خرجت القمة الاقتصادية والاجتماعية بين الحكومة وارباب العمل واتحاد العمال في الجزائر التي عقدت يومي السبت والاحد، بقرارات تحفيزية لتحسين مناخ الاستثمار في الجزائر. وجاءت هذه القرارات في ختام ما اصطلح على تسميته "قمة ثلاثية" ضمت الحكومة ممثلة برئيسها احمد اويحيى وعدد من الوزراء، وارباب العمل ممثلين بثماني منظمات، والاتحاد العام للعمال الجزائريين (نقابة رسمية)، في حين لم تشارك النقابات المستقلة التي تقود الاحتجاجات والاضرابات منذ مطلع السنة. وفي افتتاح اعمال القمة السبت اعترف رئيس الحكومة ان مناخ الاعمال في الجزائر لا يشجع على الاستثمار الخاص، رغم الجهود الذي تبذلها الحكومة. وقال اويحيى "الحكومة تقول رسميا ان جو الاعمال في حاجة الى تحسين بدليل ان الجزائر تصنف في المرتبة 136 على 183 دولة في ما يخص مناخ الاعمال" مضيفا ان "هذا التصنيف اعده البنك الدولي بناء على دراسة بطلب من بنك الجزائر (البنك المركزي)". واضاف اويحيى "تعمدت ذكر هذا الموضوع في جلسة علنية للتأكيد على ان الحكومة ليست منغلقة في موقف المنتصر، فهناك انجازات في المجال الاقتصادي يجب أن تقال، كما ان هناك نقائص في نفس المجال ينبغي تداركها". واعتبرت الصحف الجزائرية الصادرة الاحد أن "اعتراف اويحيى بتدهور مناخ الاعمال في الجزائر هو في الحقيقة اعتراف بفشل الحكومة". وقالت صحيفة ليبرتي "ان اويحيى لم يعط الاسباب الحقيقية لهذا الوضع لأن ذلك يعني محاكمة سياسته حول حماية الاقتصاد الوطني الواردة في قانون المالية التكميلي 2009، وهي السبب الرئيسي لسوء مناخ الاعمال في الجزائر بحسب العديد من الخبراء" وما زالت الدولة هي المستثمر الاول في الجزائر باستثمارات خارج المحروقات بقيمة 1000 مليار دينار ( 14 مليار دولار) منذ كانون الاول/ يناير 2010، حسب اويحيى. وأول اجراء اتخذته الحكومة بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين خلال القمة الثلاثية، هو الغاء القرض المستندي، لتسهيل اجراءات استيراد المواد والتجهيزات الموجهة للانتاج بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية. ولا يخص الاجراء الواردات "الموجهة لبيعها على حالها، اذ ستظل خاضعة للقرض المستندي" كما جاء في البيان المشترك للقمة الثلاثية. وكان رئيس منتدى رؤساء المؤسسات رضا حمياني الذي تشارك منظمته لأول مرة في القمة الثلاثية، دعا السلطات الرسمية إلى ضمان "معاملة منصفة بين القطاعين العام والخاص و إضفاء الاستقرار على التشريع الاقتصادي، وإلغاء بعض الإجراءات التي تقف عائقا امام المنتجين على غرار القرض المستندي" بسبب تاخير عمليات التمويل ووصول السلع. واضاف "نريد من السلطات الرسمية ان تكرس العدالة في التعامل كقاعدة وان يكون هناك إنصاف في منح المزايا سيما في ما يخص الحصول على التمويلات والأراضي سواء للقطاع الخاص او العام". كما قررت الحكومة تحمل جزء من نسبة الفائدة على القروض الموجهة للاستثمار بحيث لا يدفع المستثمرون سوى نسبة 3,5 بالمائة من الفوائد بما ان "الخزينة العمومية تتكفل بتخفيض 2 بالمائة". واعلن بيان القمة الثلاثية ان "الحكومة تشجع البنوك على الابقاء على نسبة 5,5 بالمائة من الفوائد التي تطبقها على القروض الموجهة للاستثمار". وتطرق اويحيى في مؤتمره الصحافي لاعلان نتائج الاجتماعات الاقتصادية ايضا الى المواضيع السياسية والامنية في الجزائر. ونفى اويحيى الافراج قريبا عن آلاف الاسلاميين المسجونين في قضايا ارهاب في سياق مصالحة وطنية بخلاف ما قال الشيخ هاشمي سحنوني احد مؤسسي الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة. وقال اويحيى في المؤتمر الصحافي "انني انفي قطعيا هذه الاشاعة مع كامل احترامي للاخوة الذين اعلنوها". كما ذكر اويحيى بمواقف الجزائر من النزاع الليبي وتمسكها بقرارات مجلس الامن، رغم الاتهامات المتكررة من المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا للجزائر بدعم نظام القذافي. كما اتهم رئيس الوزراء "اللوبي المغربي الرسمي في واشنطن" بالوقوف وراء اتهامات ضد الجزائر بانها ترسل مرتزقة واسلحة الى ليبيا لدعم العقيد القذافي. وقال اويحيى ان "اللوبي الرسمي لجيراننا في المغرب +يقيم قيامة+ في واشنطن باننا نرسل مرتزقة واسلحة نحو الجارة ليبيا". وجاءت هذه القمة الثلاثية تحت عنوان تحسين المناخ الاقتصادي، وهي الاولى منذ 2009، أما القمة القادمة في ايلول/سبتمبر المقبل فستكون خاصة بالمسائل ذات الطابع الاجتماعي. وعادة ما تعلن زيادات في الرواتب وفي منح المتقاعدين خلال اجتماعات من هذا النوع، لذلك ينتظر الجزائريون كثيرا من قمة ايلول/سبتمبر للاستجابة للمطالب التي تم التعبير عنها في الاحتجاجات. وتشهد الجزائر منذ بداية السنة تظاهرات متواصلة منذ الاحتجاجات الدامية التي شهدتها عدة مدن في كانون الثاني/يناير وخلفت خمسة قتلى و800 جريح.