أكدت مذكرة النيابة العامة بالطعن بالنقض على أحكام البراءة الصادرة في قضية مجزرة بورسعيد أن النيابة تنعي على هذا الجانب من الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. وأوضحت أن المحكمة اكتفت بالقول بأنها أسست حكمها بالبراءة لبعض المتهمين استنادا لعدم وجود دليل تطمئن إليه المحكمة في ثبوت الاتهام ضدهم ولعدم توافر أركان الجريمة الثابتة بأمر الإحالة في حقهم بعدم قيامهم بارتكاب افعال مادية بشأن وقائع القتل العمد و الشروع فيه والسرقة بالإكراه والشروع فيها والتخريب والبلطجة. وأكدت مذكرة النيابة العامة التي أعدها المستشار محمود الحفناوي، المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام، أن الجانب المتعلق بتبرئة بعض المتهمين جاء في عبارات عامة وفي صورة مجملة مجهلة، على نحو لا يحقق الغرض الذي قصده المشرع من استيجاب تسبيب الأحكام. وأشارت المذكرة أنه من المستقر عليه بقضاء محكمة النقض أن الحكم، ولو كان صادرا بالبراءة، يجب أن يشتمل على الاسباب التي بني عليها بصورة تفصيلية والا كان باطلا، وأن المراد بالتسبيب المعتبر هو تحديد الاسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له، سواء من حيث الواقعة أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب ان يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به. وأوضحت النيابة أن محكمة الجنايات قد أغفلت العديد من الأدلة من أقوال الشهود وتحريات المباحث المؤكدة لها، واعترافات المتهمين على بعضهم البعض، وهي ادلة دامغة ومؤثرة في القضية ولا لبس فيها ولا غموض.. مشيرة إلى أنه كان يتعين على المحكمة الرد عليها قبل طرحها جانبا وتبرئة ساحة المتهمين من تلك الجرائم، ومن ثم يكون حكمها متناقضا قاصر البيان ومخالفا للثابت في الأوراق.
وأضافت النيابة العامة أن المحكمة برأت المتهمين المشتركين في الجريمة من الضباط والقيادات الشرطية "تارة لعدم توافر الادلة في حقهم وتارة أخرى لقيامهم بالواجب الملقى على عاتقهم بإبلاغ مدير الأمن بحالة الاحتقان وباعتزام المتهمين على قتل المجني عليهم". ولفتت إلى أن المحكمة قد أغفلت أن المتهمين من الضباط كانوا مشمولين جميعهم في أمر الخدمة ومحدد لكل منهم تكليفات وأدوار يجب الالتزام بها ومن بينها تأمين جمهور النادي الأهلي، مما كان يستلزم التواجد بمحل خدمتهم، ألا أنهم لم يقوموا بأداء واجباتهم عن عمد منهم، لتمكين المتهمين من الاجهاز على المجني عليهم. وعرضت المذكرة التي أعدها المستشار محمود الحفناوي، المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام، للأدلة التي حوتها أوراق التحقيقات المؤيدة لصحة ذلك الاتهام المتمثل في اشتراك هؤلاء المتهمين من القيادات الشرطية بالمساعدة في الجريمة والأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكابها، بوقوفهم موقف المتفرج امام الاحداث الدامية التي أعقبت المباراة. وأكدت النيابة أن المتهمين من القيادات الشرطية لم يقوموا باتخاذ أي إجراء من إجراءات التفتيش لجمهور النادي المصري، بما فيهم الروابط المشجعة لهم، سواء حال دخولهم للاستاد أو أثناء تواجدهم بالمدرجات المخصصة لهم، على الرغم من كون هذا الأمر من صميم اختصاصاتهم ومنوط بهم التفتيش لضبط أي شيء خارج علي القانون. كما أكدت النيابة أنهم لم يصدروا أية تعليمات بضبط اية أسلحة أو العاب نارية حال إحراز المتهمين لها والتي كانت بحوزتهم قبل الواقعة واستخدموها بالفعل في ارتكابها.
