يقول متابعون للأزمة السورية، إن أحد مفاتيح الحل السياسي في جيب كل من المملكة العربية السعودية وإيران، ولكن مع تصاعد الخلاف بين الرياضوطهران إلى درجة إعلان القطيعة بين البلدين، قد يعود بالحل إلى المربع صفر مرة أخرى. فالسعودية تدعم بالمال والسلاح فصيل كبير من المعارضة السورية التي تسيطر على مساحات كبيرة من ريف دمشق، فضلا عن اتهامات لسعوديين بتمويل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أما إيران فتدعم بشكل كبير سياسيا وعسكريا نظام الرئيس السوري بشار الأسد. كما تقود المملكة العربية السعودية تحالف عسكريا لدعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ضد جماعة أنصار الله الحوثية الشيعية المدعومة من إيران وأنصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح منذ نهاية مارس الفائت. وقطعت كل من السعودية والبحرين والسودان علاقاتها مع إيران بينما خفضت الإمارات تمثيلها الدبلوماسي، واستدعت الكويت سفيرها لدى طهران، بعد ان هاجم واقتحم محتجون السفارة السعودية في طهران وأضرموا النيران في أجزاء منها، وأيضًا القنصلية السعودية في مشهد احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر ضمن 47 شخصا اخرين أدينوا بالإرهاب والتحريض. وحددت الأممالمتحدة 25 يناير الجاري موعدا مستهدفا للمحادثات. لكن دمشق رفضت هيئة جديدة للمعارضة تشكلت للإشراف على المفاوضات كما تريد المعارضة خطوات لبناء الثقة من جانب الرئيس بشار الأسد وهو مطلب قد يعقد الجهود الرامية لبدء المحادثات. "مسؤولية طهرانوالرياض" الدكتور نصر الحريري، عضو الهيئة السياسية بالائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة، يقول إن الأزمة السعودية - الإيرانية، سيكون لها "تأثير بكل تأكيد على الحل السياسي للأزمة السورية، فالدولتان لاعبان مهمان في القضية"، مضيفا أن إيران دعمت نظام الأسد سياسيا وماليا وعسكريا ل"ارتكاب المجازر بحق شعبه الأعزل". ويضيف الحريري، في اتصال هاتفي مع مصراوي من تركيا، أن "إيران سعت بكل الطرق نحو إفشال أي حل سياسي خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر الرياض ومخرجاته التي نصت على ضرورة رحيل بشار الأسد وإخراج كل الميليشيات من سوريا وعلى رأسهم الحرس الثوري الإيراني". ويصف عضو المكتب السياسي بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، موقف المملكة العربية السعودية تجاه الأزمة السورية ب"المُشرّف"، موضحا أنها "سعت بكل الطرق لإيجاد حلا سياسيا للأزمة، كما أنها دعت الجامعة العربية ومجلس الأمن وكل القوى الإقليمية نحو تطبيق قرارات جينيف (1) والتي أفشلتها إيران بالتعاون مع النظام السوري". وعن رأيه في تأثير الأزمة على المفاوضات المقبلة، قال الحريري إنه يتمنى نجاح المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي، لكنه يتوقع الفشل نظرًا لعدم جدية النظام السوري المدعوم بقوى إقليمية مثل إيران وروسيا. في المقابل، أعلن المعارض السوري هيثم مناع، أمين عام تيار "قمح"، أنه "لم يحضر مؤتمر الرياض لوجود ممثلين لفصائل متهمة بالإرهاب، مثلما اعترض على وجود أعضاء آخرين ليس لهم تمثيل في الشارع السوري، وعلى عدم توجيه أي دعوة للاتحاد الوطني الديمقراطي الكردي، والجيش السوري الديمقراطي الذي يضم العرب والأكراد". وفي رسالة أرسلها إلى مجلس الأمن الدولي وأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون تتعلق بتمثيل المعارضة السورية في مؤتمر الرياض، أكد مناع الذي يترأس مجلس "سورية الديمقراطية"، أن المجتمعين في مؤتمر الرياض يفتقدون لأي تمثيل واقعي على الأرض والميدان السوري، قائلاُ: إن مجموع ما تسيطر عليه كل الجماعات العسكرية التي حضرت مؤتمر الرياض لا يعادل 5 % من الأراضي السورية، فكيف يمكن التفاوض على وقف إطلاق