بدأ العالم منذ عدة سنوات خطة للتحول إلى الطاقات النظيفة، وكانت (الطاقة الكهربية) واحدة من الخيارات البديلة المثلى لتحل محل الطاقة البترولية بأنواعها. وجاءت صناعة السيارات في صدارة الصناعات التي دشنت عملية التحول بقوة وسرعة وتكنولوجيا حديثة غاية في الإبهار، وساهم في إنجاح ذلك التحول التفاعل الإيجابي من قبل المستهلكين حول العالم. وبالرغم من أن السيارات الكهربائية لم تزل وليدة ولا تتجاوز عدة ملايين وحدة حول العالم، وتحتاج إلى مزيد من التطوير ومعالجة المشكلات التي تطرأ عليها. إلا أنها في غضون سنوات قليلة ستتسيد شوارع وطرقات العالم، وتكتب ببطارياتها فصل النهاية في حياة السيارات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي التي ظلت طوال أكثر من قرن من الزمان تتربع على عرش عالم السيارات. الكيانات الكبرى المتسيدة لعالم السيارات عمدت إلى ضخ وإنفاق مئات الملايين من الدولارات على المراكز البحثية التي تطور تكنولوجيا السيارات الكهربائية، وفي مقدمتها مجموعة فولكس فاجن الألمانية وجنرال موتورز الأمريكية وهيونداي الكورية ونيسان اليابانية وغيرهم. وقد اتخذت دول غربية عدة قرارات لصالح السيارات الكهربائية، حيث أعلنت النرويج بحسب "بي بي سي" عن خطة لمنع سيارات الاحتراق الداخلي من السير في شوارعها بحلول العام 2025، وكذلك ألمانيا التي أعلنت عن اعتمادها كليًا على السيارات الكهربائية في عام 2030. وعلى نفس النهج سارت فرنسا، عندما أعلنت وفقًا ل"وكالة الأنباء الألمانية" عن نيتها منع دخول السيارات التي تعتمد على المحروقات إلى شوارع العاصمة باريس بحلول عام 2040، وهو ذات العام الذي توقع خبراء السوق أن تصل فيه الحصة السوقية للسيارات العاملة بالكهرباء 40%. وفي المنطقة العربية والشرق الأدنى كانت إمارة دبي سباقة في الإعلان عن بدء استقبال شوارعها للسيارات العاملة بالطاقة الكهربية بنسبة 100%، ذلك بعدما جهزت العديد من شوارعها وطرقها المفتوحة بنقاط شحن السيارات وهو البديل لمحطات الوقود التقليدية. ولكن السؤال الاعتراضي الذي من المتوقع أن يسأله القارئ الذي يعيش في مصر، متى نرى أول سيارة كهربائية في مصر؟ وهل مصر مستعدة في الأساس لهذه التكنولوجيا؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أولًا الحديث عن المقومات والتجهيزات الواجب توفيرها قبل انطلاق أول سيارة داخل مصر 1- شجاعة المستثمر مثل أي تكنولوجيا جديدة، فإن المبادرة بالاستثمار في هذه التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فهناك من يسعى للعمل في المضمون، بينما يرى آخر أن الإمساك بخيوط اللعبة من أولها سيجعل المكاسب مضاعفة. 2- قوانين الدولة في القانون المصري لا يوجد تعريف أو توصيف للسيارات الكهربائية يمكن من خلاله السماح بترخيصها، ولذلك فإن تعديل قانوني يجب أن يسبق التفكير في توفير هذا النوع من التكنولوجيا. 3- الوعي الجمعي المصريون من الشعوب القادرة على تقبل وامتصاص كل ما هو جديد كما تمتص الإسفنجة الماء، ولكن أن يتم تغيير مفهوم ألفوه لسنوات طوال قد تكون تلك مخاطرة ويجب الحسبان لها من قبل المستثمرين المحتملين في قطاع السيارات الكهربائية قبل اتخاذها. 4- نقاط الشحن تعتبر نقاط الشحن بمثابة العمود الفقري لعالم السيارات الكهربائية، وبدونه لن يكون لهذه الآلة أي أهمية حيث ستتوقف عن العمل لحظة أن تفرغ بطاريتها، مثلها كمثل السيارة التي نفذ الوقود بها ولا يجد مالكها محطة وقود لإعادة تمويلها. وشبكة نقاط الشحن يجب إعدادها وتجهيزها قبل التفكير في استيراد تلك التكنولوجيا المتطورة، حتى لا يتكبد السوق خسارة لن تكون هينة، كما يجب التنسيق بين الدولة والمستثمر بشأن من سيكون مسئولًا عن إنشاء وإدارة تلك النقاط. 5-الأسعار من المتعارف عليه أن أية تكنولوجيا حديثة يتكبد الراغبين في التمتع بها أموالًا أكثر من مستخدمي التكنولجيا الأقل حداثة، والحالة المصرية من المفترض أن تشهد ارتفاعًا أكبر من غيرها بسبب تباين أسعار النقد الأجنبي. 6- بعد البيع بالطبع لن يقتصر الأمر على بيع سيارة وانتهى الأمر، لكن هناك صيانة وقطع غيار وإكسسوارات وغيرها من "خدمات ما بعد البيع" اللوجستية وجميعها أشياء يجب الحديث عن كيفية توفيرها للعميل المصري قبل منحه سيارة، قد تصبح بدون ما تقدم قطعة من الحديد الصدئ. أخيرًا يجب أن يعلم كل مصري أن السيارات الكهربائية آتية لا محالة، ولكن متى؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة