حلم باليوم الذي سيجمعهما "عش الزوجية"، بعدما نشأت بينهما علاقة حب، وأراد أن يُكمل حياته مع الطائر الذي أحبه، وجعل ضلوعه قفصًا ومهجته عشًا، وها هو ذلك الحلم يتحقق، بعد تقدمه لخطبتها، وموافقة أهلها، وأصبح يشعر بأن الحياة بدأت تبتسم له. أحب "إبراهيم" زوجته "نورا" حبًا جمًا، واتخذها رفيقة لحياته، وأخذ يُهرق على قدميها عرق جبينه ودم قلبه، واضعًا بين كفيها ثمار أتعابه وغلة اجتهاده، حتى رزق منها بطفلين. لكن رويدًا رويدا بدأ هذا الحب تنطفأ شمعته، فلم يستطع أن يلامس قلبها بشعلة الحب أو يشبع روحها من الخمرة السماوية التي يسكبها الله من عيني الرجل على قلب المرأة. وبدأت المشكلات الزوجية تعرف طريق "عش الزوجية"، وأصبحت المشادات هي السمة السائدة بينهما، وتكرر مشهد ترك الزوجة للمنزل والذهاب لمنزل أسرتها التي نشأت بين جدرانه، لكنها كانت تعود مرة أخرى مثل الطائر الذي يعود إلى عشه ليرعى صغاره ويطعمهم ويلبي احتياجاتهم بضغط من الأهل والأقارب. لكن "السايس" كان من أولئك الرجال الذين يتسرعون بإظهار محبتهم أو مقتهم للناس ثم يندمون على تسرعهم بعد فوات الوقت عندما تصير الندامة مجلبة للسخرية والاستهزاء بدلاً من العفو والغفران. وانتبه فجأة، فيجد قلب محبوبته الذي حاول ابتياعه بمجاهدة الأيام وسهر الليالي، قد أعطي مجانًا لرجل آخر ليتمتع بمكنوناته، ويسعد بسرائر محبته، لما لا وزوجته خرجت من المنزل عقب مشاجرة بينهما، دون معرفة وجهتها. وهرول الزوج إلى قسم شرطة بولاق الدكرور، طالبًا لقاء رجال المباحث، وتم السماح له بالدخول لمكتب المقدم هاني الحسيني، رئيس المباحث، وتقدم ببلاغ باختفاء زوجته منذ 4 أيام. وفور عودته لمنزله، جلس يسترجع الذكريات الجميلة التي عهدها مع والدة طفليه، ممسكًا برأسه محاولاً الإجابة على سؤال ظن أنه لن يكون له إجابة، لكن مع غروب الشمس، سمع صوت طرق الباب، وإذا بقلبه يحدثه بأن الطارق شخص طال انتظاره إنها "نورا". سؤال تلو الآخر، والزوجة تفضل الصمت، حتى انفرط عقد لسانها، وانهال سيل من الكلام الذي كان بمثابة الرصاص الحي، يخترق جسد "إبراهيم" الضعيف، حتى استوقفها لثوانٍ معدودة ليسألها "انتي كنت فين؟". "طلقني"... كلمات وقعت على أذن السايس كالرعد، لتنبعث من عينيه الحزينتين نظرات موجعة تتكلم بالسكينة عن انسحاق قلبه، ليقرر تنفيذ رغبتها "انتي طالق". لكن بمجرد رحيلها عن "عش الزوجية"، شعر الزوج بانقباض صدره، ليشعر وكأن نصيبه من الفرحة انتهى، ويقرر بمساعدة الأهل إقناع "نورا" بالعودة لعصمته، ونجح بالفعل في ذلك. جلسا سويا بوسط المنزل، وتبادلا أطراف الحديث، حتى سألها "انت كنت فين لمدة 4 أيام؟"..أخذت الزوجة "جرعة" من الجراءة، وكانت إجابتها صادمة "أنا على علاقة مع شخص آخر، وكنت قاعدة معاه". تصاعد الدم إلى وجهه، وصبغ بشرته المتجعدة بلون قاتم، وكبرت عيناه، وجمدت أجفانه، وأحدق دقيقة كأنه رأى أمامه "شيطانًا" قد انثق من العدم جاء ليميته، وإذا به يصفعها على وجهها. أسرعت الزوجة إلى المطبخ، واستلت سكينًا، وطعنت زوجها في بطنه، لكنه أمسك بالسكين من يدها، وانهال عليها بطعنات متفرقة بجسدها، لتسقط غارقة في دمائها، على مرآى ومسمع طفليهما. أصوات الصراخ والعويل في مكان، هرع الجيران لمعرفة ماذا يدور بهذه الشقة البسيطة، وحال دخولهم وجدوا الأول يتألم من الطعنة التي أصابت بطنه بجرح عميق، وبجواره زوجته غارقة في بركة من الدماء، وتم نقلهما لمستشفى بولاق الكرور العام. ولفظت المجني عليها أنفاسها الأخيرة فور وصولها للمستشفى، وتم التحفظ على المتهم تحت حراسة مشددة من الشرطة لحين علاجه، ومن ثم سماع أقواله.