طرقات طويلة؛ امتلأ بعضها بماكينات تعمل وامتلأ معظمها بماكينات مُحطمة، طرقات لم تعد صاخبة بضجيج عمالها كما كانت من قبل، هجرها العمال الذين غزلوا فيها نسيجا ذات يوم، ولم يبق سوى قوائم خشبية يعلوها التراب ودعوات عامل على باب الله يرجو الفرج القريب. لقبها البعض بقلعة الصناعة المصرية وأكبر شركات الشرق الأوسط في إنتاج الغزل والنسيج ورغم ذلك تدهور إنتاج شركة الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى بعدما كان 70% قبل ثورة 25 يناير ليصبح 20% عقب ثورة 30 يونيو. ''مصراوى'' التقى عدد من العمال داخل الشركة لمعرفة أسباب تدهور الإنتاج لهذا الحد وتوقف أكثر من ثلثي الماكينات داخل الأقسام عن العمل. الخسارة مستمرة ''كمال الفيومي'' قيادي عمالي، أرجع سبب تدهور الإنتاج إلى فساد الإدارة منذ 2005 وسوء تسويق إنتاج الشركة والاختلاسات التي قامت بها الإدارات التي استحوذت على الشركة منذ 10 سنوات، مبينا أن مجلس إدارة الشركة فى السابق كان يقوم بتنظيم معارض لتسويق منتجاتها بمختلف محافظات الجمهورية لكن فى الوقت الراهن يتم بيع المنتجات والسلع القطنية بأسعار أقل من ثمنها الحقيقي مما يكبد الشركة خسائر مادية لا تعود بأى نفع لصالح العاملين بها. ''عدم توافر المواد الخام وركود في التسويق الداخلي والخارجي'' هي أسباب أخرى ذكرها ''الفيومي'' لتدهور الشركة، لافتا أن رجال النظام السابق يسعون لخصخصة الشركة كنوع من تصفية الحسابات مع عمالها وتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب هذا القطاع العريض من العمال فتصبح حالة العاملين بها أسوأ كحال عمال الشركات التي تم ضمها للقطاع الخاص في الثلاثة عقود الأخيرة. أما ''محمد العطار'' نقابي عمالي أضاف أن ''شبح التشريد وتوقف مصانع الشركة وهبوط استثماراتها ومبيعاتها أصبح أزمة واقعية تنهش فى رأس مال الشركة ويهدد عمالها بالضياع''، وذلك فى ظل تخطى حاجز خسائر الشركة نحو أكثر من نصف مليار جنيه طبقا للتقارير الذى كشف عنها جهاز المحاسبات المركز في منتصف 2012. ونتيجة لتلك الخسائر فقد قدم العمال لمفوض عام الشركة الحالي ''أحمد ماهر'' مذكرة توصي بتدخل فوري لإيقاف خسائر الشركة التى ارتفعت قيمتها أضعاف ما يتم تدوينه بتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات؛ حيث تتميز شركة المحلة بتنوع مصانعها الإنتاجية فى قطاعات الغزل والنسيج والصوف والملابس الجاهزة وغيرها مما يعد إضافة تحقق مصدر دخل قومي ضخم يدعم كيان الدولة إذا تم الالتفات إليه وعلاج كافة قصور المنظومة الإدارية بالشركة وإعطاء عمالها حقوقهم المهدورة خلال السنوات الماضية. ورغم الخسائر التي تمر بها الشركة إلا أنها تواجه منافسة شرسة مع الشركات الدولية في الصين والهند وألمانيا، وذلك لتميز المنتج الخارجي بالجودة العالية والسعر الرخيص بينما ارتفعت أسعار الغزل في مصر حتى وصلت لنسبة 300% زيادة فأثر ذلك سلبا على منتجات الشركة وجعلها تتراكم داخل المخازن وعلى إثر ذلك أوقفت بعض المصانع 80% من ماكينات الغزل وانخفض الإنتاج. كنتيجة لملابسات تدهور الشركة فقد قدمت العديد من النقابات العمالية عقب ثورة 25 يناير عدد من المطالب أهمها منع تصدير القطن، تثبيت أسعار الغزل ووقف الدعم المخصص للغزل المصدر مع زيادة الدعم المقدم للغزل المخصص للسوق المحلي وإلغاء نسبة ال 5? الجمارك المفروضة علي الغزل المستورد، لكن هذه المطالب لم تنفذ حتى الآن. العمال.. في انتظار حل مصنع سجاد المحلة هو أحد أقسام شركة غزل المحلة الرئيسية، ورغم ذلك فهو لازال يقوم على الإنتاج اليديوي الذي يؤخر الإنتاج لمدة تصل لأربعة أشهر للسجادة الواحدة، ويؤثر ذلك بالتالي على دخل العمال. الاستياء والمعاناة هما الكلمتان التي عبر بهما العمال في مصنع غزل السجاد بسبب عدم مراعاة قطاع الغزل والنسيج الذى يعد من أفقر القطاعات وأقلها راتبا بينما عمال مصنع السجاد تتجاهلهم جميع الجهات المعنية والتنفيذية التابعة للقطاع العام على الرغم من تقاضيهم أنصاف أجورهم من صندوق طوارئ القوى العاملة على خلفية عدم تبعية مصنع السجاد لمجلس إدارة شركة غزل المحلة التابعة للشركة القابضة للصناعات الغزل والنسيج بينما يتبع الاتحاد التعاوني للصناعات. من جانبه صرح مدير عام الجمعية التعاونية لمصنع السجاد ''فتح الله صالح'' أن المصنع يضم أكثر من 500 عامل وعاملة تخصصوا فى صناعة أجود أنواع السجاد وهو ''الأوبيسون'' والذي تستغرق صناعته وقت طويل يمر على العمال الذين يعانون من نقص في الموارد المادية والذين لا يتعدى حلمهم سوي الحصول على أجورهم الشهري بصفة مستمرة والتي يصل أدناها إلى 400 جنيه وأقصاها إلى 600 جنيها شهريا. ''رفع أجور العمال ومستواهم المعيشي أسريا لن يتحقق سوي من خلال اندماج مصنع السجاد مع باقي مصانع شركة غزل المحلة'' قال ''رزق'' مبينا أن الجمعية منتجاتها يدوية تأخذ مدة إنتاج القطعة الواحدة منها أحيانا سبعة شهور. وأوضح ''رزق'' أنه يتم صرف حاجز أكثر من 500 ألف جنيه شهريا كمرتبات وتأمينات ومستلزمات للإنتاج وضرائب وأنه من الصعب توفير تلك الأموال مما يهدد حياة ومصير أسر العمال بالتشرد لعدم حصولهم على مرتبهم وتقاضي معظمه من وزارة القوى العاملة. وشدد ''محمد العطار'' عامل بجمعية مصنع السجاد أن المصنع يتبع النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج وخامات التصنيع تكون من صوف وقماش شركة الغزل ولائحة الجزاءات المطبقة علي الجمعية نفس لائحة عمال الشركة متسائلا ''كيف لا يتم معاملة عمال مصنع السجاد والعاملين بالجمعية مثل عمال شركة الغزل فى المساواة في الحقوق وجميع الامتيازات والعلاوات والحوافز الشهرية''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة...للاشتراك...اضغط هنا