عاجل| توضيح مهم من مجلس الوزراء بشأن مواعيد تخفيف الأحمال بسبب امتحانات الثانوية العامة    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    الخطوط الجوية الكورية تدرس شراء 30 طائرة من شركة بوينج في يوليو المقبل    هل سنحتفل بعيد الأضحى 2024 في بداية شهر ذي الحجة؟    جريدة الشروق تحتفل بصحفييها الفائزين بجوائز الصحافة    مباشر.. احتفالات ريال مدريد مع الجماهير بلقب أبطال أوروبا فى ساحة سيبيليس    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    تسلل لغرفته وطعنه بسكين.. "جنايات السويس" تقضى بإعدام قاتل صديقه    "شحاتة" يشارك في الاجتماعِ التنسيقي للمجموعة العربية بمؤتمر العملِ الدولي    بالفيديو.. علامات الحزن تسيطر على الفنان محمود الليثي خلال عزاء والدته    إصابة أمير المصري أثناء تصوير عمل فني    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    رئيس الوزراء يستعرض ملفات عمل وأنشطة المجلس القومي للمرأة    مجلس الحرب يشير على طاقم المفاوضات بعدم كشف العرض الإسرائيلي خشية تسريبه    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    متحدث الحكومة: رئيس الوزراء استعرض جهود وزارة التعليم لسد عجز المعلمين    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    كرة سلة - الكشف عن عدد الحضور الجماهيري لنهائي دوري السوبر بين الاتحاد والأهلي    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأبراج في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    إف چي هيرميس توقع اتفاقية شراكة مع بنك مصر لتوفير خاصية تغذية حسابات العملاء    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    تكبيرات عيد الأضحى مكتوبة.. «الإفتاء» توضح الصيغة الشرعية الصحيحة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    رئيس الشعبة بالغرف التجارية: مبيعات الأدوية تتجاوز 65 مليار جنيه خلال 5 أشهر من 2024    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    الأمم المتحدة: أطفال السودان يعانون من سوء التغذية    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية.. والطالبات يكتسحن القائمة (أسماء)    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد رمضان.. و"النافذة الديموجرافية" في مصر
نشر في مصراوي يوم 10 - 06 - 2017

رمضان العام الحالي مختلف في مصر بسبب غياب محمد رمضان عن شاشة الفضائيات.. هذه الجملة يرددها الكثير من الشباب من مختلف الطبقات الاجتماعية في مصر، أنا شخصياً أشعر بالذهول، فهل أصبح الجيل من مواليد السبعينيات بعيداً تماماً لهذه الدرجة عن واقع وأفكار واتجاهات الجيل الجديد من الشباب (من 15 إلى 25 عاماً)؟
هذا الجيل سيكون لغزاً اجتماعياً يجب بحثه قبل أن تهب عواصف أو تتغير معادلات، ونحن نعيش وهم أن الثابت هو المطلق، فيما لا يزال رأي هيجل صحيحا طوال الوقت، فالتغيير هو الثابت الوحيد في عالمنا.
من ينتمون للطفرة الشبابية، (وهي نسبة السكان في عمر 15 -29 عاماً من إجمالي السكان في سن العمل من 15 إلى 65 عاماً)، هم جيل تفتح وعي أغلبه بعد ثورة 25 يناير 2011 بكل إيجابياتها وسلبياتها وانتهاء بحكم جماعة الإخوان الإرهابية.
بدءاً فإن تحول محمد رمضان لرمز عابر للطبقات والشرائح الاجتماعية في مصر، يمثل ظاهرة لا تتكرر كثيراً في المجتمعات، فعادة يرتبط النجم السينمائي بصعود طبقة اجتماعية أو بشريحة اجتماعية أو تحول سياسي أو اقتصادي.
فصعود عادل إمام النجم الأهم في تاريخ السينما المصرية جاء في ظل سعي جيل لتجاوز أزمة سقوط الناصرية، والتوافق مع التحولات الاجتماعية في عصر السادات ومبارك بحلم الصعود المفاجئ. كما كان أحمد زكي تعبيراً عن شباب يرفض الاستسلام لواقع صعب في ظل تراجع أحلام الهجرة والثراء السريع.
جاء محمد رمضان ليصبح نجم مصر الأول في مرحلة ما بعد 2011، ولكن هذه المرة متجاوزاً الشرائح الاجتماعية، فهو ذلك الشاب القادر على تحدي الجميع بالثروة والقوة، وليس بالطيب أو الشرير، بل هو بطل "ظالم ومظلوم" في نفس الوقت.
في ظل التحولات الاجتماعية التي تشهدها مصر من 2005، بدا أن جيل الشباب أصبح يهيمن عليه أبناء الطبقة الوسطى الذين مدوا تأثيرهم للشرائح الوسطى والعليا، بل وأصبح هناك توجه لتبني رموز وممثلي الطبقات الأفقر والأكثر شعبية، كممثلين لهذه الشرائح، وهو ما وضح في ظاهرة نفوذ شعبان عبد الرحيم – في ذلك الوقت- وسط الطبقات الأغنى والشرائح العليا.
ومع ثورة 2011، كان هذا التوجه جلياً، وقاد شباب الطبقة الوسطى المجتمع من أجل مواجهة سياسية، تبنى خلالها رموز سياسية واجتماعية للطبقات الأفقر.