النار في غياب قوات سورية الديمقراطية التي تسيطر على 16% من الأراضي السورية. واعتبر مناع أن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية استبعد مكونات هامة جدا من المعارضة السورية وذلك لأسباب سياسية وتحالفات إقليمية معطيا الأولوية وحصة الأسد لجماعات المعارضة الموالية لتركيا، وقطر والسعودية . "محادثات مهددة" السفير السعودي لدى الاممالمتحدة عبد الله المعلمي، نفى أن تؤثر الأزمة مع إيران على جهود السلام في المنطقة. وقال المعلمي إن بلاده "ستواصل العمل بشكل جاد على دعم السلام في سوريا واليمن". وأضاف المعلمي "سنشارك في المحادثات المقبلة حول سوريا المقررة مبدئيا اعتبارا من 25 يناير في جنيف برعاية الأممالمتحدة". وألقى المعلمي باللوم على ايران بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية للسعودية ودول عربية أخرى، مشيراً لما فيه من خرق لقوانين الدبلوماسية. وقال إن" السعودية قد تعيد النظر في العلاقات الدبلوماسية مع ايران عندما تقرر الأخيرة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى بما فيها السعودية". كما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن التوترات الاقليمية لن تؤثر على المحادثات الرامية إلى انهاء الصراع في سوريا. وأضاف الجبير بعد محادثات مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا، أن التوترات الأخيرة التي أثرت على المنطقة سلبا لن تؤثر على ما جرى الاتفاق عليه في فيينا أو على مسار الحل السياسي الذي تعمل الأممالمتحدة بجانب مجموعة الدعم الدولية على تحقيقه في جنيف قريبا. ولكن نائب وزير الخارجية الإيراني، قال يوم الأربعاء إن الخلاف الدبلوماسي مع السعودية سيؤثر على محادثات السلام السورية، مشيرا إلى أن حكومته ستبقى ملتزمة بالمحادثات. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن حسين أمير عبد اللهيان قوله "سيؤثر قرار السعودية الخاطئ على محادثات (سوريا) في فيينا ونيويورك لكن طهران ستبقى ملتزمة." أما مبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا قال إن السعودية عبرت عن إصرارها على ألا تعرقل التوترات مع إيران جولة جديدة من المحادثات الدولية الخاصة بسوريا والمقررة في جنيف هذا الشهر. وقال مبعوث الأممالمتحدة ستافان دي ميستورا في بيان عقب محادثات في الرياض مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير والمعارضة السورية "يوجد عزم واضح من الجانب السعودي على ألا يكون للتوترات الاقليمية الحالية أي تأثير سلبي على القوة الدافعة لعملية جنيف وعلى استمرار العملية السياسية التي تنوي الأممالمتحدة أن تبدأها في جنيف قريبا مع مجموعة الاتصال الدولية بشأن بسوريا." ولم يصف دي ميستورا موقف المعارضة السورية خلال الاجتماع لكنه قال "لا يمكننا أن نتحمل نتيجة خسارة هذه القوة الدافعة برغم ما يحدث في المنطقة." عروض للوساطة عرضت تركيا التدخل لتهدئة التوتر بين السعودية وإيران الذي تلا إعدام الشيخ الشيعي السعودي نمر النمر. وحثّ رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو الثلاثاء كلا البلدين على اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية لحل الخلاف بينهما. وقال: "القنوات الدبلوماسية يجب أن تعطى فرصة فورا، ونحن مستعدون لتقديم أي مساعدة بناءة للوصول إلى حل"، وفقا لما نقلته وكالة رويترز عن أوغلو خلال اجتماع للهيئة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم. كما عبرّ وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفريّ عن استعداد بلاده للتوسط لحل الأزمة الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية. وقال الجعفري متحدثا في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، في طهران: سيخسر الجميع إذا سمح للتوتر أن يتصاعد.