الكتاب المدرسي ونظيره الخارجي.. معركة تشتعل بينهما وسط الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور في كل عام، ما بين من يرى أن الكتاب المدرسي هو المصدر الوحيد للنجاة من هول الامتحانات، بينما يرى آخرون أنه لا مانع من اللجوء إلى الكتاب الخارجي لتبسيط المعلومة وفهمها بشكل جيد وهذا الرأي في الغالب يتبناه الطلاب الراغبين في الحصول على أعلى النتائج. "ولاد البلد" استطلعت أراء الطلاب والمعلمين بالفيوم لمعرفة أسباب الجدل المستمر بين الكتابين. الكتاب المدرسي معقد ومعلوماته مبهمة يقول أحمد صلاح, طالب بمدرسة عين شمس الثانوية بنين, إن معظم المعلومات بكتاب المدرسة غير محددة بعكس الكتاب الخارجي منظم المعلومات، مشيرًا إلى أن عدم التنظيم والتقسيم وطريقة عرض المعلومات تختلف جدًا عن الكتاب المدرسي . وأضاف صلاح أنه حتى المدرس يلجأ للشرح من الكتاب الخارجي بسبب غموض المعلومات بالكتاب المدرسي وعدم استيعاب ما بداخله بشكل جيد لذلك يضطر للشرح من الكتاب الخارجي. وأشار كريم عصام, طالب بمدرسة عين شمس الثانوية بنين, إلى أن الكتاب المدرسي معقد, وأنه لا يفهم سر هذا الإختلاف الكبير برغم من أن نفس المؤلف الذي يضع كتاب المدرسة هو من يضع الكتاب الخارجي, متسائلآ لماذا تتغاضى وزارة التربية والتعليم عن هذا الشكل الذي يظهر تأخرها بمراحل عن المستوى الذي يساعد الدولة على التقدم. وطالب عصام الوزارة بوضع حلول للمشكلة التي تعتبر إبتزازًا لولي الأمر، وتحمله فوق طاقته من المنظومة التعليمية فقط, مشيرًا إلى ارتفاع أسعار الملازم والكتب الخارجية التي وصفها بالعملية التجارية الإجبارية, فلا يوجد ولي أمر لا يريد أن يتفوق ابنه. وتقول تقوى شعبان, طالبة بمدرسة أم المؤمنين الثانوية بنات, إنها لا تعتمد بشكل دائم على الكتب الخارجية، ولكن تستعين بها عندما تجد صعوبة في فهم جزئيات من الكتاب المدرسي, فتكون مضطرة للكتاب الخارجي, مشيرة إلى أن معظم أسئلة الامتحانات تأتي من الكتاب المدرسي. وأضافت شعبان أن الطلاب يجب أن يركزوا اعتمادهم على الكتاب المدرسي، والالتزام به أولآ لمساعدة المدرسة على تأدية عملها بجودة عالية وعودة دورها المعروف. معلمين: العائد المادي مختلف بين الكتاب المدرسي والتجاري تقول إبتسام أحمد, معلمة لغة عربية, إن كتاب المدرسة يحبط العملية التعليمية بالمدرسة, موضحة أن الطالب يأتي للمدرسة بعد أن يكون بدأ الدروس الخصوصية بفترة ومشبع بالمنهج الذي شرحه له معلم الدرس الخصوصي والكتاب الخارجي, علاوة على أن الطالب يأتي للمدرسة في قمة الإرهاق بسبب السهر والمذاكرة, ولا يجد في المدرسة ما يجذب انتباهه, مشيرة إلى أنه أحيانًا تعتقد أن من يضع الكتاب المدرسي يعمل على زعزعة صورة معلمين المدارس ووضعهم في موضع الفشل أمام الطالب. وتابعت أحمد حال دخول المعلمين الفصل يجدون الكتب المدرسية ملقاة بأرض الفصل, متمنية أن يطور الكتاب المدرسي وينظم ليلائم المرحلة الحالية والعقلية السائدة بين طلاب هذا الجيل. فيما يرى محمود محمد, معلم تاريخ, أن الكتاب المدرسي تم تطويره عن ما قبل، حيث تم إمداده بعدد كبير من التمارين للطلاب وأنشطة وواجبات, ولكنه لم يصل إلى مستوى الكتاب الخارجي الذي يمتاز بالتنظيم والدقة والأسئلة الكثيرة التي توضح كل فقرة وكل جزئية خاصة بالمنهج, مضيفًا أن هذا الاختلاف برغم أن المؤلف هو نفس الشخص يعود إلى أن العائد المادي يختلف تمامًا بين الكتاب التجاري والكتاب المدرسي, لذلك المشرفين على وضع الكتب يختلف معيارهم في كتابة المعلومة بين الكتابين. كما لفت محمد رمضان, موجه عام دراسات اجتماعية, إلى أن الدولة تنتج الكتاب المدرسي مرتين، مرة تنتجه الحكومة