاهرة وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضاً. عددت هدى عبد الناصر في قراءتها ما وصفته بأسباب فشل الوحدة بين مصر وسوريا وهي " الدول الغربية التي أقامت الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن في فبراير عام 1958 للوقوف في وجه الاتحاد المصري السوري، العناصر السياسية في سوريا كالرأسمالية والأقليات (كالتركمان والأكراد وغيرهم)، المعسكر الشرقي والشيوعية العربية، الرجعية العربية". بداية الانفصال بدأت المشاكل التي مهدت إلى الانفصال في 9 يونيو 1958 عندما فرضت مصلحة الجمارك السورية رسومًا على بعض المنتجات المصرية، مما استدعي تدخل عبد الناصر لما اعتبره تحدياً للسلطة المركزية في الجمهورية العربية المتحدة. استدعى ناصر نائبيه السوريين أكرم الحوراني وصبري العسلي إلى القاهرة وأصدر مجلس الوزراء المركزي قراراً يفيد بأن السياسة الاقتصادية في إقليمي الجمهورية يجب أن ترسمها الحكومة المركزية لا المجالس التنفيذية في الإقليمين. ثم بدأ مسؤولون سوريون في الاستقالة ومنهم الوزراء البعثيين من الحكومة المركزية والمجلس التنفيذي للإقليم الشمالي مثل أكرم الحوراني نائب رئيس الجمهورية ووزير العدل في الحكومة المركزية، إثر تصاعد الخلافات بين البعث وعبد الحكيم عامر. بعد 4 أيام تم إعفاء وزير الاقتصاد خليل الكلاس، وهو بعثي أيضاً، من منصبه في المجلس التنفيذي. إلى أن جاء يوم 28 سبتمبر عام 1961، عندما قامت مجموعة من الضباط السوريين بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي (مدير مكتب عبد الحكيم عامر)، وبدعم أردني - سعودي، وبمؤازرة من رجال الأعمال السوريين الساخطين بسبب قرارات التأميم، بانقلاب عسكري. غادر عبد الحكيم عامر دمشق حوالي الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الانقلاب إلى القاهرة، وكان صلاح البيطار وأكرم الحوراني أعلنا تأييدهما للانفصال وكانا من بين السياسيين السوريين الموقعين على الوثيقة الانفصالية في 2 أكتوبر 1961.