بدء المؤتمر الصحفي للهيئة الوطنية لمتابعة غلق اللجان وبدء الفرز بجولة الإعادة للمرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    محافظ الإسكندرية يستقبل سفير ألمانيا لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك    ممثلة روسيا: واشنطن تستعد لمشاركة بوتين المحتملة في قمة مجموعة العشرين العام المقبل    توروب يعلن قائمة الأهلي لمباراة سيراميكا كليوباترا    ضبط شخص لحشده ناخبين مقابل مبالغ مالية بدائرة مركز طنطا    الداخلية تكشف حقيقة نقل ناخبين بسيارة في المحلة    حمزة نمرة يبهر جمهوره بمقطع من أغنية "يا ليالي"    هيئة الاستعلامات: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تجارية بحتة وفق اعتبارات اقتصادية    بيلاروسيا تعلن نشر صاروخ أوريشنيك الروسى الفرط صوتى على أراضيها    محاربة الشائعات    الجنائية الدولية: عقوبات أمريكا على عضوي المحكمة اعتداء صارخ على استقلال هيئة قضائية    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    عضو "شركات السياحة": لا سياحة حقيقية دون منظومة نقل متكاملة    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    جدول امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب النقل والشهادة الإعدادية بالجيزة .. اعرف التفاصيل    رسميا.. الدوحة تستضيف نهائي «فيناليسيما» بين إسبانيا والأرجنتين    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    عبد اللطيف صبح: 55% من مرشحى الإعادة مستقلون والناخبون أسقطوا المال السياسى    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    تشكيل نابولي المتوقع أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    في خطابه للأميركيين.. ترامب يشنّ هجوما قويا على بايدن    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    البرلمان تحت الاختبار.. بين ضغوط الأسعار وحصن الأمن القومي    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو والصور- من مُتحدي الإعاقة للمواطنين.. ''الشارع لنا''
نشر في مصراوي يوم 02 - 04 - 2017


تصوير- جلاء المسري وعمر جمال:
ارتكزت يدا حمادة محمود على عجل الكرسي المتحرك، جمع شتات عقله، أوشك العرض على البدء، التقط بعض المتفرجين صورا بالهواتف، واكتفى آخرون بالتعجب مما يرونه؛ عدة شباب يتحركون بسلاسة في شارع الشواربي بوسط المدينة، بعضهم مُصاب بإعاقة جسدية، آخر بمتلازمة داون، وفيما تلصصت أعين المارة، نفّذ العارضون ما تعلموه على مدار أسبوعين، لا تعنيهم نظرات الشفقة أو السخرية، فقط الانطلاق مؤقتا داخل حكاية الرقصة، قبل العودة لأرض الواقع.
ضمن فاعليات مهرجان "دي كاف" قُدمت أمس 3 عروض للرقص المعاصر، بأداء مشترك بين متحدي إعاقة وأسوياء. منذ عام 2015 يسعى المهرجان لتسليط الضوء على دور ذوي الاحتياجات الخاصة في الفن وإشراكهم في التعبير عن أنفسهم لتغيير المفاهيم الخاطئة والسلبية حولهم.
في عام 2003 كان محمود ما زال في الخدمة كأمين شرطة "حصلت حادثة سببتلي شلل في النصف الأسفل". اسودّت الدنيا في وجه ابن سوهاج ذو ال33 عاما، ظن أن الموت اقترب "بس مع الوقت أدركت إن الموت هييجي لو سبت نفسي للزعل والضيق". قرر النزول للحياة، مارس رياضة السباحة"وأخدت تاني جمهورية مع جامعة القاهرة السنة اللي فاتت".
تبدو كلمة الرقص ضخمة في ذهن ابن الصعيد "متخيلتش إني أنزل الشارع أعمل عرض أبدا"، لكنه حضر العام الماضي المهرجان وشاهد العروض، فلمعت الفكرة في ذهنه، رشّحته مؤسسة الحسن التي تأسست عام 2011 لدعم مُتحدي الإعاقة، التحق بالتدريب لمدة أسبوعين في مطلع مارس "كنت عارف إني هخاف.. لما طلعت على المسرح محستش بحاجة".
"مكعبات" هو العرض الذي شارك فيه أمين الشرطة سابقا، والذي يحكي عن العوائق التي تقابل ذوي الاحتياجات الخاصة، ويأتي مع عرضين آخرين هما "زقزقة عصافير" و"مربع البداية"، إذ شاركت منة الله محمد في الأخير للمرة الأولى ذلك العام.
في البداية اعترت الرهبة الشابة من النزول للشارع "في العرض بتاعي انا بس اللي على كرسي فحاسة إن كل النظرات ناحيتي"، خاضت تدريبات الرقص في استديوهات عماد الدين "عشان كنت عايزة أجرب حاجة جديدة"، ظنّت أن تقديم عرض راقص بُصحبة أشخاص ليسوا أصحاب إعاقة سيُعقّد الأمر "بس بالعكس اتبسطت جدا من حالة الدمج.. حسيت إنهم بيساعدوني أخرّج الطاقة وانا كمان بساعدهم".