في شكل الكتاب الذي يتسلمه الطلاب, والآخر تنتجه شركات القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هذا يكلف الدولة مبالغ كبيرة ويحمل ولي الأمر عبئآ آخر. وتابع رمضان: أن الحكومة يمكنها عمل مناقصة للشركات لإعداد الكتاب المدرسي تحت إشراف الوزارة, وهو ما سيساعد توفير ميزانية للدولة وللأسرة, أو تستعين الوزارة بخبراء التعليم التي تتبناها المؤسسات الكبرى لطباعة الكتب الخارجية في مختلف السنوات الدراسية، مقابل أجر مادي يغنيهم عن المكاسب التي يحصلون عليها. وتقول الدكتورة سامية السيد, مدير إدارة رعاية الموهوبين والتعلم الذكي, إنه لكي تستطيع إدراك العلاقة بين الكتاب المدرسي والكتاب الخارجي فلابد أن تبين ماهية كل منهما, مشيرة إلى أن الكتاب المدرسي هو الكتاب المقرر رسميَا من قبل السلطات المعنية، ويشتمل على حقائق أساسية استقرت في مجالها لتكوين رصيد المعرفة في المجال المحدد. أما الكتاب الخارجي والذي يسميه البعض بالكتاب المدرسي المساعد فهو كتاب غير رسمي, وينبثق مضمونه من الكتاب المقرر أصلآ, ووضع بشكل حر من قبل مؤلفين غير رسميين, ويجب ذكر أن الكتاب الخارجي يتضمن تجديدات في عرض المادة العلمية ويتسم بالإخراج الطباعي الجذاب, فهو يضع المعلومة ويبسطها بألفاظ وأساليب من عنده، ويضع أسئلة وإجابات نموذجية، تقربها من الفهم والاستيعاب. أولياء أمور: عملية استغلال واضحة والحكومة لا تحرك ساكنًا يقول حسين عبد الحميد, ولي أمر طالب, إنه مضطر كل عام لشراء كتب خارجية بما يقارب 500 جنيه، فضلا عن الكتب المدرسية التي يجبر على شرائها، بالرغم من أن معلمين الدروس الخصوصية يطبعون ملازم قبل بدأ الامتحانات. وأضاف عبدالحميد أنه بعد كل المعاناة تجد الطالب غير مستفيد منها، ويقرأ الكتب لينجح فقط دون الاستفادة التي تجعله زخرآ لوطنه، فبعد انتهاء الامتحان لا تسأل الطالب عما كتبه وما ذاكره طوال العام الدراسي فهو انتهى بالنسبة له. وتقول أميمة سعد, ولي أمر, إنها تشتري الكتب والملازم بناء على نصيحة المعلمين وطلبهم, وهذا ما يوضح عدم اعتراف المعلمين بالكتب المدرسية, وهو الأمر الذي يزيد من إرهاق ميزانية الأسرة وفي النهاية تباع هذه الكتب بالكيلو بمبلغ نصف جنيه, مضيفة أنها تبدأ الدروس الخصوصية لأبنائها قبل الدراسة بشهر مع عدم توافر الكتب المدرسية، والتي أحيانا تتأخر إلى بعد الدراسة بشهر فلا يستطيع الطالب الإلمام بالمنهج الدراسي، ما يجعل من الكتاب الخارجي منقذ للطالب. من جانبه أكد الدكتور السيد بسيوني, وكيل وزارة التربية والتعليم الصناعي بالفيوم, أن الكتاب المدرسي هو الأصل الذي يجب أن يعول عليه جميع الطلاب, وأن الكتاب الخارجي هو مساعد له يقويه ويدعمه، ولا يمكن أن يحل بديلا عنه, فإن هذه الإشكالية يمكن وضع حلول عملية لها، من خلال معالجة جوانب القصور في الكتاب المدرسي، والعمل على تطويره بحيث يكون جاذبًا للطالب. وأضاف بسيوني أن المعلم يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في جعل طلابه يقبلون على الكتاب المدرسي ويفضلونه عن الكتاب الخارجي، من خلال التوعية عن طريق لفت أنظار الطلاب إلى الرسالة الموجهة لهم في أول صفحات الكتاب والتي توضح أهمية وقيمة الكتاب, وتحفيز الطلاب على أن يكون الكتاب المدرسي ملازمًا لهم أثناء حضورهم الحصص المدرسية وعمل الواجب المدرسي في منازلهم. ولفت وكيل وزارة التربية والتعليم, إلى أنه إذا كان لا مفر من الاستعانة بالكتاب الخارجي فإنه يجب أن يأتي في مراحل تلي الكتاب المدرسي وليست متقدمة عليه, لأن هذا هو الطبيعي, مشيرًا إلى أنه يرى أن الأمر يستوجب تدخل لإصلاحه, مشددًا على أن تصدر الكتاب الخارجي للمشهد غير صحيح.