مازالت الأزمة السعودية الإيرانية، تلقي بظلالها على منطقة الشرق الأوسط وتزداد حدتها يوما بعد الآخر، فمنذ إعلان المملكة العربية السعودية قيادتها تحالفا عسكريا ضد جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن لدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، سارعت طهران بالإعلان عن رفض العملية العسكرية التي أطلق عليها "عاصفة الحزم". وتصاعدت حدة الخلاف بعد زعم إيران، "قيام شرطيين سعوديين في مطار جدة بالتحرش بمراهقين إيرانيين اثنين أثناء تفتيشهما"، وهو ما جعل إيران إلى استدعاء القائم بالأعمال السعودي لديها لتقديم مذكرة احتجاج. وطالب أعضاء في البرلمان الإيراني، بتعليق رحلات العمرة إلى السعودية احتجاجا على "الحادثة المزعومة". كما صدرت تقارير صحفية إيرانية متضاربة حول اتخاذ إيران لهذا القرار. البداية أعلنت المملكة العربية السعودية، نهاية الشهر الفائت وقبيل ساعات من انطلاق أعمال القمة العربية بشرم الشيخ، قيادتها عملية عسكرية لدعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ضد جماعة أنصار الله الحوثية وموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح تحت اسم "عاصفة الحزم" بمشاركة مصر والسودان والمغرب والأردن إضافة إلى الدول الخليجية قطر والإمارات والبحرين والكويت، عدا سلطنة عمان. وشنت طائرات التحالف العربي غارات جوية استهدف مقار وتجمعات للجماعة الحوثية، إضافة إلى مخازن السلاح التي يسيطر عليها الموالون للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وفي أول رد رسمي لإيران على عملية "عاصفة الحزم"، أدانت الخارجية الإيرانية في بيان العملية العسكرية ووصفتها بأنها "خطوة خطيرة" مشيرة إلى أن "العدوان العسكري السعودي" يتناقض مع القانون الدولي وينتهك "المسؤوليات الدولية والسيادة الوطنية". وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية مرضية أفخم في بيان أن هذا العمل العسكري يمكن أن "يزيد من تعقيد الوضع واتساع الأزمة والقضاء على فرص التوصل إلى حل سلمي للخلافات الداخلية في اليمن". ودعت أفخم إلى ضرورة تمسك الأطراف كافة بالحلول الوطنية الناتجة عن الاتفاق بين الأحزاب والكتل السياسية في اليمن، مطالبة في الوقت نفسه بوقف فوري للغارات الجوية وكافة الأعمال العسكرية التي تستهدف اليمن وشعبه وفق قولها. ويصف المسؤولون الإيرانيون ووسائل الإعلام الإيرانية، العملية العسكرية "عاصفة الحزم"، ب"العدوان السعودي" على اليمن، كما شَبّهها قائد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي "بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة". "حادث المطار" قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، إن وزارة الخارجية طلبت من السعودية مذكرة احتجاج واستدعاء القائم بالأعمال السعودي الإسراع في الإجراءات المتعلقة بمعاقبة من وصفتهم ب"المتهمين في الحادث الذي وقع في مطار جدة لمراهقين إيرانيين اثنين". ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، عن أفحم قولها، الأربعاء، إن "المسؤولين المعنيين في السعودية قد أعلنوا أنهم يتابعون هذه القضية"، والتي وصفتها " الحادث المرير المتمثل في الاستغلال الجنسي لمراهقين إيرانيين". وأضافت أنه وفقا لأخر المعلومات التي تلقتها القنصلية العامة الإيرانية في جدة حتى مساء أمس الثلاثاء، فان النتائج الأولوية لإجراءات مسؤولي السعودية، تشير إلى فتح تحقيق وتشكيل ملفا للمتهمين في إحدى المحاكم المعنية". وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، أن المسؤولين السعوديين أعلنوا اشمئزازهم لهذا العمل اللاأخلاقي حيث، أن القضية تمثل کرامة بالنسبة لهم وأن مرتكبيها سينالون العقاب الشرعي والقانوني بعد إثبات جريمتهم" – بحسب قولها. وفي السياق ذاته، ذكرت تقارير إيرانية، اليوم الأربعاء، أن مجموعة من نواب مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) يجمعون توقيعات لتصويت على قرار بوقف رحلات العمرة حتى إشعار آخر. وكانت مصادر دبلوماسية إيرانية قد ذكرت أن شرطيين بمطار جدة الدولي تحرشا بإيرانيين اثنين عندما كانا يفتشانهما ذاتيا للاشتباه بهما. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالمجلس محمد صالح جوکار القول إن هذا يأتي ''ردا على جريمة الشرطيين السعوديين تجاه المراهقين الإيرانيين''. وطالب النواب الرئيس حسن روحاني بإبلاغ السعودية احتجاج طهران على ''وقوع هذه الجريمة ومعاقبة من يتورط فيها بصورة جادة''. "حصار إيراني" ميدانيا، تواصل عاصفة الحزم عملياتها لليوم العشرين على التوالي، ويقول العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، إن طائرات التحالف تواصل شن غاراتها اليومية والتي وصلت إلى 120 غرة في اليوم الواحد، والتي تستهدف مقار الحوثيين وأنصار علي عبدالله صالح. وفيما يخص العمليات البرية، عسيري، أن الأمور لا تزال مستقرةً على كامل الحدود الجنوبية للمملكة، ولا يخلو الأمر من بعض المناوشات التي تقوم بها المليشيات الحوثية، مثل استخدام قذائف الهاون باتجاه المراكز الحدودية وفي مقدمتها قطاع نجران، وتقوم القوات البرية السعودية بالتعامل معها وفق ما تقتضيه الحالة، مع حرص القوات على استهداف مصادر النيران، وتجنب قصف المنطقة لوجود كثير من القرى والساكنين بها الذين لا علاقة لهم بهذه المليشيات، لافتا إلى أن عمليات الحظر البحري مستمرة على جميع السفن المتجهة من وإلى الموانئ اليمنية. أما إيران، فتواصل دعمها لبعض الجماعات التي تحاصر السعودية على حدودها المختلفة، فشمالا الدعم مستمر ومتواصل مع جماعة حزب الله اللبناني، إضافة إلى الدعم المادي والعسكري إلى الجماعات الشيعية في العراق وسوريا، وشرقا تدعم طهران الشيعة في مملكة البحرين شرق السعودية، فضلا عن الدعم المتواصل لجماعة أنصار الله الحوثية في اليمن جنوب السعودية.