شهدت الأسواق حالة انفلات غير مسبوقة في الأسعار، خاصة أسعار المواد الغذائية، مما استدعى تدخل أجهزة الدولة المختصة بعدة إجراءات لوقف موجة الغلاء ومواجهة المتسببين فيها. وهنا بدأت الدولة ممثلة في وزارة التموين، بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، في طرح السلع الغذائية بأسعار مخفضة لإجبار التجار على خفض الزيادات غير المبررة في الأسعار. وقد أعلنت الشركة العامة لتجارة السلع الغذائية بالجملة التابعة لوزارة التموين خفض أسعار السلع الغذائية بجميع فروع الشركة مع تقديم عروض متنوعة معبأة في كراتين ك "وجبة متكاملة "تلبي احتياجات الأسرة وفق عددها ونمط استهلاكها بأسعار تتراوح بين 15 جنيها و 27 جنيه بحسب مكونات كل عبوة. "مطروح لنا" تجول في المجمعات الاستهلاكية التابعة للدولة للتعرف على مستوى الأسعار الجديدة، وتوقعات المواطنين حول نجاح هذه الإجراءات لمواجهة موجة الغلاء. خفض الأسعار يشير وجدي عزيز، مسؤول المبيعات بمنفذ دلتا ماركت التابع للشركة العامة لتجارة السلع الغذائية بالجملة، إلى انخفاض الأسعار بنسب تتراوح بين 10% و 15% حيث انخفض سعر كيلو اللحم الطازج من 57 جنيها للكيلو إلى 50 جنيها، كما انخفض سعر كيلو الدجاج المستورد إلى ثلاثة جنيها، فأصبح سعر الكيلو 19 جنيها بدلا من 22 جنيها، وانخفض سعر الأرز والسكر والمكرونات فقد تراوحت بين 50 قرشا و75 قرشا عن سعرها السابق. ويضيف وجدي عزيز أن هذا التخفيض يأتي على أسعار البيع الأصلية بالمجمعات والتي كانت تعتبر أقل أيضا من أسعار السوق، لذلك إذا قارنا هذه الأسعار الجديدة بالأسعار التي يتم البيع بها في السوق الحرة بالأسواق ومحلات السوبر ماركت فإن نسبة التخفيض تكون أكبر. تجار الجملة ويؤكد المقدم إسلام عمارة، رئيس مباحث التموين، استمرار الرقابة على الأسواق حيث يقود اللواء هشام لطفي، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن مطروح، حملات خاصة على المستودعات الخاصة بتجار الجملة لضمان عدم إخفاء السلع وافتعال أزمات تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتحقيق مكاسب شخصية على حساب المواطنين. كما تم وضع خطة لمتابعة منافذ التوزيع التابعة لوزارة التموين لضمان حصول كل مواطن على حقه في السلع الغذائية بالأسعار المخفضة المعلنة. أزمة الدولار ويقول محمد متولي، محام، إن هذا الغلاء الذي ضرب السلع الغذائية وغيرها مرتبط بالارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار في السوق السوداء بسبب مخطط إرهابي نفذه عدد من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، حيث قاموا بشراء الدولارات من المواطنين بأي ثمن من خلال السماسرة وشركات الصرافة التابعة لهم. وبعد أن وجهت الدولة عدة ضربات لكبار رجال الأعمال الإخوان وعلى رأسهم رجل الأعمال الشهير حسن مالك، تم تشديد الرقابة على شركات الصرافة، كما اتخذ البنك المركزي إجراء برفع سعر الجنيه بقيمة 30 قرشا دفعة واحدة. وبقيت آثار أزمة الدولار التي استغلها ضعاف النفوس من التجار لذريعة لرفع الأسعار. ويتوقع محمد متولي أن تؤدي هذه الإجراءات لخفض الأسعار وبخاصة أن الدولة تعتبر أن موجة الغلاء هذه المرة موجة مفتعلة ويقف وراءها أطراف لهم أجندات سياسية. محدود الدخل ويضيف المواطن خالد كامل، أعمال حرة، أن المواطن البسيط ومحدود الدخل هما الضحية دائما أمام أي ارتفاع في الأسعار، وأن أحد مسببات الغلاء هي عدم وجود سياسة موحدة لتسعير السلع، حيث أصبح الأمر متروكا لكل تاجر ليحدد السعر الذي يبيع به للجمهور، ولذلك فإن وضع أسعار مخفضة والإعلان عن تلك الأسعار سيجبر كثير من التجار على تخفيض أسعار البيع لديهم وإلا فستلحق بهم خسائر كبيرة. ويؤكد عبد الحميد عمر، مدرس، أن نجاح هذه الإجراءات لخفض الأسعار مرتبط بأمرين، الأول تعاون المواطن مع الدولة من خلال الحصول على ما يكفيه من سلع بأسعار مخفضة، وعدم الجور على حقوق الآخرين بشراء أكثر من احتياجاته بغرض التخزين، والأمر الثاني هو انتظام العمل بالمجمعات الاستهلاكية في عرض السلع المخفضة وعدم اعتبارها مجرد عروض وقتية تنتهي عند نفاذ الكمية، وكذلك افتتاح منافذ توزيع في الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية الكبيرة التي لا يوجد بها مجمعات استهلاكية. منافذ توزيع جديدة وتتمنى أم آية، ربة منزل بأن تتوسع الدولة في سياسة خفض الأسعار لتصل إلى الخضروات والفاكهة التي تشهد هي الأخرى موجة غلاء جنونية. كما تطالب مديرية التموين بالتعاون مع مجلس المدينة لشغيل أسواق الخضار كمنافذ توزيع للسلع المخفضة، خاصة بعد أن هجرها الباعة رغم أن الدولة خصصتها لهم بأسعار مخفضة جدا، لرغبتهم في العمل خارج أي رقابة في الأسواق العشوائية أو كباعة متجولين، وقد أصبحت هذه الأسواق شبه مهجورة. ضرورة تدخل الدولة ويقول أشرف النجار إن التجربة ما زالت في بدايتها وما أملكه هو أن أتمنى أن تنجح هذه الإجراءات في توفير السلع للمواطنين بأسعار معقولة، من خلال عودة دور الدولة المفقود مرة أخرى لخلق التوزان في الأسواق والتدخل في الوقت المناسب لصالح محدودي الدخل والفقراء، حيث ثبت بالتجربة الفعلية أن ترك أسعار السلع لآلية العرض والطلب، لا يستفيد منها إلا رجال الأعمال والمستوردين وكبار التجار وتكون الطبقات الكادحة والفقيرة هم أول الضحايا، لذا أوجه ندائي إلى اللواء علاء أبو زيد، محافظ مطروح، بضرورة التوسع في إنشاء وفتح المزيد من منافذ بيع السلع والمواد الغذائية لإنقاذ البسطاء من المواطنين.