تتجه الحكومة المقبلة في تونس إلى اعطاء الأولية لمعالجة الملف الأمني في البلاد مع تكليف الحبيب الصيد ذو الخبرات الواسعة في الأمن رسميا اليوم الاثنين بتشكيل فريقه الحكومي. وكلف الرئيس الباجي قايد السبسي الصيد بالانطلاق في تشكيل حكومته في أجل لا يتجاوز شهرا بمقتضى الدستور بعد ترشيحه من حزب الأغلبية حركة نداء تونس اليوم. وكان قياديون من حزب نداء تونس أعلنوا أن الاتجاه سيكون نحو تشكيل حكومة موسعة ولن تخضع للمحاصصة الحزبية. وفي كل الأحوال ستكون الحكومة الجديدة أمام تحديات هائلة أبرزها الأمن والاقتصاد. وينظر الى الصيد الذي تقلد عدة مناصب في نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي كشخصية مستقلة لكنها ذات خبرات واسعة في المجال الأمني إلى جانب طباع تغلب عليها الصرامة. وقال المحلل السياسي نور الدين المباركي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) ''اختيار الصيد يعطي قراءة أولى بأن الملف الأمني هو المفتاح الأول لباقي الأوليات الاقتصادية والاجتماعية بالأساس''. وأضاف المباركي ''لا يمكن جلب الاستثمارات من دون تحقيق استقرار أمني وفي ظل الجريمة والإرهاب''. وتم التوافق حول الصيد بعد مشاورات أجراها حزب حركة نداء تونس مع عدد من الأحزاب القريبة منه والتي يتوقع ان تشكل معه الأغلبية في البرلمان وهي حزب الاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس وحزب المبادرة. ولكن ينتظر ان يحظى أيضا برضا حزب حركة النهضة الاسلامية أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان لانتماء الصيد الى حكومة حمادي الجبالي المنتخبة بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011. والحبيب الصيد المولود عام 1949 مجاز في العلوم الاقتصادية ومتحصل على ماجيستير في الاقتصاد الفلاحي. وشغل عدة مناصب كمهندس وكمستشار ومدير في القطاع الزراعي قبل ان يشغل منصب مدير ديوان وزير الداخلية بين سنتي 1997 و2001. ثم شغل الصيد مناصب أخرى بوزارة الفلاحة حتى سنة 2003 وعين مديرا للمجلس الدولي للزيتون بإسبانيا. وتولى منصب وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية برئاسة الباجي قايد السبسي بعد الثورة في 2011 ثم مستشارا لرئيس الحكومة المنتخبة حمادي الجبالي بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي اجريت في أكتوبر من نفس العام. وأمام الصيد مهمة رئيسية تتمثل في مكافحة الارهاب وإرساء استقرار أمني مطمئن للمستثمرين وشركاء تونس في الخارج. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة المؤقتة الحالية نضال الورفلي لوكالة الأنباء الألمانية ''مع الانتهاء من وضع الركيزة الثالثة للدولة التونسية تكون تونس قد تخطت مرحلة الانتقال السياسي. لكن لإنجاح كامل المسار الانتقالي يجب اتمام مرحلة الانتقال الاقتصادي''. وأوضح الورفلي أن التحديات الكبرى ستكون مرتبطة بالمضي قدما في الاصلاحات بالقطاعين البنكي والجبائي والاصلاح المتعلق بمنظومة الدعم إلى جانب اصلاح المؤسسات العمومية التي تشكو من صعوبات كبيرة. وقال الورفلي ''الهدف الأول من الانتقال الاقتصادي هو تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وهذا مرتبط أولا بتوفير فرص العمل ودفع التشغيل وهذا لن يتحقق الا بزيادة الاستثمار العمومي والخاص''. وحددت الحكومة المؤقتة الحالية نسبة عجز في الميزانية في حدود خمسة بالمئة بالنسبة لعام 2015 لكنها حذرت من ارتفاعها الى تسعة بالمئة في حال لم تتخذ الإصلاحات اللازمة. كما توقع صندوق النقد الدولي ارتفاعا لنسبة النمو في تونس عام 2015 الى 7ر3 بالمئة مقارنة ب 8ر2 بالمئة لسنة 2014. وكان حزب نداء تونس تعهد في برنامجه الانتخابي بإنعاش الوضع الاقتصادي للبلاد تدريجيا والتقليص من حدة البطالة وبعث برامج عاجلة في المناطق الحدودية وفك العزلة عن الجهات الداخلية لكنه شدد على ضرورة تعزيز الامن في البلاد بما يساعد على جلب الاستثمارات الخارجية.