وذكرت مذكرة النيابة أن الاجتماع الذي عقد بمديرية أمن بورسعيد للإعداد لترتيبات المباراة، تم الاتفاق فيه بين قيادات الأمن على الاكتفاء بتفتيش الجمهور ظاهريا حتى لا يحدث احتكاك معهم، فضلا عن سماحهم بتواجد العناصر الإجرامية بمضمار الملعب على أنها لجان شعبية تساعدهم في حفظ الأمن بالإستاد، وذلك خلافا للوائح والقوانين المنظمة لذلك. وأضافت النيابة أن المتهمين (من القيادات الشرطية) وقفوا موقف المتفرج وامروا قواتهم بعدم التدخل وأصدروا تعليمات بضبط النفس وعدم تدخل القوات في الأحداث التي سوف تجري - على الرغم من علمهم اليقيني بحدوثها - أيا كانت تلك الاحداث، وعلى الرغم أيضا من مشاهدتهم للمتهمين وهم يجتاحون المدرج الشرقي ويعتدون علي المجني عليهم ويسرقونهم بالإكراه.. فأحجموا عن مساعدة المجني عليهم وتمكين المتهمين من الوصول إليهم بالمدرج بالأسلحة والأدوات التي كانت بحوزتهم. وأكدت مذكرة النيابة بالطعن بالنقض، أنه قد ثبت من واقع الأسطوانات المدمجة التي تحتوي اللقطات المصورة لأحداث المباراة، تخاذل رجال الأمن المركزي عن نجدة المجني عليهم وإفساحهم الطريق للمتهمين للصعود إلي المجني عليهم، فضلا عما جاء بأقوال الشهود المؤكدة لذلك، مما تتوافر معه الأدلة الدامغة على ارتكاب المتهمين (الذين قضي ببراءتهم) لتلك الجريمة.. لافتة إلى أن بعض ضباط الأمن المركزي قاموا بمحاولات فردية لنجدة المجني عليهم، وقالوا بذلك في التحقيقات، مما يقطع بضلوع قائد الأمن المركزي في عدم القيام بواجبه، وتمكين المتهمين من الإجهاز على المجني عليهم. وأضافت المذكرة أنه لولا ذلك الإخلال من جانب المتهمين في تأدية واجباتهم الوظيفية والامتناع العمدي عن أدائها، لما حدثت الجريمة، مما يدل ذلك جميعه أن المتهمين كان لهم دورا جوهريا في تأمين المجني عليهم ولم يقوموا بهذا الدور نهائيا. ولفتت إلى انه فيما يتعلق ببراءة مسئولي النادي المصري محسن مصطفي شتا ومحمد صالح محمد، فقد اسست المحكمة حكمها ببراءتهما على عدم توافر دليل على اشتراكهما في الجريمة، في حين أنه ثابت من مطالعة الأوراق ان المدير التنفيذي للنادي المصري (شتا) هو المنوط به تحديد اماكن جلوس الجماهير وعددهم، وثبت أن اعداد جمهور النادي المصري تفوق أعداد جمهور النادي الأهلي بكثير.
وأوضحت النيابة أن شتا قام بإجلاسهم (جماهير المصري) بالقرب من جماهير النادي الاهلي حتى يسهل الوصول اليهم بعد المباراة، فضلا عن أن الغرفة المخصصة لألتراس المصري بالمدرج الغربي كان بها اسلحة بيضاء وألعاب نارية وادوات استخدمت في الاعتداء على المجني عليهم وقتلهم والشروع فيه وسرقتهم بالإكراه وترويعهم وتخريب الأملاك العامة والخاصة وهذا جميعه يقع تحت مسئولية المدير التنفيذي للنادي المصري. وأضافت النيابة أن مدير الأمن بالنادي المصري محمد صالح محمد قام بمساعدة البلطجية في التواجد بكثافة بمضمار الملعب، وأن ذلك ثابت من مشاهدة الاسطوانات المدمجة وما بها من مشاهدات له حال تواجده برفقتهم اثناء حدوث التعدي منذ بداية المباراة وحتي نهايتها. مما يكون معه المتهمون جميعا من رجال الشرطة ومسئولي النادي المصري الصادر بشأنهم حكم البراءة قد ضلعوا في الاشتراك في هذه الجريمة ويكون الدليل في الأوراق دامغا ومؤكدا على اشتراكهم فيها، ويكون حكم المحكمة بشأن هؤلاء المتهمين قد جاء قاصرا في التسبيب، ومن ثم يكون باطلا في هذا الشق من الحكم لان التسبيب المعتبر يجب أن يحدد الاسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة له سواء من حيث الواقعة أو من حيث القانون لكي يحقق الغرض منه وقد جاءت اسباب الحكم مجملة مجهلة كما جاءت في عبارات عامة.