تُعاني الفتاة شلل الأطفال منذ 28 عاما، غير أنها لم تقتنع يوما باختلافها "وانا عندي 12 سنة كنت بدور على نادي ألعب فيه رياضة"، سمعت تعليقات سخيفة عن حالتها الجسدية، غير أنها استطاعت الاشتراك في رفع الأثقال.
من الثاثة عصرا وحتى التاسعة مساءً استمر التدريب على الرقص، ومع مجيء اليوم الموعود سرت الرجفة في جسد المؤدية "كنا في مقعد السلطان قايتباي يوم الجمعة ودي كانت أول يوم عرض.. هي منطقة شعبية وناس كتير بتشوفنا"، استجمعت منة الله قواها، أنصتت لكلمات مُدربتها الأيرلندية "قالتلي أنا عمري ما شفت حد عنده إرادة زيك.. انا هرشّحك تسافري لندن لعروض مشابهة"، طار قلب الشابة من الفرحة، دلفت العرض وفي قلبها يقين أن الإعاقة لن تكسرها، وما أن انتهى العرض حتى لاقى ما قدمته استحسان الموجودين.
في وسط البلد اتسعت حلقة متابعي عروض مُتحدي الإعاقة. شيئا فشيئا خرج أصحاب المحلات بدافع الفضول، أطل سكان العمارات من الشرفات، وقف البعض متسائلا عن فحوى ما يحدث "دة رقص معاصر.. حركات بنوصّل منها رسايل للناس"، قالها شاب لأحد المارة، بينما قرر آخرون الاقتراب والتشجيع عن قرب؛ اختلفت هيئاتهم، بين سيدات مُسنّات، طفل يعمل في شارع الشواربي، أم بصُحبة ابنتها، تتقلب تعبيراتهم بين عدم الفهم، والبهجة حينما ترقص أجساد العارضين، ثم يعلو تصفيقهم مع انتهاء العروض التي لا يزيد زمن الواحد منها عن 15 دقيقة.
بين العارضين تطاير فستان روان هشام الأزرق، ابتسمت بخجل حينما يتمايل جسدها بالتوازي مع الموسيقى، ومن الكواليس شاهدتها والدتها بفخر "تعبنا خلال ال3 أسابيع دول جدا". لم تقتنع الفتاة ذات ال16 عاما بالمشاركة في العروض "انا معلماها إنه ممنوع الرقص في أي حتة.. فهي مكنتش فاهمة إزاي أقولها تعالي اتعلمي؟"، لم تتفاعل الابنة المصابة بمتلازمة داون في البداية "كنّا نروّح البيت تقولي إيه الهبل ده؟"، لكن مع الوقت اندمجت مع الآخرين "بقيت أسمعها تدخل الأوضة وتتدرب وتكلم نفسها.. ساعتها اتأكدت إنها مبسوطة باللي
بتعمله".
على مقربة من والدة روان، وقف كامل رجب، المخرج المساعد لعرض "زقزقة العصافير" الذي يضم الفتاة وآخرين. توتر بدا على وجه رجب، تغلب عليه بالتفاعل مع الراقصين تارة، وبالعبث في لحيته أخرى، وبمجرد انتهاء العرض حتى احتضنهم جميعا "الناس دي عندها براءة رهيبة وقدرات مش عندنا". واجه الشاب تحديات خلال تدريبهم "إني أحافظ على علاقة كويسة بيهم وفي نفس الوقت يبقى في سيطرة عشان الشغل يطلع كويس" يحكي رجب بينما يركض أحمد-أحد المشاركين- تجاهه، سائلا إياه بأسى إن كان ذلك العرض هو الأخير، فيرد عليه بالإيجاب.
عقب انتهاء "زقزقة العصافير" خرج محمود مجدي كالمنتصر في معركة كُبرى. تلقّى الثناء على العرض بسعادة بالغة، متذكرا كيف قاده المرض لذلك اليوم "عملت حادثة من 10 سنين وفضلت مكتئب في البيت 3 سنين مبخرجش"، أرغمه العلاج الطبيعي على الذهاب للمستشفى "هناك شفت ناس أسوأ مني كتير وعايشين حياتهم فحسيت إني ممكن أعمل حاجة"، من وقتها خاض الشاب كل ما صادفه من نشاطات.
"انا نفسي ذوي الاحتياجات الخاصة اللي يشوفونا يكسروا الخوف ويتحركوا.. نفسي نقولهم إنهم لسة عايشين"، قلب الرقص حياة مجدي، صار أشجع في مواجهة المحيطين، التحق بكلية التجارة في الجامعة المفتوحة، أصبح الخروج للشارع أمرا يسيرا "هيبقى أصعب من الرقص يعني؟"، لا يعبأ بنظرات الشفقة التي يلحظها، ولا بالذين يتعجبون من خوضه العروض الحركية، رفع سقف حلمه ملتحقا بمدرسة رقص معاصر، عزم الاستمرار فيها، هكذا يضمن قُربه من الخفة طوال العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.