ومع انكسار أو تراجع أو أزمة أو انكشاف (سمها كما شئت بحسب توجهك السياسي) ثورة 25 يناير، كان البديل في بطل عابر للطبقات يعبر عن مركب جديد اجتماعياً، هو البطل حامل التناقضات الشرير والطيب، القاتل والحنون، حلم البلطجي الجميل.
ملامح أقرب لمواصفات ابن الأحياء الشعبية مع ثقافة التحدي انطلاقاً من قاعدة لا شر ولا خير ولا نصر ولا هزيمة، البطل المنتشي بانتصاراته وثرواته.. هل ننسى قصة سيارات محمد رمضان قبل عام؟
إن ظاهرة محمد رمضان قد تبدو غريبة على السالكين في طريق الأربعينيات اليوم، فأبناء السبعينيات جيل توافق تشكيل وعيه الاجتماعي والسياسي مع "يوتوبيا" البحث عن التغيير في البطل الطيب والمنتصر سواء كان عادل إمام أو أحمد زكي.
إن صعود محمد رمضان بتركيبته الجديدة المعبرة عن وعي كتلة جديدة من الشباب بمثابة الصدمة التي تم استقبالها في البداية برفض قبول تواجده أصلاً– كما حدث مع الأسطورة أحمد عدوية-، ثم النقد العنيف وأخيرا قبول التعايش من منطق الضرورة.
مع غياب محمد رمضان عن شاشات الفضائيات في دور البطل، فإن جيله صنع له بطولته عبر الإعلانات وتحول إعلانه للتبرع للمرضى هو الخبر الأهم (بمقاييس القراءة والاهتمام) في رمضان 2017.
ما علاقة ما سبق بالعنوان.. ما هي ضرورة التفلسف الزائد والحديث عن النافذة الديموجرافية ومحمد رمضان؟ .. هذا لسان حال القارئ
عودة على بدء فإن مصر دخلت منذ نهاية العقد الماضي وبالتحديد في 2009 مرحلة هامة من مراحل التحولات السكانية والاجتماعية وهي مرحلة "النافذة الديموجرافية" أو كما يحب علماء اجتماع تسميتها "الهبة الديموجرافية".
هذه المرحلة يبدأ فيها ارتفاع فرص النمو الاقتصادي مع ارتفاع نسبة الأشخاص في سن العمل بالتوافق مع تراجع نسبي في معدل الخصوبة يقلل معها نسبة الإعالة في المجتمع.
بقول آخر أن يكون لدينا نموذجان الأول الأسرة مكونة من 5 أشخاص أب وأم يعملان وثلاثة أبناء اثنين منهما يعملون بأجر، وبالتالي تصبح الأسرة بها 4 أشخاص يحصلون على دخل شبه ثابت/ أي أن 80٪ من الموجودين بالمنزل الواحد يحصلون على دخل.. في مقابل النموذج الثاني أسرة تتكون من 8 أفراد والد ووالدة و6 أبناء يعمل منهم الأب واثنان فقط من الأبناء أي أن 35٪ فقط من الأسرة يحصلون على دخل.
وعندما تزيد نسبة النموذج الأول عن النموذج الثاني فإنه يعني بدء دخول المجتمع مرحلة الهبة الديموجرافية، واستقبال المجتمع مجموعات جديدة من الشباب أكثر وعياً وأكثر استقراراً مقارنة بالأجيال السابقة، فهي لديها طموحات أكبر بكثير سياسية واجتماعية واقتصادية.
إن مصر ديموجرافيا واجتماعيا دخلت مرحلة النافذة الديموجرافية في 2009، – وفكرة أنها هي التي قادت لثورة 2011 حديث هام ومؤجل –، وهي مرحلة تتوافق على مستوى البنية الفوقية صعوداً لبطل عابر للطبقات والشرائح الاجتماعية، حيث يتشابك استقرار الطبقة الوسطى النسبي، -بعيداً عن ندب طبقتنا المعتاد من تراجعها ومعاناتها وتأكلها–، مع استقبال شبابها ضيوفا جددا من أبناء الطبقات الشعبية والأفقر، فاتجه شباب الطبقة الوسطى بشكل غير واعي لاستقبال رموز هذه الطبقات الشعبية بالترحاب في سياق صناعة الهوية المشتركة لجيل من الشباب دخل مرحلة "النافذة الديموجرافية".
وتصادف أو صنع (كل طرف يراها حسب هواه السياسي) هذا الجيل تحولاً سياسياً كبيراً في 2011، ولكنه لم ينجح في أن يفرض أجندته لأسباب عدة ليس هذا محلها، فبحث عن بطل أو رمز يعبر عن الطبقات الأكثر فقرًا، ولكنه بطل غير مغلوب على أمره بل يتحدى مجتمع الآباء في الشكل وفي الهوية وفي رفضه للهزيمة، ولا يحلم بيوتوبيا بل أكثر واقعية من الأبطال السابقين.
في هذا السياق، المركب اجتماعياً وسياسياً كان المتحدث فنيا عن "النافذة الديموجرافية" هو محمد رمضان بكافة سماته الشكلية والموضوعية.
وفي النهاية لماذا هي "نافذة دموجرافية" وليس "هبة ديموجرافية" كما يحلو لمعظم علماء الاجتماع تسميتها؟ لأنها مرحلة قد تستمر لعقود ولكنها تغلق في النهاية مع بدء عملية تحول ديموجرافي جديد وهي النضج الديموجرافي، وهيمنة الكبار على التركيبة السكانية، وعندها سنعود للبطل الممثل التقليدي للطبقة الوسطى المتعايشة كما مثله نجيب الريحاني في الأربعينيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.